المشاهد نت

الفنان المقرمي: بيع الرسومات لمواجهة متطلبات الحياة

صنعاء – حسان محمد:

لم تترك الحرب مجالاً للإبداع والفن، وطغت أصوات الانفجارات ورائحة البارود على جمال الألوان وتجليات الفكر، وصار الفنان لا يهتم بالقيمة الفنية، بقدر بحثه عن لقمة العيش واحتياجات الأسرة.
رحلة طويلة مع الرسم بدأت من قرية صغيرة، بخربشات على الطين، لطفل لم يدخل المدرسة، ينبهر بأفيشات وإعلانات السينما المعروضة على لوحات الشوارع وأغلفة الكتب، وخاصة أغلفة الروايات التي كان يرسمها الفنان الكبير جمال قطب، رحمه الله، ليجد الفنان شهاب المقرمي نفسه ميالاً للرسم والريشة، وباحثاً عن الجمال والحياة.
لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لم تترك الفنان التشكيلي ينثر جمال الضوء والظلال، ويرقى بلوحات تكون القيمة الجمالية جوهرها، بعد أن أجبرته الحياة على رسم صور لا تشبهه، ولا تعبر عنه، وإنما ترضي ذوق الزبون، ويحصل مقابلها على المال، كما يؤكد المقرمي لـ” المشاهد”.
ويعمل المقرمي مخرجاً ورسام كاريكاتير ووجوه في صحيفة “السياسية” التي كانت تصدر عن وكالة “سبأ” للأنباء بصنعاء.
وبسبب انقطاع الراتب، صار الرسم هو المصدر الوحيد للدخل، كما يقول، مضيفاً أن ظروف الحرب جعلت الناس يفضلون توفير كيس قمح على اقتناء لوحة أو بورتريه.

رسومات للبيع

أجبرت الظروف الرسام المقرمي أن يُعلن بين الفينة والأخرى على صفحاته في “فيسبوك” و”تويتر”، عن أسعار اللوحات لِمن يرغب برسم وجهه، ويترك رقماً للتواصل معه عبر “واتساب”.
وعلى الرغم من إنجاز آلاف الأعمال الفنية، إلا أنه يقول إن أغلبها أعمال تجارية تراعي عقلية الزبون، أكثر من الاهتمام بارتفاع قيمتها الفنية.

المقرمي : رسم البورتريه انعكاس لروح ووجدان الإنسان وصفاته، ومنذ الصغر وأنا أحب قراءة سيَر وترجمات الشخصيات المتميزة والمؤثرة، وأغوص في تفاصيل صورها، وهذا ربما حفزني للانشغال في رسم الوجوه أكثر من غيرها، وجعلني أحب البورتريه أكثر من غيره.


ويرى أن البيئة الحالية ليست مناسبة للرسم والإبداع، لكنه مضطر للرسم وبأسعار زهيدة، بهدف تلبية المتطلبات اليومية، ومواجهة ظروف الحياة من الاحتياجات الأساسية وإيجار المنزل والمصاريف المدرسية للأبناء.

إقرأ أيضاً  استمرار تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن

الغوص في التفاصيل

يرسم الفنان المقرمي أنواعاً مختلفة من اللوحات الفنية، لكنه يعشق فن البورتريه، ويجد نفسه مشدوداً إليه، ويفضله أكثر من غيره.
يقول: “رسم البورتريه انعكاس لروح ووجدان الإنسان وصفاته، ومنذ الصغر وأنا أحب قراءة سيَر وترجمات الشخصيات المتميزة والمؤثرة، وأغوص في تفاصيل صورها، وهذا ربما حفزني للانشغال في رسم الوجوه أكثر من غيرها، وجعلني أحب البورتريه أكثر من غيره”.
وبدأ المقرمي الرسم بالقلم الرصاص لمعظم الرسومات، خلال الفترة الماضية، لكنه حالياً تنوع بالرسوم باستخدام خامات أخرى كالفحم والباستيل والأقلام الملونة والألوان الزيتية.

الذاكرة الشهابية

وتعد أبرز أعماله لوحة “الذاكرة الشهابية”، حشد فيها أكثر من 200 وجه من الشخصيات المؤثرة محليّاً وعربيّاً وعالمياً، بدأها برواد التنوير ومؤسسي الحركات والاتجاهات الدينية والقومية والسياسية، وقادة الدول والحروب، خصوصاً الحرب العالمية الثانية، وصنف الوجوه في اللوحة إلى مجموعات تبدأ بالساسة، ثم الأدباء، ثم الرياضيين، فالفنانين والصحافيين، وختمها بخارطة وجوه الشخصيات اليمنية.
وأنتج المقرمي العديد من الأعمال الأخرى، منها كتاب “وجوه رصاصية” الذي جمع فيه قرابة 700 وجه مرسوماً بالقلم الرصاص، و”ملحمة الفداء” التي رسم فيها أكثر من 100 بورتريه لشهداء ثورة الشباب اليمنية.
وعلى الرغم من إنجاز أكثر من 5000 لوحة فنية، إلا أن المقرمي مايزال يأمل أن تتحسن أوضاع البلاد، وينتج أعمالاً أفضل، كما يقول.

مقالات مشابهة