المشاهد نت

“الميثانول”… الخداع الأخطر في اليمن

صورة تعبيرية

صنعاء – عابد عمر:

مع تفشي فيروس كورونا “كوفيد 19″، في العالم، انتشرت مادة “الميثانول” السامة التي يتم تداولها وبيعها في الأسواق اليمنية على أنها مادة “إيثانول” (أسبرت يحتوي على نسبة من الكحول) تستخدم في التعقيم والتطهير.
وازداد إقبال العديد من الأشخاص المدمنين على تعاطي الكحول، لشراء “الميثانول”، مؤخراً، اعتقاداً منهم أنها “إيثانول”، الذي يتعاطونه بدلاً عن الكحول (خمر بلدي يصنع في معامل خاصة) الذي ارتفع سعره، لكن نتيجة ذلك كانت كارثية، حيث تسببت بوفاة أشخاص.
وتوفي 5 أشخاص في مديرية دمت بمحافظة الضالع (جنوبي اليمن)، مطلع أبريل الجاري، بشكل مفاجئ، الأمر الذي أثار شكوك المواطنين من أن السبب ناتج عن إصابتهم بفيروس “كورونا”، فقام أشخاص من المديرية بإبلاغ الجهات الصحية بحالات الوفاة، ونزلت فرق الاستجابة بتكليف من مدير مكتب الصحة بالمحافظة، لتقصي أسباب الوفاة في المستشفيات التي تم إسعافهم إليها.

"الميثانول"... الخداع الأخطر في اليمن


واتضح بعد ذلك أن الحالات عانت قبل الوفاة من العمى، والقيء، وصعوبة في التنفس، وغيبوبة، وهذه الأعراض مشابهة لأعراض تسمم كحولي، بحسب ما أفاد تقرير مكتب الصحة والسكان بمحافظة الضالع، حصل “المشاهد” على نسخة منه، موضحاً أن الأشخاص الذين توفوا هم من 6 مناطق في مديرية دمت، هي: (خب، الحقب، الرباط، حقل الغار، بيت الوحيشي الرياشي، والظاهرة).

ضحايا “الميثانول”

ومن خلال جمع التحريات، تبين أن المتوفين الـ5 كانوا يتعاطون “الخمر”، حيث أحضر أحد أقارب أحد المتوفين ما تبقى من المادة التي تعاطاها المتوفى، في قنينة، وهي بيضاء “خمرة”، حيث تم إرسالها للفحص في المديرية، وتبين أنها مخلوطة بماء، ولكن تعذر معرفة ماهيتها وعناصرها ومركباتها بالتحديد، لعدم وجود أجهزة ومواد فحص في المديرية.

"الميثانول"... الخداع الأخطر في اليمن
تقرير اللجنة الطبية بخصوص سبب وفاة 7 اشخاص بالضالع


وكشفت وثيقة صادرة من نيابة دمت الابتدائية بمحافظة الضالع، حصل “المشاهد” على نسخة منها، عن ظهور حالات جديدة مصابة بنفس الأعراض التي توفي على إثرها الأشخاص الـ5.
أرسلت النيابة الابتدائية المادة في علبة بلاستيكية محكمة الإغلاق، وعليها لاصق شمعي، إلى مدير عام الأدلة الجنائية بمحافظة الضالع، لفحصها، ومن ثم موافاتها بتقرير مفصل عن المادة، حتى يتسنى للنيابة التصرف، بحسب الوثيقة.
وتم إجراء الفحوصات اللازمة للعينة، واتضح أنها عبارة عن “إيثانول” مخلوط بها مادة “الميثانول” السامة التي تتحول في الجسم إلى الفورمالدهيد وحمض الفوريك، مما يؤدي إلى انفصام شبكية العين والإصابة بالعمى، بالإضافة إلى تليف الكبد والوفاة مباشرة، كما يؤكد تقرير فني رقم (84/2020) صادر من إدارة السموم والمخدرات في الأدلة الجنائية بمحافظة الضالع، حصل “المشاهد” على نسخة منه، موضحاً أن معظم المنتجين يتعمدون إضافة الميثانول إلى الإيثانول، لمنع استخدامه غير المشروع.
وسبقت هذه الحادثة حوادث مماثلة، إذ توفي 20 شخصاً، في أكتوبر 2018، بمحافظة عدن، بعد تعاطيهم كحولاً مسموماً، كان يحتوي على مادة “الميثانول”، بحسب ما أكده تقرير مكتب الصحة والسكان بمحافظة عدن.
وفي نوفمبر من العام الماضي، سجلت مستشفيات الجمهوري والثورة والشرطة والكويت بصنعاء، وصول 41 شخصاً مصابين بحالات إغماء، توفي منهم 17 شخصاً، نتيجة شربهم كحولاً مغشوشاً، وفق ما أفادت مصادر طبية في تلك المستشفيات، مؤكدة أن المادة التي تناولها الضحايا هي مادة “أسبرت” طبي أضيف إليها الميثانول.

وجد نوعان من الأسبرت: الأول “ميثانول”، وهو الأخطر، إذ عندما يتعاطاه الشخص يتسبب في إصابة النخاع الشوكي مباشرة، ويؤدي إلى فقدان البصر.

مكونات شديدة السمية

يوجد نوعان من الأسبرت: الأول “ميثانول”، وهو الأخطر، إذ عندما يتعاطاه الشخص يتسبب في إصابة النخاع الشوكي مباشرة، ويؤدي إلى فقدان البصر.

“الميثانول” إذا أخطأ الإنسان في استهلاكه، فإنه يتحول داخل الجسم بنفس إنزيم “ديهايدروجينيز” الكحوليات إلى “فورمالدهايد” ثم إلى أملاح “الفورمات”وتعد هذه المكونات شديدة التسميم وفتاكة بالخلايا العصبية للمخ، بخاصة العصب البصري


أما النوع الثاني فهو “إيثانول”، وهو الأخف، حيث يجري في العادة تخفيفه وتعاطيه من قبل بعض الذين ليس بمقدورهم شراء الخمر البلدي. ويصعب التفريق بين النوعين، كما يقول لـ”المشاهد” الدكتور الحارث محمد، أخصائي باطنية.
ويضيف أن “الميثانول” إذا أخطأ الإنسان في استهلاكه، فإنه يتحول داخل الجسم بنفس إنزيم “ديهايدروجينيز” الكحوليات إلى “فورمالدهايد” ثم إلى أملاح “الفورمات”.

إقرأ أيضاً  انعكاسات التصعيد بالبحر الأحمر على الاقتصاد اليمني 
"الميثانول"... الخداع الأخطر في اليمن
مادة سامة تم ضبطها


وتعد هذه المكونات شديدة التسميم وفتاكة بالخلايا العصبية للمخ، بخاصة العصب البصري، كما تسبب حموضة الدم، ومن أعراضها تسارع وتيرة التنفس كمحاولة من الجسم لمعادلة الحموضة بالتخلص من ثاني أكسيد الكربون، بحسب الدكتور الحارث.
ويشير إلى أن الاستعمال المتكرر للكحول يتسبب في الالتهابات وفشل الكبد واعتلال عضلة القلب والذهن وخرف العقل.

تزوير المنتج

كشف رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، الدكتور عبدالقادر أحمد الباكري، عن وجود كميات كبيرة من مادة “الميثانول” السامة في السوق المحلية، لاسيما في محافظة عدن، حيث يتم بيعها بطريقة غير رسمية، على أنها مادة الإيثانول (كحول -أسبرت طبي).
وأكد الباكري لـ”المشاهد”، أن الهيئة قامت بأخذ عينات من هذه المادة، وأخضعتها للفحص، وكانت النتيجة أنها سامة وخطيرة على الإنسان، مشيراً إلى أنه تم استيرادها من جهات مجهولة وغير مرخص لها من وزارة الصحة.
وتقوم تلك الجهات التي لا تتبع القطاع الصحي، بالترويج لمادة “الميثانول” السامة، وتمارس الخداع على المواطنين، حيث عملت على تزوير الليبلات (LABELS) التي تلصق عليها، باعتبارها مادة “أسبرت -إيثانول” التي تستخدم في التعقيم والتطهير، كما يقول الباكري.
وأوضح أنه تم إبلاغ محافظ عدن والجهات الأمنية للتحقق وضبط الجهات التي تقوم ببيع تلك السموم، ومصادرتها، واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحقها، لكونها تشكل خطراً على حياة الناس.
وحذر الباكري، المواطنين والجهات الطبية أكانت مستشفيات أو مراكز صحية أو صيدليات أو محلات الجملة، من شراء هذه المادة واستخدامها، لكونها غير مطابقة للمواصفات الطبية، داعياً كافة مستوردي الأدوية وتجار الجملة والصيدليات والمرافق الصحية، إلى التحري من مصادر هذه المادة، والشراء من مصادر موثوقة ومرخصة.
الجدير بالذكر أن المرخصين والمستوردين لدى الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، لمادة “الإيثانول” الطبية، 4 جهات فقط، هي: يمكو للتجارة والصناعة، الحسين للأدوية والمستلزمات الطبية، معمل بن الخدروج، والنور الأدوية والمستلزمات الطبية، وفق الباكري.

مقالات مشابهة