المشاهد نت

مخاطر استمرار انقسامات مجلس القيادة الرئاسي

غياب العمل على هدف استعادة الدولة يزيد مخاطر انقسامات المجلس الرئاسي

عدن- بشرى الحميدي

في إبريل 2022، أعلن الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي تنازله عن منصبه، وتفويض هيئة مكونة من ثمانية أعضاء تحت اسم “مجلس القيادة الرئاسي”. أصبح المجلس السلطة الشرعية الأعلى في اليمن، ومعترفا به من قبل الأمم المتحدة.

نص إعلان المجلس الرئاسي آنذاك أن من ضمن مهامه الدخول في مفاوضات مباشرة مع جماعة الحوثي (أنصار الله)- تسيطر على السلطة في أغلب مناطق شمال اليمن منذ نهاية 2014 – والشروع في مفاوضات سياسية تمهيدا للوصول للحل النهائي للأزمة اليمنية. 

في ذلك الوقت، أعتقد الكثير من اليمنيين أن المجلس الرئاسي سيعمل على إنهاء الانقسامات بين القوات المناوئة لجماعة أنصار الله ( الحوثيين )، وسيقدم إصلاحات اقتصادية ويحسن الخدمات العامة، مثل الماء والكهرباء في مناطق سيطرته.

في الأيام الأولى من عمل مجلس القيادة الرئاسي، لم تظهر الانقسامات سريعا بين أعضائه، ولكن مع مرور الوقت، انتهى الانسجام الشكلي، وأصبح الصراع واضحا بين أعضاء المجلس، واستمرت الانقسامات الداخلية في التصاعد، ولم يحقق المجلس إصلاحات اقتصادية ملموسة حتى الآن، بحسب خبراء وباحثين سياسيين.

يقول الخبير الإقليمي السابق في فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي حول اليمن، فرناندو كارفاخال، في حديث لـ “المشاهد”: “هناك انقسامات واضحة بين أعضاء المجلس على أسس سياسية، وليس على أسس جغرافية فقط، حيث يمثل ثلاثة أعضاء في المجلس مصالح المحافظات الجنوبية، وهي المناطق المحررة التي يكافح فيها المجلس الانتقالي الجنوبي لتعزيز نفوذه ضد حزب الإصلاح والقوى السياسية الشمالية الأخرى”

يتابع كارفاخال: “يمثل أحد الأعضاء حزب الإصلاح، وهو ما يمثل ضربة كبيرة للحزب الإسلامي السني منذ الوحدة، أما الأعضاء الثلاثة الآخرون، بمن فيهم رئيس المجلس، فهم أعضاء في المؤتمر الشعبي العام، ويمثلون تحديا كبيرا لكل من حزب الإصلاح والفصيل الجنوبي. ويخشى كلا الفصيلين السياسيين عودة المؤتمر الشعبي العام وتعزيز نفوذه في تعز وفي جميع أنحاء الجنوب”.

يرى كارفاخال أن المملكة العربية السعودية لم تتمكن من إصلاح انقسامات مجلس القيادة الرئاسي، وتستمر السعودية الآن في مواجهة التهديدات المتصاعدة من الحوثيين الذين قاموا بنشر المزيد من الجنود في مأرب وتعز وتوسيع ترسانتهم من الصواريخ والطائرات دون طيار التي تستخدم الآن ضد السفن في البحر الأحمر، ويمكن لهذه الطائرات دون طيار والصواريخ أن تستهدف المملكة العربية السعودية مرة أخرى.

تم إنشاء المجلس في إبريل عام 2022 من أجل تعزيز جبهة موحدة ضد الحوثيين ، لكن كارفاخال يقول إن المجلس فشل في تحقيق الهدف المنشود، ولم يحقق أي إنجاز ملموس منذ إنشائه.

تباينات متوقعة

يعقوب السفياني، محلل سياسي يمني، يرى أن التباينات داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني متوقعة منذ الإعلان عنه في أبريل 2022، لأن المجلس يتكون من قوى متنافرة، لكل منها مشروعها السياسي الخاص.

إقرأ أيضاً  الإفراج عن مبيدات سامة في صنعاء

يضيف السفياني لـ “المشاهد”: “كان لدى أطراف المجلس الرئاسي نقاط مشتركة حقيقية يمكن الوقوف عليها وفي مقدمتها مناهضة مشروع إيران في اليمن، وقتال جماعة الحوثيين المدعومة من طهران.”

يشير السفياني إلى أن “إلغاء التباينات بين أطراف المجلس الرئاسي بشكل كامل أمر غير وارد أبدا، ولكن تجميدها في ظل السعي والتحرك نحو الهدف المشترك، هو ما يجب أن يتم، وفي كثير من الأحيان يكون هذا صعبا نتيجة أزمة الثقة التي تتجدد من وقت لآخر”.

رئيس تحرير صحيفة اليوم الثامن بعدن، صالح أبوعوذل، يرى أن مجلس القيادة الرئاسي المؤقت ليس بحاجة إلى تحقيق الانسجام الكامل، لأن التطورات على الساحة تفرض أن يكون هناك “انسجاما مشروطا”.

يوضح أبو عوذل لـ “المشاهد”، قائلا: “قرار نقل السلطة من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المجلس الرئاسي كان مشروطا بقتال الحوثيين أو الدخول في تفاوض معهم، ولكن السعودية خاضت مفاوضات بمعزل عن المجلس، وطبخت اتفاقا سيكون المجلس بكل أعضائه حاضرا في الرياض للتوقيع على اتفاق لا يعرف المجلس أي شيء عن تفاصيله”.

ويضيف: “لا يمكن أن نصف ما يحصل في معسكر مجلس القيادة الرئاسي، بأنها تباينات، بل على العكس هناك حالة من الانفراد بالسلطة من قبل رشاد العليمي، وهذا الانفراد له تداعيات وخيمة”.

يعتقد أبو عوذل أن أي اتفاق لا يعيد النازحين اليمنيين إلى ديارهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ، يظل اتفاقا منقوصا، وقد يؤسس لحرب جديدة.

هدف استعادة الدولة

رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الاستراتيجية بمأرب، حسين بن سعد العبيدي، يقول في حديثه لـ “المشاهد” إن انقسامات مجلس القيادة الرئاسي ناجمة عن الخلفيات السياسية المختلفة لأعضاء المجلس الذين لا يحملون هدف استعادة الدولة.

بحسب العبيدي، كل عضو في المجلس الرئاسي يبدو وكأنه يمثل الجغرافيا الذي أتى منها، وكل عضو ينتمي لجماعة سياسية معينة، ويفتقرون للانسجام السياسي والفكري والعسكري.

يضيف: “كل الأطراف التي تم تمثيلها في مجلس القيادة لا تنسجم في مهمة استعادة الدولة، وبناء ما دمرته الحرب وبناء الاقتصاد، وهذه الأطراف مستفيدة من استمرار الحرب، لأن هناك مغانم وجبايات وموارد تقوم هذه القوى بالسيطرة عليها، ولا تصب تلك الموارد والضرائب في الخزينة العامة”.

وفي نوفمبر هذا العام، حذر فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن في تقريره  من مخاطر استمرار النزاعات الداخلية التي تهدد وحدة وتماسك المجلس الرئاسي على نحو ينذر بانزلاق  القوى الموالية لأعضائه نحو صدام عسكري. وأكد التقرير أن مجلس القيادة الرئاسي يمر بمرحلة من النزاعات الداخلية التي أثرت على قدرته على توفير الخدمات العامة ما جعله عرضة لانتقادات الشعب اليمني. 

مقالات مشابهة