المشاهد نت

إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي: ورقة ضغط ام مسار مفخخ بخلط الاوراق في طريق الازمة؟

المشاهد-  معاذ الحيدري  -خاص :

 

دخلت التطورات السياسية والعسكرية في عدن منعطفا جديدا أكثر تعقيدا. ففي الوقت الذي سعت فيه شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي نحو احداث تغيير تمثل بقرار تعيين محافظ جديد لعدن، قرر الطرف الاخر المواجهة وسلك طريق التصعيد المباشر وغير المباشر.

في إطار خطة التصعيد من قبل المقاومة الجنوبية، أعلن أمس الخميس في عدن عن تشكيل مجلس انتقالي بقيادة المحافظ المُقال، عيدروس الزبيدي، المدعوم من الإمارات، ليكون ذلك بمثابة سلطة معارضة لـ شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعوم من السعودية، الامر الذي قال عنه مراقبون انه يؤشر إلى استمرار التوتر في العلاقة بين أركان التحالف في اليمن.

وأعلن الزبيدي، الذي أقاله الرئيس هادي أواخر أبريل الماضي، عن تشكيل «هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي»، برئاسته، وعضوية 26 شخصاً، بينهم محافظو خمس محافظات جنوبية، ووزيران من حكومة هادي، فيما عُين الوزير المقال والمحال إلى التحقيق، هاني بن بريك، نائباً له.

وشلمت عضوية المجلس محافظ حضرموت، أحمد بن بريك، ومحافظ لحج، ناصر الخبجي، ومحافظ شبوة، أحمد حامد لملس، ومحافظ سقطرى، سالم عبد الله السقطري، ومحافظ الضالع، فضل الجعدي، وعدداً من الوزراء في حكومة هادي.

“العمل على استكمال إجراءات تأسيس هيئات المجلس، وإدارة وتمثيل الجنوب داخلياً وخارجياً” قال الزبيدي انها من مهام هيئة رئاسة المجلس واختصاصها. والى جانب ذلك “الشراكة مع التحالف في مواجهة المد الإيراني في المنطقة، والشراكة مع المجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب”، المتمثل بالمجموعات المتطرّفة مثل «القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية».

وتأتي هذه التطورات في وقت يتصاعد فيه الحديث عن تباين في الأولويات والمصالح بين السعودية والإمارات، حليفتها الأقوى في «التحالف»، وخصوصاً بعد خروج المحافظ الجديد، عبد العزيز المفلحي، من عدن بعد أقل من 24 ساعة على تعيينه.

المواقف المؤيدة

قليلة هي المواقف التي ايدت هذه الخطوة سواء على مستوى الداخل او على مستوى الخارج. على مستوى الداخل ايد القرار ربما محافظ حضرموت، والذي اصدر بيانا تايد للمجلس، مؤكدا بالقول: “نود هنا الاصطفاف في لحمة واحدة بقلب رجل واحد بجانب هذه القيادة لهذا المجلس ومن معها من المكونات والتشكيلات التي ستلحق هذا التكوين القيادي وهي تشكيل المجلس الاستشاري ذات النخب المرجعيات الكبرى والمجلس العسكري الذي يمثل قيادات ضباط وصف في جنود القوات المسلحة الجنوبية والأمن ، هذه المكونات جاءت في ظل قيادة الشرعية بقيادة المشير الركن / عبد ربه منصور هادي ويعتبر رئيس الشرعية توافقياً ، نعترف بوجوده ونعلن أنه هو الأب والحكم في قيادة دفة البلاد وتحقيق إنجاز المظالم التي لحقت بالجنوب طيلة 26 عاماً ، ويشكل هذا المجلس نقطة التقاء لكافة الجنوبيين في كل بقاع بلادنا الحبيبة”.

وتابع البيان “من هنا نؤكد على مطلبنا الرئيس في تحقيق إقليمين إقليم للشمال إقليم للجنوب لدولية اتحادية فيدرالية بقيادة المشير الركن/ عبد ربه منصور هادي”.

الشرعية ترفض

بعد ساعات من الإعلان اجتمع الرئيس عبدربه منصور هادي بالعديد من المستشارين ورجال الشرعية، وخرج الاجتماع ببيان جاء فيه: “يرفض الاجتماع رفضا قاطعا ما سمي بتشكيل مجلس انتقالي جنوبي يقوم بإدارة وتمثيل الجنوب مؤكدين ان تلك التصرفات والأعمال تتنافى كليا مع المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا واقليميا ودوليا والمتمثلة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصِّلة، وتبقى اعمالاً لا اساس لها ولن تكون محل قبول مطلقا.

ودعا الاجتماع كل المسئولين وغيرهم ممن وردت أسمائهم فيما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي اعلان موقفا واضحا وجلياً منه، كما يشكر الاجتماع ويدعم كل من أعلن موقفه من كيانات مناطقية لا تخدم المصالح الوطنية العليا.

بيان هزيل

سياسيون اعتبروا موقف الشرعية بالهزيل والضعيف ولم يرقى الى المستوى المطلوب والمفترض؛ حيث وانه حمل لغة المطالبة وجاء البيان بلغة الهدوء والتحذير. والى جانب ذلك مسالة الترحيب باي كيانات تعمل في إطار الشرعية مسالة اثارت شكوكا كثيرة، يأتي بعد ذلك إعادة تفويض هادي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز التوافق نقطة تثير الكثير من علامات الاستفهام أيضا حسب مراقبون.

وانتقد سياسيون عدم تطرق البيان الى المسؤولية القادمة للحكومة الشرعية، وما سيتم اتخاذه من إجراءات في المستقبل، وطبقا لمراقبين، يتضح من خلال البيان ان وضع صعب ومعقد امام الرئيس هادي وقيادة الشرعية ومن خلفهما التحالف العربي جراء هذا التطور الخطير.

إقرأ أيضاً  الهروب من البشرة السمراء.. تراجيديا لا تدركها النساء

وأشار المراقبون الى انه إذا لم يتبع البيان خطوات عملية لاحتواء ما يجري من قبل الشرعية والتحالف بشكل عام فان الأمور مرشحة للتعقيد أكثر.

ماذا يقول المراقبون والسياسيون عن المجلس

اعلان مجلس انتقالي في الجنوب، أحدث جدلا سياسيا واسعا على المستويين السياسي والشعبي، وانتجت الخطوة حالة استنكار شعبية وسياسية، فهناك من اعتبره امرا ليس بالمقلق كثيرا، وهناك من اعتبره انقلابا على شرعية الرئيس، وهو امرا خطيرا، وسيقود عدن نحو صداما عسكريا بين الشرعية ومن أعلنوا المجلس.

يقول الكاتب الصحفي، محمد جميح، معلقا على هذه الخطوة بالقول: “لا تأبهوا كثيراً لميلاد “فصيل حراكي” جديد في عدن. مجلس عدن “المتمرد” كمجلس صنعاء “الانقلابي”. والمضحك أن يتحدث الأخ عيدروس باسم الجنوب. ففي أقوى الديمقراطيات، في العالم، لا يجرؤ مسؤول على الحديث باسم الشعب إلا بانتخابات حرة ونزيهة. ما كل من جمع عدة آلاف في ساحة عامة في مدينة يستطيع أن يعلن تمثيل الشعب. لو صح ذلك، فإن صالح والحوثي يجمعان في صنعاء أضعاف ما يجمع عيدروس وهاني في عدن”.

وتابع جميح قوله “المضحك أكثر أن بيان الأخ عيدروس يشدد على أن المجلس يمثل الجنوب في الداخل والخارج، وهو مجلس لم يعترف به الداخل الجنوبي كله، ناهيك عن اعتراف الخا….

ناهيك عن اعتراف الخارج. لا تقلقوا. كل هذه إفرازات ضرورية للمرحلة، وستذهب مع ذهاب مسبباتها”.

اتهام الامارات بالوقوف وراء اعلان المجلس

عقب اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، ذهب الكثيرون من السياسيين المحسوبين على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، نحو الهجوم على دولة الامارات سواء في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي او في وسائل الاعلام المحسوبة على الشرعية، متهمين هذه الدولة الشريكة في التحالف بالوقوف وراء تلك الخطوة.

واعتبر أولئك السياسيون وغيرهم من الناشطين، مساندة الامارات لهذه الخطوة امرا يستهدف وحدة اليمن ويعمل على تمزيقه وتقسيمه. مشيرين الى ان زيارة محافظ حضرموت الى أبو ظبي قبل يومين من اعلان المجلس ما هو الا دليل واضح للتنسيق الذي أكده بيان التايد الصادر من قبل محافظ حضرموت، المحافظ الذي ما زال يعمل مع الشرعية.

خارج سياق اللجنة الثلاثية

يذكر ان التطورات المتسارعة التي تلت قرارات هادي، أدت إلى تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة اليمن، وعضوية السعودية والإمارات، هدفها تنسيق المواقف والخطوات حيال سير الأمور في اليمن.

 

وتأتي خطوة الزبيدي بتشكيل «هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي» من خارج سياق التفاهم المسبق على الخطوات، وخصوصاً في عدن، والذي حاولت اللجنة الثلاثية تكريسه كقاعدة لعمل أطراف «التحالف» الذي تقوده السعودية في اليمن.

واستدعت هذه الخطوة ردود فعل رافضة للمجلس الجديد، واعتبرتها وسائل إعلام مقرّبة من هادي بمثابة «شق للصف الوطني»، فيما رأى فيها مراقبون تعبيراً عن استمرار الخلاف بين الرياض وأبو ظبي.

الخيارات القادمة

حتى الان يلف هذا التطور غموضا كبيرا، وباتت كل الاحتمالات واردة. وبالمقابل يسود الوسط السياسي والشارع الجنوبي حالة من الترقب للخطوات التي ستتخذ من قبل الطرفين. فعلى مستوى من أعلنوا المجلس يقال انهم يحضرون لتشكيل مجلس عسكري وان هناك خطوات يجري التحضير لها حاليا.

وعلى مستوى الشرعية، يتوقع البعض ان تتخذ إجراءات صارمة، قد تشمل جملة اقالات وتغييرات لمن ايدوا المجلس ولمن لم يتخذوا مواقف واضحة من الخطوة. في حين يتوقع البعض ان تصعد الشرعية ومعها التحالف العربي وقد يمتد الامر الى المواجهة في حال لم يتراجع عيدروس الزبيدي وجماعته عن قراراهم ومجلسهم.

وما بين هذا وذاك يرى مراقبون ان الهدف من وراء هذا المجلس الانتقالي هو تشكيل ورقة ضغط من قبل القيادة الجنوبية وبالتنسيق مع دول إقليمية لتمرير سياسة معينة ضد مكونات سياسية متحالفة مع الشرعية، بل ان الضغط هذا تمارسه دولة الامارات على دولة السعودية حليفتها في التحالف أولا، وعلى الشرعية ثانيا، لتمرير سياسة معينة، عبر التهديد بورقة الانفصال.

وحتى الان تبقى عدن على صفيح ساخن، وتبقى الخيارات مفتوحة على كل الصعد، وكل السيناريوهات أيضا مفتوحة، والساعات القادمة كفيلة بتحديد مسارات هذا التطور، فإما سيتم احتواء الموقف في حال كان الهدف منه الضغط؛ واما سيتم التصعيد في حال قرر الجميع الخوض في المواجهة، والإصرار على السير في مسار جديد، كل نتائجه مجهولة، وغير معلومة، وواضحة.

مقالات مشابهة