المشاهد نت

الكوليرا القاتل المتمترس بالتدهور الفضيع في الخدمات الصحية

مرضي الكوليرا

المشاهد-نهلة القدسي -خاص :

بعيون دامعة ترنو  أم سمير إلى ولدها سمير المستلقي على سرير المرض  بالمستشفى الجمهوري بصنعاء بعد إصابته بمرض الكوليرا .

بدا سمير بعيون زائغة ووجه شاحب وأيدي مرتعشة نحيفة تحاول أن تخفي ملامح طفل لم يتجاوز الثالثة من عمره بعد .

تقول أم سمير” أسعفناه إلى المستشفى بعد نوبة قيء وإسهال شديدين استمر لأكثر من يومين .”

وكان اليمن قد أعلن خلوه من وباء الكوليرا قبل أكثر من عقد ونصف وبالتحديد في العام 1999 لكن رحى الحرب أعادته مجدداً و بضراوة ليفتك باليمنيين كبارهم وصغارهم على حد سواء .

وبحسب مصدر طبي في طوارئ المستشفى الجمهوري بصنعاء أكد للمشاهد بأن حالات الإصابة بالكوليرا تتراوح بين 40 إلى 60 حالة يومياً اغلبها من الأطفال ويتم تحويل بعض الحالات الى مستشفى السبعين للأمومة والطفولة نظراً لكثرة الحالات .

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه قائلاً ”  يمكننا القول بأن الكوليرا أصبح وباءاً فتاكاً وعلى الحكومة أن تتخذ تدابير إجرائية  سريعة للحد منه  .”

” مرض الكوليرا من الأمراض المعدية ” تشرح للمشاهد أخصائية طب الأطفال د. غادة الوشاح وتتابع ” الكوليرا مرض يصيب الأطفال و الكبار وينتقل المرض عن طريق البكتريا ومن خلال الأطعمة أو الاشربة الملوثة بمخلفات الصرف الصحي وتؤدي إلى قيء وإسهال حاد جداً وألم في البطن والأطفال أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا نتيجة لنقص المناعة لديهم وبالتالي هم أكثر عرضة للوفيات إن لم يتم العلاج بشكل سريع “.

وتؤكد بيانات لوزارة الصحة العامة والسكان عن تسجيل 26 ألف حالة اشتباه و207 حالات إصابة مؤكدة بوباء الكوليرا و16 حالة وفاة في المحافظات اليمنية خلال الموجة الأولى من اجتياح الوباء لليمن بداية أكتوبر 2016.

منظمة الصحة العالمية قالت في وقت سابق  إن 76 ألف يمني يواجهون خطر الكوليرا  و أكثر من 3 ملايين نازح معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة به و أن هناك أكثر من 14 مليون يمني يعانون من انعدام الخدمات الصحية و حذرت من أن نقل الطواقم الطبية وعلاج الجرحى يزداد صعوبة  بسبب قلة الأطباء في المناطق النائية .

يقطن سمير في منطقة شعوب بأمانة العاصمة وتعاني أسرته من وضع معيشي صعب كحال كل الأسر اليمنية التي تأثرت بالحرب .

تقول أم سمير للمشاهد  ” قال لنا الطبيب المعالج بأننا جئنا بسمير للمستشفى في اللحظة الاخيرة وانه لو تأخرنا قليلاً لما كان بوسعهم فعل شي ولتوفى ابني في الحال .”

وتضيف وهي تكفف عبراتها ” ماذا نفعل ووالده  بلا راتب منذ سبعة أشهر وليس لدينا ما يكفي لنقله على وجه السرعة  لكن الحمد لله ربنا ستر .”

إقرأ أيضاً  ضياع حق المرأة في التعليم والعمل بسبب الحرب 

منظمة ” اليونيسف ” حذرت من تزايد تفشي وباء الكوليرا بشكل مخيف في اليمن وقالت المنظمة  ” إن وباء الكوليرا والأمراض الناتجة عن غياب المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي والنظافة يتزايد بشكل مخيف في اليمن “.

وأشارت المنظمة في بيان لها  إلى أن كل 10 دقائق يموت طفل في اليمن بسبب سوء التغذية والإسهالات والتهابات الجهاز التنفسي .

وأدى تدهور الوضع الأمني إلى مغادرة كثير من المنظمات الدولية المهتمة بالطفولة لليمن نتج عنه نقص في كثير من الخدمات الأساسية والأدوية والمستلزمات التي تفتقر إليها المراكز الصحية والمستشفيات .

الأطفال هم أول الضحايا في كل الحروب لأنهم الحلقة الأضعف والاقل قدرة على التحمل فيكون من السهل إصابتهم بأمراض مختلفة ومنها الكوليرا سيما مع غياب المياه الصحية الصالحة للشرب حيث تعد المياه الملوثة احد الأسباب المؤدية للإصابة بها .

أم سمير وعند سؤالنا لها عن مصدر المياه في منزلهم  أجابت ” نحن نشرب من مياه الوايتات المنتشرة في حارتنا والتي يتكفل بها فاعلو خير ” .

أشارت منظمة  اليونيسف إلى أن 20.4 مليون شخص يمني في حاجة إلى خدمات المياه والإصحاح البيئي والنظافة وأشار ممثل اليونيسيف في اليمن جوليان هارنس إلى  أن ” الأطفال عرضة لمخاطر عالية ما لم يتم الحد وعلى وجه السرعة من تفشي وباء الكوليرا خصوصا مع تدهور النظام الصحي في اليمن جراء استمرار الصراع ” .

المسئول الإعلامي لمنظمة اليونيسف  في اليمن محمد الاسعدي قال للمشاهد إن “منظمة اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية تعملان معاً على دعم الجهود الحكومية في الحد من انتشار مرض الكوليرا طبقاً لخطة استجابة وتدخل في خمسة عشر محافظة يمنية  قابلة للتوسع في محافظات أخرى”.

وتابع الاسعدي ” سعت اليونيسف إلى الحد من انتشار الكوليرا من خلال التركيز على التدابير الوقائية ومعالجة المياه عبر إضافة الكلور إلى آبار وخزانات المياه “.

ويأمل الاسعدي أن تقوم وسائل الاعلام بدورها في توعية المجتمع للوقاية من الكوليرا والحد منه .

وتنصح  د.  غادة الوشاح الامهات بضرورة الوقاية من الكوليرا بالحرص على صحة كل ما يتناوله الطفل أو يشربه وكذلك ضرورة غسل الايدي قبل الاكل أو عند تحضير الطعام وغسل الاواني المعدة للأكل وضرورة غلي الماء قبل شربه أو استخدام المطهر الكيميائي التجاري وتجنب الأطعمة النيئة مثل الفواكه والخضروات غير المقشرة وسرعة اسعاف الطفل اذا ظهرت عليه أي اعراض غير طبيعية .

 

مقالات مشابهة