المشاهد نت

شباب عدن… ابتكار في زمن الحرب

في زمن الحرب استطاع فريق من شباب عدن تطوير بوابة إلكترونية تقوم بمهام متعددة للحد من تفشي وباء كورونا

عدن – بديع سلطان

يتحدث كثير من المتابعين للشأن اليمني، عن تأثيرات الحرب الدائرة في البلاد على أوضاع المواطنين، والشباب على وجه الخصوص، وكيف أن هذه الحرب انعكست على اليمنيين، ودفعت بهم إلى تعطيل حياتهم، والاستسلام لتبعات القتال، في انتظار انتهائها.

غير أن الواقع يتحدث بعكس ذلك تمامًا، من خلال إنجازاتٍ تكشف مدى إيجابية وفاعلية الشباب اليمني، وقدرتهم على مواجهة تداعيات الحرب، بل التغلب عليها.

وتجسد ذلك في ثلة من شباب مدينة عدن، الذين قدموا نموذجًا حيًا لإصرار الشباب اليمني وقدرتهم على الإبداع والتفكير والابتكار، رغم قساوة ظروف الحرب.

حربٌ وكورونا

لم يتوقف الشباب اليمني عند الانتصار على الحرب، بل تعداه ليثبت قدرته على التغلب على جائحة كورونا المستجد، التي فاقمت الأوضاع القاسية للبلاد.

غير أن اللافت، هو نجاح ثلة من شباب عدن في توظيف قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي، وتسخيرها لمواجهة الجائحة، من خلال تصنيع روبوتات تقدم خدمات صحية للمجتمع تكافح فيروس كوفيد 19، في ظل الحرب.

جاء ذلك ضمن مشروع “نحو بيئة تعليمية آمنة خالية من الأمراض”، الذي تنفذه مبادرة “سنحييها بالعلم”، في مدينة عدن، بالشراكة مع منظمة كير العالمية.

وتتحدث مشرفة ومدربة المشروع ورئيس قسم الروبوت والذكاء الاصطناعي في وزارة التربية والتعليم اليمنية، المهندسة ريم حميد، لـ”المشاهد” عن تفاصيل المشروع، مشيرةً إلى أنه مشروع طموح وذو أبعاد اجتماعية وصحية.

حارس إلكتروني للحد من تفشي الوباء

وتضيف حميد: “الروبوتات المصنعة، عبارة عن بوابات إلكترونية ناطقة، تمنع اجتياز الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع درجات الحرارة ونبضات القلب ولم يتعرضوا للتعقيم، وتم تصنيعها خلال ورشة عمل خاصة بـ”الذكاء الاصطناعي في مواجهة كوفيد 19″، والتي استضافها مركز الكويت للتدريب، وبإشرافٍ مباشر من مكتب التربية والتعليم بمديرية صيرة، في مدينة عدن.

وتشير إلى أن الورشة ضمت طلابًا مبدعين من محافظة عدن، ومن أفضل خريجي قسم الروبوت في مركز الكويت للتدريب بالمحافظة.

تسخير الذكاء الاصطناعي

وتقول حميد: تم إنتاج روبوتات آلية، تعمل كبوابات روبوتية ذكية لمكافحة كوفيد 19، تتكون من ثلاثة أجزاء، كل جزء يشكل مرحلة مختلفة، إذ يقوم الجزء الأول الذي هو عبارة عن عربة تعقيم، بتطهير مقتنيات زائري المرافق أو الأماكن العامة، من خلال وضع حاجيات الشخص الزائر في مكان معين؛ لتقوم “البوابة الروبوت” بتعقيمها. فيما يقوم الجزء الثاني من الروبوت بثلاثة أشياء رئيسية، هي التعقيم الآلي لأيادي الزائرين، وقياس درجة الحرارة عن بُعد، بالإضافة إلى قياس نبضات القلب. أما الجزء الثالث فهو مرتبط ببوابة ذكية تتيح التعرف على الأشخاص غير المعقمين، وما إذا كانت حاجياتهم ومقتنياتهم معقمة أم لا، وعند التأكد من عدم حصول الزائرين على التعقيم اللازم، تطلق البوابة الإلكترونية صافرات إنذار مع ضوء أحمر تحذيري، أما في حالة التعقيم فتتم إضاءة اللون الأخضر. مؤكدة أن كل تلك المراحل تتم بشكل آلي، دون أي تدخل بشري.

إقرأ أيضاً  مخيمات النازحين.. تحت رحمة «المنخفض الجوي»

وتلفت إلى أن البوابة مزودة بتعليمات صوتية ومكتوبة على شاشات خاصة تظهر نتيجة الفحوصات، كفحص درجة الحرارة وقياس نبضات القلب.

بوابة الكترونية تعمل بالطاقة المتجددة

شباب عدن... ابتكار في زمن الحرب
البوابة الإلكترونية تعمل أيضا على الطاقة المتجددة

كما أن “البوابة الروبوت” مزودة بمنظومة طاقة شمسية، تتيح الشحن عبر الشمس، بالإضافة إلى إمكانية شحنها من خلال الكهرباء، عبر منظومة متكاملة تنظم شحن القطع المغذية للمشروع. مع احتفاظ المشروع ببطاريات لضمان العمل عليها في فترات انقطاع الكهرباء، أو احتجاب الشمس، وللعمل في الليل، أي أنها لا تتوقف عن العمل. كما أن البطاريات تدوم فيها لفترة طويلة، بحسب المهندسة ريم.

وتؤكد أن هذا المشروع التقني يمكن أن يُستثمر في العديد من المرافق والمؤسسات العامة، وفي المدارس والمستشفيات، ويقدم حماية من الجائحة العالمية. داعية الحكومة اليمنية ورجال الأعمال والمستثمرين إلى تبني المشروع، وإنتاج كميات تجارية منه؛ دعمًا للشباب الذين ابتكروه وصنّعوه، وتقديمه بأسعار رمزية للمجتمع، حتى يسهم في خدمة المواطنين، والوقاية من كوفيد 19.

وفي ذلك إشارة إلى أن هذا المشروع طموح، وبإمكانه أن يعمم على كافة المرافق العامة، وينجح في الحد من تفشي وانتشار جائحة كورونا.

كسر الانطباع السائد

شباب عدن... ابتكار في زمن الحرب
أحد فريق مشروع تطوير البوابة الإلكترونية في المراحل الأولى من المشروع

منفذو المشروع ومبتكروه يحملون معانٍ عميقة لإنجازهم الإلكتروني هذا، الذي خرج من “رحم المعاناة”، بحسب وصف أحد أعضاء فريق العمل، الشاب أحمد ثواب.

ويضيف، أن المشروع يمثل نموذجًا قدمه شباب عدن، كتأكيد على مدى قدرتهم واستطاعتهم في الانتصار على ظروف الحرب القاسية، وما يرافقها من تبعات وتداعيات اقتصادية ومالية، وحتى صحية، كما هو الوضع مع جائحة كوفيد19.

ويؤكد ثواب أن هذا النموذج الشبابي يفند الانطباعات الخاطئة التي تتحدث عن ضعف قدرات اليمنيين، أو استسلامهم لظروف القتال المستمر منذ سنوات في البلاد، ويؤكد أن أبناء هذا الوطن قادرون على تحقيق المستحيل، متى ما توفرت لهم الإمكانيات

مقالات مشابهة