المشاهد نت

اليمن والمعوقات لوصول المساعدات الانسانية -تقرير-

المشاهد-نجيب العدوفى -خاص:
أصبحت اليمن بلاد منسية.. فالصراع وحده من يبرز على الساحة وتتناقله وسائل الإعلام في الداخل والخارج، في حين تغيب الرسالة الإعلامية التي تنقل قصص الوضع الإنساني في اليمن، في المقابل تبرز الأعمال الإغاثية شحيحة، ومرهونة بصحوة ضمير أطراف الصراع، ليصبح اليمن بلداً منسياً ومحروماً من الأشياء التي تمد سكانه بالحياة.. أسباب كثيرة خلفت هذا النسيان يسرد هذا التقرير بعضاً منها.

بلدٌ تقتله الحرب
وجع كبير يسكن هذا الوطن الذي تقتله الحرب كل يوم، ليصبح بلداً منسياً، حتى المنظمات الدولية المعنية بالإغاثة تعمل باستحياء، وأغلب جهودها تسيطر عليه جهات لها نفوذها بما فيها القوات المقاتلة، ويقول أحد العاملين في منظمة إغاثية لـ”المشاهد”: “لدينا برامج إغاثية في العديد من المناطق التي تشهد صراعات، لكننا نعاني من صعوبة وصولها إلى مستحقيها، وهناك أرقام مخيفة لزملاء تعرضوا للقتل أو الإصابة أو الخطف أو غيرها من الممارسات، وآخرها اغتيال أحد العاملين في الصليب الأحمر بتعز، كما أن بعضاً من أطراف الصراع تجبرنا على أن نسلم المعونات إليها، وهي تتحمل مسؤولية توزيعها، وهذه جريمة إلا أننا لا نملك أي خيار أمام عناصر مسلحة لا تفقه قوانين الحروب”.

منظمات تملك مبررات حضورها الباهت
من جانبه الباحث والمهتم وجدي الأغبري يرى أن المنظمات تمتلك المبررات خاصة فيما يخص حماية موظفيها والحفاظ على سلامتهم، خاصة في ظل تزايد الحالات التي تتعرض للعديد من الانتهاكات والاعتداءات التي وصلت إلى القتل المتعمد، وهذه المسألة تعكس الشراسة واللإنسانية في أطراف الصراع وغياب الوعي الكامل لديها بقوانين الحرب وأهمية الحفاظ على المدنيين ورجال الإغاثة وأهمية مساعدتهم على القيام بدورهم.

الإعلام الحوثي ودوره في تغييب اليمن
في ذات السياق تحدث “للمشاهد” أحد الصحافيين الكبار في اليمن -فضل عدم ذكر اسمه- عن سبب أن اليمن أصبح بلد حربٍ منسية،  “سأتحدث هنا عن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي تُعد الأكثر ضرراً مما يحدث، فجماعة الحوثي تسببت في جعل اليمن بلداً منسياً ولم يحصل على حقه من المعونات والأعمال الإغاثية وذلك بخطابها الإعلامي غير المنطقي والذي يمكننا القول عنه بأنه خطاب المنتصر، فهي تحرص على تقديم صورة إعلامية للعالم بأنها قوية وأنها تسيطر على المعركة، وتجاهلت الوضع الإنساني، وفي الأحرى أن يكون خطابها الإعلامي يخدم الإنسان اليمني وينقل معاناته، وبما يجسد صورة حقيقية عن الواقع المتردي الذي خلفته الحرب”.
هذا الخطاب الإعلامي المبالغ فيه، يراه الناشط الشبابي محمد عبدالملك يخدم أجندة سياسية، لكنه ينعكس سلباً على الواقع المعيشي للمواطن الذي يكتوي بنار هذه الحرب، خاصة في ظل غياب الإعلام المستقل الذي يهدف إلى خدمة الناس، ويشير عبدالملك لـ”المشاهد” إلى أن العاصمة صنعاء تحديداً تفتقر إلى وسائل إعلام محايدة تنقل معاناة الناس، خاصة أن جماعة الحوثي تمنع أي إعلام يمكن أن يتحدث عن وضع الناس، حيث أغلقت هذه الجماعة مختلف وسائل الإعلام وأبقت على تلك الوسائل التي تخضع لسيطرتها وتتبنى سياستها، فضلاً عن غياب الوعي لديها بأهمية وجود المنظمات الإغاثية فهي تعيق أعمالها وتمنعها من ايصال المساعدات إلى المستحقين أو القيام بدراسة احتياجات الواقع، وأغلب المساعدات تكون من نصيب هذه الجماعة التي تفكر بأن الحياة مغنم فقط”.

إقرأ أيضاً  بعد مرور عام من الوساطة الصينية بين السُّعُودية و إيران، أين يسير اليمن؟

22 مليون نسمة يحتاجون إلى المساعدات
من جانبه الشاب شادي حسان، يقول لـ”المشاهد” إنه مهتم بمتابعة الاحتياجات الإنسانية في اليمن في ظل الحرب، ويرى أن الأعمال الإغاثية شحيحة ولا تلبي الاحتياج المطلوب، وما يمكن قوله إن نسبة الأعمال الإغاثية لا تتعدى 30% من الاحتياج، خاصة أن 22.2 مليون يحتاجون للمساعدات الإنسانية في العام 2018 وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

إغاثة شحيحة وتحديات جسيمة
في ذات السياق تؤكد الإدارة العامة للمنظمات بوزارة التخطيط بصنعاء إن ظروف الحرب أجبرت جميع المنظمات الدولية في اليمن إلى التوجه نحو الأعمال الإغاثية كونها الأهم لتفادي الكارثة الإنسانية والتخفيف من أثارها السلبية، وترى إدارة المنظمات أن الاحتياجات الإنسانية تفوق إمكانية المنظمات وتتجاوز ما تقدمه هذه المنظمات، وتعول الإدارة على زيادة هذه المعونات خلال الفترة القادمة، إلا أنها لا تخفِ أن ثمة تحديات تقف أمام نشاط المنظمات الدولية خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني.

إغاثة اليمن وصحوة ضمير أطراف الصراع
حربٌ مستعرة لا تهدأ، وتجاهل إعلامي متعمد للواقع اليمني، ومنظمات تبحث عن طريق آمنة للوصول إلى عددٍ ممن يحتاجون إلى المساعدات، ومواطن يبحث عن الحياة والعيش بسلام.
أمورٌ كثيرة تتطلب من أطراف الصراع مراجعتها والتعامل بضمير إنساني تجاه الوطن والمواطن.

مقالات مشابهة