المشاهد نت

زيارة المبعوث الأممي إلى ميناء الحديدة تعيد عراقيل المفاوضات إلى الواجهة

صنعاء – معاذ الحيدري:
قبل قيام المبعوث الأممي مارتن جريفيث، بزيارة إلى الحديدة، كان الحديث عن جولة المفاوضات التي يجري الترتيب لها في السويد، يبدو إيجابياً وجاداً، لكن بعد زيارته للحديدة، بدأ الحديث عن الرفض والمقاطعة لبعض المقترحات التي تحدث عنها الرجل، خاصة المقترحات المتعلقة بميناء الحديدة، ودور الأمم المتحدة بشأن مصيره.
الحكومة الشرعية، وعلى لسان بعض من قياداتها، أكدت رفضها الكامل تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة، أو حتى قيامها بدور إشرافي لها، معتبرة أن أية خطوة من ذلك النوع تعتبر وصاية خارجية على اليمن واليمنيين، وفق تأكيد عثمان مجلي، عضو الوفد التفاوضي للشرعية، في تصريحات صحفية، أمس الأحد، لافتاً إلى أن الحكومة اليمنية ترحب بأية دعوات نحو السلام، ولكن بشرط أن يكون هذا الحوار بناء على المرجعيات الثلاث والقرارات الدولية، وأي حديث عن تسويات ومفاوضات خارج هذا المربع، كما قال، غير مقبول، ولن تذهب إليه الشرعية من قريب أو من بعيد.
اتهام جريفيث بالانحياز
واتهمت الحكومة اليمنية مارتن جريفيث بالتواطؤ والانحياز لجماعة الحوثي، وذلك من خلال زيارته إلى مدينة الحديدة، في حين مدينة تعز المحاصرة، والتي تعيش وضعاً إنسانياً مؤسفاً، لم يفكر المبعوث بزيارة إليها للاطلاع على ما تقوم به جماعة الحوثيين من تنكيل بحق المدنيين على مدار اليوم والليلة.
انتقال الحديث الأممي، من بناء الثقة وملف المعتقلين والسجناء، والملف الإنساني، إلى الحديث عن ميناء الحديدة، يبدو أنه سيعقد من عقد جولة المفاوضات القادمة، خصوصاً وأن الحديث عن ميناء الحديدة ظل بمثابة العقبة أمام الأطراف المتحاربة في ذهابها نحو المفاوضات. فمقترح جريفيث بشأن ميناء الحديدة سبق أن طرحه المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ولم يلقَ أية استجابة لدى الأطراف اليمنية.
مصادر سياسية في حكومة الشرعية اعتبرت خطوة جريفيث في الحديدة المفاجئة وغير المتوقعة “محاولة إنقاذ للجماعة من الهزيمة التي صارت وشيكة، خصوصاً بعد تقدم الجيش الوطني والقوات المشتركة بهذا الاتجاه، وبعد أن أصبحت الجماعة محاصرة من جميع الاتجاهات”. مؤكدة أن مساعي جريفيث، “لعبة جديدة وأخرى للدول اللاعبة وللدول التي لا تريد إنهاء الانقلاب، وتريد إبقاء الحوثيين ورقة ابتزاز لدول الخليج، وبشكل مستمر”.
قبول حوثي بإشراف أممي على الميناء
وأكدت مصادر سياسية في صنعاء، لـ”المشاهد”، أن الحوثيين قبلوا هذه المرة بإشراف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة، على عكس المرات السابقة، والتي كانت ترفض تسليم الميناء، وتشترط مقابل ذلك دفع جميع المرتبات للموظفين اليمنيين، بل تشترط أن يكون الإشراف شاملاً لكل الموانئ الخاضعة لسيطرة الشرعية كموانئ عدن والمكلا والمخا.
والسبب لقبوله هذه المرة، وقبولها لزيارة المبعوث إلى الحديدة، وطبقاً للمصادر في صنعاء، يعود إلى الانهيارات العسكرية التي تعرضت لها الجماعة في الساحل وفي المعركة الأخيرة التي تمكنت من خلالها قوات الشرعية والتحالف العربي من الوصول إلى مداخل المدينة وشارع صنعاء تحديداً، وأن الجماعة شعرت أن ميناء الحديدة مهدد بالخروج عن سيطرتها، وهو الأمر الذي سيضعفها ويعرضها للهزيمة بشكل كبير.
الجدير بالذكر، أن المواجهات والاشتباكات عادت بعد مغادرة جريفيث، إلى بعض جبهات الحديدة والساحل الغربي، في حين شن طيران التحالف العربي العديد من الغارات على بعض المواقع، وهو ما يشير إلى عدم قبول طرف الشرعية بمقترحات جريفيث المتعلقة بميناء الحديدة.
وأوضحت مصادر مطلعة في صنعاء، أن المبعوث الأممي وصل إلى الحديدة، واطلع على الرافعات الست التي قام التحالف العربي بتدميرها في وقت سابق.
وكشفت المصادر ذاتها، أن “الرافعات الست ضربت غرف التحكم، وأصبحت معطلة عن العمل تماماً، وأن البواخر والسفن التي تصل إلى ميناء الحديدة تصل ومعها رافعات خاصة بها، بينما الميناء صار غير قادر على تقديم أية خدمة أو عمل من هذا القبيل، وهو الأمر الذي جعل دخول الغذاء والسلع يتم بصعوبة بالغة”.
جولة مفاوضات مآلها الفشل
بالمقابل، انتقد قياديون في الشرعية اقتصار زيارة المبعوث على الميناء، إذ كان الأولى أن يزور المدينة بشكل كامل، ويطلع على أوضاع السكان والمدنيين الذين عرضتهم الجماعة للمخاطر، وجعلتهم دروعاً بشرية من ناحية، ومن ناحية ثانية كان يفترض على المبعوث أن يطلع على الأجزاء التي حولتها جماعة الحوثي إلى ثكنات عسكرية على طول المدينة، خصوصاً الأحياء والمناطق المليئة بالسكان المدنيين.
وبشأن مواصلة الجهود نحو السويد والترتيب للجولة، وفي سياق جولته الجديدة إلى المنطقة، سيلتقي المبعوث الأممي مارتن جريفيث، اليوم الاثنين، نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، وذلك لمناقشة سبل وتطورات الجولة الجديدة التي يجري الترتيب لها، ومن المتوقع أن تنعقد في السويد مطلع الشهر المقبل.
وطبقاً لمصادر سياسية في الرياض، فإن نائب الرئيس سيطرح على المبعوث تمسك الشرعية بالمرجعيات الأساسية في المفاوضات، وسيبلغه رفضها الكامل بشأن المقترحات التي تتضمن تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة.
المتغير الجديد، مؤشر على أن جولة السويد مليئة بالعراقيل والتحديات والصعوبات، وما بين هذا وذاك ينتظر اليمنيون وتنتظر الشرعية عدول الأمم المتحدة عن قراراها ومقترحاتها بشأن ميناء الحديدة، ما لم فإن الجولة الجديدة من المفاوضات لن يكتب لها النجاح، ومن المتوقع أن تلحق بسابقاتها التي كان مصيرها الفشل.
حتى الآن، لم يرد المبعوث الأممي بشأن رفض الشرعية مقترح الحديدة، والساعات القادمة ستوضح مدى استيعاب الأمم المتحدة هذا الرفض من عدمه.

مقالات مشابهة