المشاهد نت

كيف أثرت حرب اليمن على عمال الأجر اليومي؟

عمال الأجر اليومي في اليمن أكثر المتضررين من الحرب - صورة أرشيفية متداولة

صنعاء – محمد المخلافي

يخرج الحاج عبدالإله، 58 عامًا، من المنزل السادسة صباحًا كل يوم، ويتجه إلى شارع الرباط بصنعاء. في ذلك المكان، ينتظر ساعات لعله يحصل على عمل.
بناء المنازل هي المهنة التي يجيدها عبدالإله، ومنها يستطيع إعالة أسرته المكونة من 8 أفراد.

العشرات من العمال يتوافدون إلى أماكن محددة بصنعاء، وينتظرون أصحاب الأعمال. يتقن كل شخص منهم مهارة، مثل البناء أو السباكة أو الطلاء. لكن فرص العمل ضئيلة، والعديد منهم يعودون إلى مساكنهم بعد ساعات من الانتظار، بدون فائدة.
يقول عبدالإله لـ«المشاهد»: “أعود معظم الأيام إلى المنزل قبل الظهر، وقد أحرقتني الشمس، دون أن يلتفت إليّ أحد. هذه الأيام، أشتري الدقيق، والسكر، والأرز بالكيلو نظرًا لوضعي المادي الصعب”.

منذُ اشتعال الحرب في 2015، ارتفع مستوى البطالة في اليمن إلى نحو 60%، وهي النسبة الأعلى في المنطقة العربية، واعتبر البنك الدولي اليمن من أفقر البلدان في العالم، وأقلها نموًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

فقد عدد كبير من العمال العاملين بالأجر اليومي أعمالهم جراء توقف مشاريع البنية التحتية، والمشاريع التنموية الممولة بمنح أو قروض خارجية، بالإضافة إلى توقف تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتراجع الاستثمار العقاري في المدن السكنية.

واقع مخيف

يونس سعيد، 30 عامًا، يقول لـ«المشاهد»: “أستيقظ كل صباح، وأذهب للبحث عن عمل في مهنتي التي أعمل بها (التّلييس). أحتاج توفير القوت الضروري لأطفالي، ودفع إيجار الشقة. كنت أذهب إلى مجمع العمال كل يوم، ولكن دون فائدة”.

قرر سعيد ألا يعتمد على عمل واحد فقط، حيث استأجر دراجة نارية ليعمل عليها بعد عودته من مجمع العمال، وبذلك استطاع توفير قيمة الخبز والاحتياجات الأساسية. لكن المعاناة لم تنتهِ لأن العمل على الدراجة وفر له الأكل والشرب، ولم يستطع توفير الإيجار بانتظام.

يضيف سعيد: “أصبحت الحياة متعبة جدًا، الواقع يخوفني ويشتت ذهني، البلاد في فوضى، والناس عاجزة، وفرص العمل شبه منقطعة. مللنا ونحنُ ننتظر العمل، وساءت أحوالنا، ومازلنا نبحث عن الرزق الحلال”.

إقرأ أيضاً  لحج: «الكثبان الرملية» تودي بحياة مرتادي الطرق

يقف الكثير من العمال العاملين بالأجر اليومي على أرصفة الشوارع في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات، وهم يحملون أدوات عملهم، وينتظرون فرصة عمل تمكنهم من توفير متطلبات المعيشة لأطفالهم.

نبيل الشرعبي، محلل اقتصادي، يقول لـ”المشاهد“: “قبل بدء الحرب، كانت الحكومة تخصص موازنة استثمارية، تتفاوت نسبتها ما بين 12 و18% من إجمالي الموازنة العامة السنوية للدولة، وتخصص موازنة لمشاريع البنية التحتية، كما كان هناك مئات المشاريع الممولة، وهذا الأمر كان يخلق مئات الآلاف من فرص العمل للعاملين بالأجر اليومي، وبسبب توقفها فقد الكثير من العمال مصادر دخلهم”.

ضياع حقوق العمال

قبل اندلاع الحرب، كان هناك عدد من الكيانات التي اهتمت بقضايا العمال مثل اتحاد العمال اليمنيين، وجمعية المقاولين والمعماريين اليمنيين، ونقابة العمال بالأجر اليومي، ونقابة السباكين، ونقابة الكهرباء، لكنها أصبحت شبه غائبة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي تسبب بمضاعفة معاناة العمال.

يتحدث الشرعبي عن الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، ويقول: “غالبًا، يتم سلب حقوق العمالة في قطاع البناء والتشييد والإنشاءات، فلا تأمين مخاطر، ولا حقوق أو امتيازات، ولا تعويضات. خلال سنوات الحرب، كُشفت كل الشعارات الزائفة، بعد أن وجد العامل اليمني نفسه وحيدًا، وبدون حماية”.

إن عدم وجود كيان منظم وفعال يحمي هذه العمالة، ويعالج إشكالية شحة الأعمال، تسبب في رفع معاناة العمال الذين يلعبون دورًا مهمًا في إنجاز مشاريع البُنى التحتية العامة والخاصة، وآلاف المباني مقابل أجور بسيطة، بحسب الشرعبي.
رغم كبر سنه، مازال الحاج عبدالإله يبحث عن العمل كل يوم في مجمع العمال بصنعاء، ولا تنقصه المهارة أو القدرة، وما يحتاجه فقط هو الحصول على فرصة عمل.

مقالات مشابهة