المشاهد نت

ترتيبات لتوحيد العمليات المصرفية بين صنعاء وعدن

صنعاء – وضاح الجليل

تجري عدة ترتيبات بين سلطات البنك المركزي في عدن ونظيرتها في البنك المركزي في العاصمة صنعاء، من أجل التعاون المشترك بين البنكين في عدد من القضايا المالية المصرفية.
وذكرت مصادر اقتصادية مطلعة في صنعاء لـ”المشاهد” أن تلك الترتيبات تهدف أساساً إلى وضع خطط يتم من خلالها توحيد العمليات المصرفية والمالية في كافة المحافظات، ووقف انهيار العملة المحلية وضبط سعرها أمام العملات الأجنبية، بخاصة في المناطق التي تديرها الحكومة المعترف بها.
وأشارت المصادر إلى أن تلك الترتيبات جاءت ضمن عددٍ من التدابير الاقتصادية التي يرعاها مكتب المبعوث الأممي مارتن جريفيث، ضمن مساعيه إلى التوصل لاتفاق سياسي، أو ما يعرف بوثيقة الإعلان المشترك التي يتبناها.
وتوقعت أن يكون هناك توجه لضبط سعر الدولار مقابل الريال اليمني بـ700 ريال، مرجحة تسهيل الحوثيين هذه الترتيبات وإتمامها خلال الأيام القادمة، مشيرة إلى أن النقاشات ستتم عبر دائرة تلفزيونية.
ووصل سعر الدولار مقابل الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة إلى 870 ريالاً؛ مع تخوفات من تجاوزه حاجز الألف إذا استمر الانهيار بهذه الطريقة؛ وعدم وجود خطط إنقاذ عاجلة، في حين توقف سعر الدولار مقابل الريال عند حاجز الـ600 في مناطق سيطرة الحوثيين، خلال الأيام الماضية.
وبرغم أن هذا الوضع يعزز من موقف الحوثيين المالي والاقتصادي مقابل الموقف الحكومي، والذي يؤثر على شعبية الطرفين سلباً وإيجاباً؛ وبرغم سعي الحوثيين الدائم إلى الإضرار بموقف الحكومة؛ إلا أن المصادر ذاتها أكدت لـ”المشاهد” أن إجراءات حكومية مرتقبة تشكل تهديداً حقيقياً يواجه الحوثيين، وتنذر بسحب الأفضلية منهم، ومن ذلك تنفيذ قرار البنك المركزي في عدن الإلزامي بفتح الاعتمادات لاستيراد البضائع الحيوية مثل الوقود والمواد الاستهلاكية الأساسية من أغذية وأدوية، في حساباتها لديه، وإلزام البنوك التجارية بتوريد أثمان هذه البضائع في حساباتها لديه.
وأعلن البنك المركزي في عدن، قبل عامين، عن استئناف تمويل واردات السلع الأساسية، استناداً إلى وديعة سعودية بملياري دولار، وربط عملية فتح الاعتمادات بالمصرف المركزي التابع للحكومة، موجهاً الشركات المستوردة بالتعامل المباشر معه إذا أرادت فتح اعتمادات لاستيراد المواد الأساسية، إضافة إلى منع دخول السفن التي تحمل سلعاً ومشتقات نفطية، ولا تملك اعتمادات أو مستندات عبر البنك المركزي اليمني في عدن، الأمر الذي تسبب في تهديد حقيقي لمصالح كبار التجار ورجال الأعمال الموالين لجماعة الحوثي.
غير أن الحوثيين لجأوا إلى استئناف تمويل الواردات، وحذروا الشركات والبنوك التجارية من التعامل مع البنك المركزي في عدن، مع التهديد بفرض عقوبات وإغلاقات ضد مخالفي قراراتهم، وتعهدوا بتوفير العملة الصعبة لتغطية فاتورة الاستيراد.
وبرغم أن الحكومة نجحت في منع تدهور العملة قبل عامين، وتمكنت من إعادة أسعار الصرف إلى ما كانت عليه قبل حدوث الانهيار في حينه؛ إلا أن الإجراءات الحوثية الصارمة مقابل التراخي الحكومي في التعاطي مع الأمر، ونتيجة الانقسامات التي تشهدها الحكومة الشرعية والقوى الموالية لها، إضافة إلى أحداث عدن في صيف العام الماضي، عادت العملة للتدهور من جديد في مناطق سيطرة الحكومة؛ في حين استمر الحوثيون في ضبط أسعار الصرف لديهم، ورفضوا التعامل بالطبعة الجديدة من العملة المحلية التي أصدرتها الحكومة، الأمر الذي جعل لها سعرين مختلفين بين مناطق سيطرة الطرفين.
ويعيد خبراء اقتصاديون نجاح الحوثيين في ذلك، إلى إدارتهم أموالاً وأسواقاً نشأت بفعل الحرب، وتدور أعمالها خارج الأطر الرسمية، ولديها دورات مالية خاصة بها لا تخضع للدورة المالية الرسمية.
وفي المقابل، فإن فشل الحكومة، بحسب تقارير للبنك الدولي، يرجع إلى عدة أسباب، أهمها فشل البنك المركزي في عدن في تنفيذ الربط الشبكي لشبكات التحويل بينه وبين كافة محلات وشركات الصرافة، وعدم مقدرته بالتالي على الرقابة عليها، وضعف النفوذ الاقتصادي للحكومة والنفوذ المصرفي للبنك المركزي غير القادر على مراقبة حركة التمويل للبنوك ومحال وشركات الصرافة للتأكد من أنها تمول أنشطة اقتصادية حقيقية، وليس مضاربات على الدولار، في حين يسيطر الحوثيون على هذا القطاع سيطرة صارمة.

مقالات مشابهة