المشاهد نت

من يعيق تحقيق السلام في اليمن؟

مشاورات السلام اليمنية في السويد - صورة ارشيفية

صنعاء – حفصة عوبل:

الحرب في اليمن لم تبدأ فعلياً في 21 سبتمبر 2014، يوم اجتاح الحوثيون “أنصار الله” صنعاء، وإنما في يوليو من العام نفسه. وهي الفترة التي بدأ الحوثيون ينسجون خيوط الانقلاب على الدولة من خلال تحركهم من صعدة إلى محافظة عمران، ومواجهة قوات الجيش التي كان يقودها آنذاك القائد حميد القشيبي.
وأعلن الحوثيون في يوليو 2014، سيطرتهم على مقر اللواء 310، وقوات الأمن الخاصة، وإدارة الأمن، وإدارة شرطة المرور في محافظة عمران، وكلها كانت منشآت أمنية للحكومة اليمنية.
وفي 25 مارس 2015، بدأت العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، على اليمن، وأدخل اليمنيون في حرب طويلة لا يُعرف متى ستنتهي. وبعد دخولها في عامها السادس يبدو أن الجميع يبحث الآن عن مخرج من هذا النفق الذي لا يبدو أن له نهاية واضحة.

نزع السلاح الحل أولاً

يضع بعض السياسيين في اليمن كل اللوم على جماعة الحوثي بأنها السبب الرئيس في إشعال فتيل الحرب، فلولا هذه الجماعة لما تجرأت أية دولة على إدخال اليمن في حرب هي في غنى عنها.
فلماذا لا تسعى الأطراف المتنازعة في اليمن إلى اتفاق داخلي، والدفع بعملية السلام في ما بينها بعيداً عن التدخل الخارجي وفرض الوصايات والآراء التي لا تخدم الوطن ولا المواطن اليمني، إلا في ما يخدم مصالحها؟
يقول الصحفي ياسر اليافعي، المختص في الشأن الجنوبي: لا أعتقد أنه بالإمكان الوصول إلى سلام داخلي بهذا الوقت، ومازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق سلام شامل ودائم في اليمن، فالأطراف المتنازعة في اليمن كثيرة، والقضايا المتنازع عليها متراكمة ومعقدة، لذلك من الصعب الوصول إلى سلام شامل ودائم بهذه المرحلة على أقل تقدير، حسب رأيه الشخصي.
ويرى اليافعي، أن الأطراف المتنازعة في اليمن متعددة، بعضها جعلت من الحروب وسيلة للكسب والمتاجرة، وبعضها لديها قضايا دينية ويرون أنهم الأحق بحكم اليمن، وأطراف أخرى تشعر بالتهميش من قبل النظام السابق، وتجد هذه المرحلة فرصة للحصول على حقوقها كاملة ولو باستخدام القوة.
بينما يخالفه الرأي في ذلك الدكتور حمزة الكمالي، حيث يقول: “باعتقادي أن تحقيق السلام بين الأطراف اليمنية ممكن في حالة واحدة فقط، وهي إذا تخلت جماعة الحوثي عن السلاح، وإذا اتجه الحوثي للتحول إلى مكون سياسي عوضاً عن كونه مكوناً طائفياً”.
ويتفق معه بالرأي في نزع السلاح لتتم عملية السلام بالشكل السريع، عدنان العديني، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب الإصلاح، حيث يقول: “وجود السلاح بيد الأطراف المتقاتلة، هو الذي يقود إلى الحرب، انتزعوا السلاح من الأطراف السياسية، فإن هذه المآسي التي تتكرر لليمن، هي نتيجة هذا الخطأ، وهو وجود السلاح مع طرف من الأطراف، والذي لم يعجبه شيء يلجأ إلى السلاح ويسيطر على المشهد”.
محمد العماد، رئيس شبكة الهوية الإعلامية بصنعاء، يقول لـ” المشاهد “: “أولاً أنصار الله هم الوحيدون الذين كانوا محامين على أنفسهم منذ السابق (قبل الحرب)، وبعد اشتعال الحرب والتدخل السعودي الخليجي انكشفت نواياهم تجاه اليمنيين، والكل يعرف ذلك الآن، فهل من الممكن أن نقول لأي مكون يمني أن يسلم سلاحه؟ هل يمكن أن نقول للإصلاح أن يسلمه سلاحه، سيكون كارثة. اليوم يجب أن نحمل السلاح دفاعاً عن أرضنا وعرضنا، هل يمكن أن نسلم السلاح لبن بريك والإمارات وأولاد زايد؟ أعتقد أن موضوع تسليم السلاح فات أوانه، وأن تسليمه لن يأتي إلا بتسليم الأرض والسيادة لليمنيين، وهذا خط أحمر، ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه، لا الإصلاح ولا أنصار الله”.

تحقيق سلام داخلي

لا يتم تحقيق السلام دون تدخل خارجي سواء كان من التحالف أو دول أجنبية أخرى. هكذا يؤكد البعض، ويرى أن دورهم إيجابي في ذلك.
يقول اليافعي، وهو يوضح رأيه في عدم وجود تحقيق سلام في الوقت الحالي: “اليمن باتت ساحة للصراع الإقليمي والدولي، ومن الصعوبة أن تنتهي الحرب دون تفاهمات إقليمية على الأقل. فمثلاً الحوثيون تدعمهم إيران، والتدخل الإيراني في اليمن هو سبب الحرب بعد انقلابهم ووصولها إلى باب المندب والسواحل الجنوبية، ما جعل دول الخليج تشعر بالخطر على أمنها القومي، وتدخلت بعاصفة الحزم 2015، ومازالت حتى اليوم، ولا يمكن أن توقف الحرب إلا بتفاهمات إقليمية، من خلالها يتم رفع يد إيران عن دعم الحوثيين”.

إقرأ أيضاً  التغلب على النزوح من خلال حياكة المعاوز

أبرز الصعوبات فقدان الثقة بين الأطراف المتنازعة، والتدخلات الخارجية، وحشر الدين وقضايا تاريخية في الحرب، وكذلك تراكم القضايا في البلاد، وفقدان الجنوبيين الثقة بكل الأطراف الشمالية.


وعن الصعوبات التي تمنع جلوس الأطراف إلى طاولة واحدة، والتحاور في ما بينهم، يقول إن أبرز الصعوبات فقدان الثقة بين الأطراف المتنازعة، والتدخلات الخارجية، وحشر الدين وقضايا تاريخية في الحرب، وكذلك تراكم القضايا في البلاد، وفقدان الجنوبيين الثقة بكل الأطراف الشمالية.
ويقول العديني: “الحوثي لا يستطيع أن يتعامل بلغة السياسة، هو يصر على أن يتعامل مع اليمنيين من فوهة البندقية، نريد منهم أن يأتونا بطرف يقبل الحوار السياسي، وستنتهي الحرب؛ نريد السلام الدائم المستدام، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا في حال نزع السلاح من يد المتقاتلين أو من يد الأطراف السياسية، ويوضع في يد مؤسسة وطنية لا تستخدمه إلا لمصلحة البلاد، هذا هو شرط السلام”.

مقترحات لتحقيق السلام

فكرة عملية السلام أصبحت موجودة بين الأطراف بشكل مستمر، ولكن لماذا لا تتحقق ويكون هناك تنازلات من أجل المواطن اليمني الذي يعاني من ويلات الحرب لسنوات، فالقوى السياسية تحيا في رغد العيش، بينما يعيش المواطن تحت خط الفقر، علاوة على ذلك انتشار الأوبئة والأمراض والحصار… الخ.
يقول العديني: “هناك متاجرون بالحرب، وهناك متاجرون بالسلام، يتحدثون عن السلام ثم لا يتحدثون عن شروطه، كيف سنصل إلى السلام والبندقية بيد الحوثي؟”.
ويؤكد قائلاً: “نحن جاهزون للسلام في كل الأوقات، لكن شروطه غير موجودة ومنعدمة”.
ويقول الكمالي: “في ما يخص التدخل الخارجي، وهو تدخل الأشقاء، أعتقد أن هناك تدخلاً محموداً في صالح اليمن ولدعم اليمن، لكن تدخلاً كإيران وروسيا وتركيا لن يكون في صالح اليمن، نحن نعلم أن إيران تدعم الحوثي وتدعم الحرب، وروسيا ليست ضليعة في الملف اليمني، والأهم أن يصل السلام عبر الأمم المتحدة ومظلتها، لأنها لا تمثل مصالح دول بعينها، ولن يكون لها أطماع في اليمن، على الرغم من أن بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعمل بشكل سيئ في هذه الظروف”.
أما الحل من وجهة نظر جماعة الحوثي “أنصار الله”، كما يقول العماد، وهو يوضح لمن يقول بأنهم سبب إشعال الحرب في اليمن: “لو أن الحوثيين هم سبب الحرب في اليمن، لما كان تآمر الإمارات على الإصلاح اليوم. إن سبب الحرب على اليمن هو شيء واحد، ويجب على اليمنيين أن يدركوه، وهي ثورة 2011 التي أرادت أن تنتزع الوصاية من بين الخليجيين الذين جعلونا عبيداً، واستعبدونا 50 عاماً، والذي سخر لهم ذلك هو نظام عفاش، ولهذا الحرب التي تمت إذا ما كانت على الحوثي، كانت ستشتعل ضد الإصلاح. فالتآمر تآمر واضح على اليمن بشكل مباشر أو غير مباشر، لهذا نحاول قدر المستطاع أن نكون حصيفين، وأن ننظم الأولويات الخاصة بنا، وأن ندرك أن الحل هو بالحفاظ على المكونات الأساسية التي شاركت في ثورة 2011، وأن نسقط المتسلقين الذين دخلوا فيها”.
ويرى اليافعي أن السلام في اليمن لن يتحقق إلا بضغوط خارجية ليس فقط على الأطراف اليمنية، ولكن لكل الأطراف الداعمة الإقليمية والدولية، ومتى ما حدثت تفاهمات إقليمية يعتقد أن الحرب ستتوقف في اليمن، بالإضافة إلى وجود قيادات سياسية من الجيل الشاب قادرة على تجاوز الماضي وتبعاته.
يتعين على الأمم المتحدة أن تضع خطة لإنهاء النزاع الدامي في اليمن، استناداً إلى إطار عمل مجلس الأمن؛ وعمل خطة تعالج الأسباب الجذرية، بدلاً من التركيز على القضايا والآثار السطحية بدون دراسة صادقة للأسباب الرئيسية، سواءً كانت طائفية بطبيعتها أو سياسية، فإنه لن يكون هناك سلام إلا بضغط أممي على جميع الأطراف للتخلي عن السلاح، والبدء في تنفيذ الاتفاقيات المشتركة في ما بينهم.

مقالات مشابهة