المشاهد نت

إعادة تنظيم أمن الدولة.. لتطوير الأمن أم لتكبيل الحريات؟

عدن – فخر العزب

“خطوة مهمة في إطار إصلاح المنظومة الأمنية، من شأنها النهوض بالجانب الاستخباراتي في البلاد؛ بما يساعد على تحسين الأداء الأمني”.. كانت هذه النظرة الإيجابية للمتفائلين من قرار دمج الأجهزة الاستخبارية في اليمن.

وهو القرار الذي صدر مطلع شهر يناير/كانون ثاني الجاري، عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ونص على دمج جهازي الأمن السياسي، والأمن القومي، وإنشاء الجهاز المركزي لأمن الدولة.

ووفقًا لنص القرار، يدمج كل من الجهاز المركزي للأمن السياسي، وجهاز الأمن القومي، والكيانات الاستخبارية الأخرى التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وحراس الجمهورية، وقوات العمالقة، في إطار جهاز استخباري واحد يسمى ب (الجهاز المركزي لأمن الدولة).

وبحسب القرار يكون مقر الجهاز المركزي لأمن الدولة في العاصمة المؤقتة عدن، ويجوز إنشاء فروع له في محافظات الجمهورية.

ويتبع الجهاز المركزي لأمن الدولة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ويكون مسؤولًا أمامه عن تنفيذ كافة المهام والمسئوليات المنصوص عليها في هذا القرار، ويتلقى تعليماته منه.

وبحسب القرار، يكلف رئيسًا جهاز الأمن السياسي والأمن القومي، مع فريق الدمج المشكل من مجلس القيادة الرئاسي، بمشاركة مكتب رئيس مجلس الرئاسي، بإعداد خطة تنفيذية مزمنة لإنهاء واستكمال أعمال الدمج خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدور القرار.

وألزم القرار الجهاز المركزي لأمن الدولة بممارسة اختصاصه ومهامه المنصوص عليها في هذا القرار، بما لا يمس بمبدأ التعددية السياسية، والحريات العامة، وحقوق الإنسان، وبما لا يتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة.

ومن شأن تشكيل الجهاز المركزي لأمن الدولة من الأجهزة الاستخبارية المختلفة -بحسب مراقبين- توحيد العمل الاستخباراتي ومنظومة المعلومات الأمنية، التي تصب في بوتقة واحدة؛ ما يجعلها تسهم في تذليل الصعوبات أمام اتخاذ القرار وصناعته.

منظومة استخباراتية موحدة

وفي هذا الشأن، يرى الخبير والمحلل العسكري العقيد وضاح العوبلي، في حديثه لـ«المشاهد» أن هذه الخطوة تأخرت كثيرًا، وأن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي، وخطوة كهذه ستسهم في توحيد قاعدة البيانات الاستخباراتية لجميع مكونات المجلس الرئاسي، والتي ستصب معلوماتها جميعًا في وعاء استخباراتي موحد، وستسهم في الارتقاء بالعمل الاستخباراتي من حالته الراهنة إلى عمل كلي يخدم الهدف الاستراتيجي للمعركة الجامعة.

وقال الخبير والمحلل العسكري إن جميع الأطراف في المجلس الرئاسي تشترك في مواقفها من جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة الإرهابي، ويمكن البناء استخباراتيًا وأمنيًا على هذه المشتركات؛ لتشكيل منظومة استخباراتية موحدة ونوعية تصب في خدمة الهدف المشترك للجميع.

وأشار إلى أن استيعاب استخبارات الإنتقالي وحراس الجمهورية والعمالقة في الجهاز المركزي لأمن الدولة مهم جدًا لجميع الأطراف؛ لأنها ربما كانت تعاني من اعتماد الرئاسة في سياساتها على تقارير استخباراتية من جانب الأمن القومي والسياسي التابعين للحكومة اليمنية، وهذان الجهازان قد أعيد بنائهما بعد عام 2015 بمعايير أحادية من إحدى الجهات التي كانت تمثل الشرعية، وفي ظروف تختلف كليًا عن ظروف هذه المرحلة.

إقرأ أيضاً  اتساع ظاهرة التسول في رمضان

وكان لابد -في هذه المرحلة- أن تعتمد الرئاسة في سياساتها وقراراتها على جهد استخباراتي مشترك يمثل جميع القوى، وإنهاء التفرد الذي كان قائمًا في السابق، وهذه المتطلبات باعتقادي هي ما فرضت ضرورة دمج أجهزة القوى والمكونات المشار إليها، ضمن الجهاز المركزي لأمن الدولة، بحسب العوبلي.

ويضيف: نحن كمراقبين ومحللين في الشأن العسكري والأمني بذلنا جهدًا كبيرًا للمطالبة بهذه الخطوة، لأهميتها.

إذ أن جميع القوى كانت تخوض معركة لا تمتلك فيها أي غطاء استخباراتي مهني، وكان لهذه الثغرة أثر سلبي كبير، سواءً على جانب المعركة مع الحوثي، أو في اتجاه المعركة مع تنظيم القاعدة في أبين، والمهم الآن هو أن تُحسِن جميع الأطراف نواياها لتطبيق هذه القرارات عمليًا، وأعيد التأكيد هنا على أن لهذه الخطوة مردود إيجابي أمنيًا وعسكريًا.

ولفت الخبير والمحلل العسكري إلى أن الدول تستفيد كثيرًا من التنسيق الأمني والاستخباراتي القائم بينها، فما بالك هنا ونحن نتحدث عن دمج كلي لاستخبارات عدة قوى ضمن بلد واحد، وأعتقد أن التفكير بهذا المعيار وبهذه المقارنات يكفي إدراك ما ستمثله هذه الخطوة من إضافة نوعية للمعركة الوطنية”.

مـخــاوف

في المقابل، يتخوّف بعض المراقبين من أن خطوة توحيد أجهزة الاستخبارات في ظل وجود قوى عسكرية داخل الحكومية اليمنية لم يتم توحيدها تحت إطار وزارة الدفاع، قد تؤثر سلبًا على الحريات العامة، وحقوق الإنسان، والتعددية السياسية في البلد.

وفي هذا السياق، يقول الناشط السياسي عبداللطيف البركاني في حديثه لـ«المشاهد» إن قيادة المجلس الرئاسي قامت بتعطيل مؤسسات هامة في البلد وأبرزها مكتب رئاسة الجمهورية الذي يعد مؤسسة صنع القرار الأولى في البلاد، واعتمدت على الأجهزة الأمنية المختلفة لجمع المعلومات واتخاذ القرار؛ ما يجعل من إنشاء الجهاز المركزي لأمن الدولة خطوة متقدمة كان يجب أن تسبقها خطوات مهمة، كتوحيد التشكيلات العسكرية التي تعمل بشكل مستقل، والكثير منها غير مرتبط بوزارة الدفاع.

ويضيف أن هناك اختلالات كبيرة في المنظومة العسكرية والأمنية كان يجب التوجه لإصلاحها قبل إنشاء جهاز مركزي لأمن الدولة، والتي ليست أكثر من خطوة صورية، خاصة أن الجهاز تشكل وفق القرار من استخبارات تشكيلات عسكرية حتى الآن لا تتبع وزارة الدفاع، وهذا مؤشر خطير جدًا في هذه المرحلة الحساسة والحرجة”.

ويشير البركاني إلى أن بعض التشكيلات العسكرية التي تشكل منها الجهاز المركزي لأمن الدولة لا زال لها موقفًا سلبيًا من التعددية الحزبية في اليمن، وعلى وجه التحديد تشكيلات العمالقة، بالإضافة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي لديه موقف من بعض الثوابت الوطنية كالوحدة اليمنية وشكل الدولة، وهذا يهدد التعددية الحزبية والحريات الشخصية والعامة باليمن.

مقالات مشابهة