المشاهد نت

تنظيم “داعش” هل ينشط بعد سيطرة الانتقالي على مدن الجنوب؟

تعز – أحمد عبدالله:

عاد ملف ما يُعرف بـ”تنظيم داعش”، للظهور، وبقوة، في المشهد اليمني، بعد تراجعه خلال الأشهر الماضية، عقب تنفيذ الحكومة اليمنية كثيراً من الحملات الأمنية ضده، وهو ما أكده كذلك موقع مشروع النزاع المسلح، في تقرير له صدر منتصف العام الماضي.
وتبنّى هذا التنظيم، مؤخراً، عملية استهداف قسم شرطة بمديرية الشيخ عثمان بالعاصمة المؤقتة عدن، التي أسفر عنها سقوط 13 شرطياً، وفق رواية وزارة الداخلية، في بيانها الذي نُشر في وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.
وآخر العمليات التي تبناها التنظيم، كانت اغتيال الشاب محمد رمسيس، في منتصف الشهر الجاري، بحجة انتمائه لقوات مكافحة الإرهاب، باستخدام بندقية آلية على رأسها كاتم للصوت.
أعقب ذلك الهجوم الذي تعرضت له مديرية الشيخ عثمان، إعلان اليمن الانضمام للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، وذلك بعد مرور أكثر من 4 سنوات على تشكيله في سبتمبر 2014، ويضم قرابة 80 دولة، بينها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد مكافحة الإرهاب هاجسها الأول، بعد الهجمات التي طالتها عام 2001، وخلفت مئات القتلى والجرحى.

بداية خجولة

 أواخر العام 2014، ظهر “تنظيم الدولة” في اليمن، وبسبب سوء السمعة التي تميز بها منذ ظهوره في العراق والشام -على وجه الخصوص- منبثقاً من تنظيم القاعدة، لم يجد حاضنة مجتمعية جيدة في البلاد، بخاصة مع تبنيه كثيراً من العمليات الوحشية في المنطقة.
طوال سنوات الحرب في اليمن، لم يكن حضور تنظيم “داعش” واضحاً، لكنه كان يظهر في المشهد من حين لآخر، وتحديداً في المحافظات الجنوبية، وتبنى كثيراً من العمليات الإرهابية، بينها قتل جنود وتفجير مساجد.
جعل تذبذب ظهوره بذلك الشكل، كثيراً من المراقبين يعتقدون أنه ورقة تقوم أطراف عدة داخلية وإقليمية ودولية، بتحريكها، بما يتلاءم مع مصالحها التي ترمي إليها.
تزايدت المخاوف مؤخراً من السيناريو المنتظر، بعد ظهور اسم “ولاية اليمن” في تسجيل مصور، إلى جانب ملفات أخرى، بيد زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.

من يحرك “داعش”؟

يبدو انضمام اليمن مؤخراً للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بالنسبة للباحث في الشؤون السياسية عدنان هاشم، أنه تم بطلب سعودي إماراتي.
فهو يعتقد، في حديثه مع “المشاهد”، أن السعودية تسعى لتثبيت وجودها في المهرة، والإمارات في عدن وسقطرى وشبوة، وبحجة مكافحة الإرهاب ستبرر وجودها بانضمامها إلى ذلك التحالف.
وأكد أن “تنظيم الدولة” في اليمن، كيان طارئ ظهر مع الحرب، ولم يتم التأكد بعد من مدى قدراته العسكرية والمخابراتية، أو الحصول على مصدر معلومة من عملياته في اليمن، وهو ما يجعل تحركه بناء على مصالح أطراف عدة.
وبحسب الباحث اليمني، فتعرُّض “داعش” لهجمة كبيرة من “القاعدة”، في البيضاء، وتوقُّف عملياته في جنوب البلاد، منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يثير الكثير من التساؤلات حول من يتبنى العمليات باسم التنظيم أو بقدراته وعملياته.

الإعلامي الخياطي : ملف “داعش” صار وسيلة الإمارات للتحكم في الجنوب، ومنافسة نفوذ السعودية في تلك المناطق.

أبعاد الانضمام

يتفق مع ذلك الطرح، الإعلامي في قناة “الجزيرة”، عبدالكريم الخياطي، الذي قال إن ذلك الإعلان جاء متأخراً، وله بُعد سياسي بضغط سعودي يرمي إلى إعطاء التواجد السعودي في المهرة ومناطق يمنية بُعداً أمنياً دولياً، وشرعية بقبول يمني، فضلاً عن إيصال رسالة مفادها قيام الرياض كذلك بتسلم حتى الملف الأمني الخاص بمكافحة ذلك التنظيم، الذي حاولت الإمارات أن تنفرد به، وكذا توضيح أن انسحاب أبوظبي من مناطق عسكرية لصالح المملكة، صاحبه انسحاب أمني.
وأضاف الخياطي لـ”المشاهد”: يعتقد الكثيرون أن الحكومة اليمنية بإعلانها ذاك، تريد أن تسحب البساط من الحوثيين والإماراتيين الذين لطالما اتهموها بالتهاون أو التواطؤ مع تواجد القاعدة و”داعش”، وهو ما قابلته بالإنكار، برغم تواجد متطرفين في مناطقها.
واستدرك: لكن الإمارات والحوثي كانا قد نجحا في إظهار تواجد خلايا في مناطق عززوه بقيام “داعش” ببعض العمليات الإرهابية.

إقرأ أيضاً  ضحايا الابتزاز الإلكتروني من الفتيات

العصا الغليظة

في سياق متصل، يشير الخياطي إلى ارتباط السياسة الأمنية اليمنية بجارتها السعودية منذ الثمانينيات، وزاد الترابط بعد تدخل التحالف العربي في اليمن، الذي حول كثيراً من الملفات إلى خاصة بوزارتي الداخلية والدفاع السعوديتين.
ويقول: يبدو أن ملف “داعش” صار وسيلة الإمارات للتحكم في الجنوب، ومنافسة نفوذ السعودية في تلك المناطق، وبالقرب من البيضاء، مُدللاً على ذلك بالقول: دخلت القوات الإماراتية والنخبة الحضرمية إلى المكلا بحضرموت، في يوم واحد، وانسحب مقاتلو “القاعدة” دون ضحايا من الطرفين، وبخاصة قائد “القاعدة” خالد باطرفي، الذي يُتهم بالارتباط بالمخابرات السعودية.
ذلك الانسحاب يُعتقد أنه كان إشارة لانسحاب سعودي من حضرموت وأبين وما حولهما، لصالح الإمارات التي قدمت نفسها للأمريكان كشريك أساسي لمكافحة “داعش” في البيضاء وغيرها، وأنه لولاها لتم تهديد المنافذ البحرية القريبة من خطوط الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وتحول الاهتمام بذلك التنظيم بدلاً من “القاعدة”؛ استجابة لظروف تخص النفوذ أبوظبي، وبسبب انشغال الإعلام العالمي بالتنظيم الجديد والأكثر توحشاً، بحسب الخياطي.

حضور مُبكر

بينما يختلف قليلاً مع وجهتي النظر هاتين، رئيس تحرير موقع “اليمن الجمهوري”، كمال السلامي، الذي يعتقد أن “داعش” في اليمن لايزال غاية في الغموض، وقام بعمليات إرهابية قبل حضور الإمارات في بلادنا ضمن إطار التحالف العربي، في مارس 2015.
يحاول “داعش” -كما ذكر السلامي لـ”المشاهد”- الاستفادة من بعض الارتباكات الأمنية، كما حدث مؤخراً في عدن، فقد حاول التنظيم جس النبض عقب إعلان الإمارات الانسحاب، من خلال تبني الهجوم على قسم شرطة الشيخ عثمان.
يدل الصحفي اليمني على استخدام داعش من قِبل كثير من الأطراف، بحديثه عن خدمة التنظيم للحوثيين في كثير من الأحياء بصنعاء.
وزاد: “اختُرقت التنظيمات الإرهابية في اليمن، منذ وقت مبكر، واستخدمتها بعض السلطات التي حكمت صنعاء، لترويع الداخل، وابتزاز الخارج”.
لكنه في الوقت ذاته يستبعد أن يكون للتحالف أو أي من أطرافه مصلحة في تحريك التنظيم، بحجة أنه قد يكون هناك من يستخدم المتطرفين لإثبات أن المناطق التي تمت استعادتها من قِبل التحالف، أصبحت مرتعاً لهم.

مخاطر مُحتملة

كما هو معروف، فقد استطاعت الولايات المتحدة شن هجمات مختلفة على القاعدة في اليمن، باستخدام طائرات مسيرة، وذلك في إطار تفاهمات واتفاقيات تمت مع النظام السابق، لكن الأمر تطور، ففي منتصف يونيو الماضي، أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الكونجرس، عن نشر عدد محدود من العسكريين الأمريكيين في اليمن، لمحاربة تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.
في صعيد ذلك، يرى الإعلامي الخياطي أن ذلك القرار قد يفضي إلى نتائج أمنية جيدة، لكنه رجح أن يتسبب في تورط الجيش اليمني في معركة كان يؤخرها لبعد استعادة صنعاء، فضلاً عن قدرة السعودية على تكثيف تواجدها العسكري في مناطق خارج إطار الحرب مع الحوثيين.
ولم يستبعد نجاح دول (لم يسمها) لا تقبل بـ”الشرعية اليمنية” في الدفع بخلايا داعشية مخترقة أمنياً لإلحاق الضرر بالجيش.
من جانبه، لا يعتقد هاشم أن تستفيد اليمن من التواجد ضمن هذا التحالف الدولي، عدا زيادة في أجندة الفاعلين الإقليميين والدوليين في البلاد، وهي خطورة كبيرة تزيد الصراعات، وتفتعل الكثير من الحروب الصغيرة. لافتاً إلى الحاجة لموافقة البرلمان على هذه الخطوة، وهو أمر صعب بالنظر إلى الوضع الحالي.
الجدير ذكره أن وزارة الخزانة الأمريكية، أضافت “داعش” فرع اليمن، في مايو 2016، إلى اللائحة السوداء للتنظيمات الإرهابية، كما لا يوجد له قيادات واضحة أو أماكن تمركز محددة.

مقالات مشابهة