المشاهد نت

أم صدام… تمنت عودته معافى ، فلم تودعه ميتا.

المشاهد-
أمنية أم صدام برؤية ولدها قبل مواراة جسده التراب لم تتحقق، فالمسافة البعيدة بين قريتهم في عزلة بلاد الوافي التابعة لمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز المحاصرة من قبل جماعة الحوثي، ومحافظة مأرب حيث دفن، حال دون تلك الأمنية بحسب تأكيدها لـ”المشاهد”، مستدركة بحسرة “كنت أريد رؤيته قبل دفنه، وتمنيت لو يدفن بمقرة القرية”، وهو ما تكرر مع أربع عائلات في ذات المنطقة، فقدت أبنائها في جبهات القتال بمحافظات مأرب والجوف وحجة ودفنوا في مقبرة الشهداء بمارب خلال العام 2017، دون أن تلقي عليهم النظرة الأخيرة من قبل ذويهم، وفق ما رصده معد التقرير، فيما تقدر مصادر طبية في محافظة مارب، أن العشرات ممن قتلوا في جبهات القتال، دفنوا في مقبرة الشهداء بمدينة مأرب، منذ يناير/كانون الثاني 2017 حتى نهاية إبريل/نيسان 2018، دون أن يتمكن ذويهم من نقل جثامينهم لدفنها في قراهم.
قتل العشريني صدام في إبريل/نيسان 2017 شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف، عندما هاجم مسلحون سيارتهم، قبل أن ينهي صدام ورفاقه مهمتهم الأمنية، ودفن في مقبرة الشهداء بمحافظة مأرب.

طرقات بعيدة وشاقه
حالت الحرب والحصار الذي تفرضه مليشيات الحوثي، دون وصول جثة صدام إلى قريته التي تربى فيها، وعاش طفولته بجوار أمه، “الله ينتقم منهم، حرموني من رؤية ابني هو حي وهو ميت” تقول أمه، مضيفة أنها كانت تتوقع عودته حيا بعد أربعة أشهر من مغادرة المنزل، ولم تكن تتوقع أنها لن تراه ميتا أيضا.
واكتفت الأم بتعليق صورة ابنها الذي يعول أربعة أشقاء وشقيقات على جدار غرفته، تخاطب الصورة كما لو أنه حي، ولا تنسى أن تودعها قبل أن تنام، “أعرف أنه لن يستيقظ ثانية، لكني غير مقتنعة باستشهاده، لوكان دفن بجانبي، كنت سأقتنع” تقول الأم.
السفر من مدينة مأرب الواقعة شرق العاصمة صنعاء إلى مدينة التربة جنوب مدينة تعز يتطلب 24 ساعة بحسب سائق باص يقل المسافرين بين المدينتين قاسم أحمد، الأمر الذي لا يتيح إيصال جثث الشهداء إلى مناطقهم في مديريات محافظة تعز، ناهيك عن حصار مليشيات الحوثي لبعض المناطق، ما يصعب الوصول معه إلى تلك المناطق بوقت وجيز، إذ أن المسافة من مدينة تعز إلى بلاد الوافي كانت تتطلب ساعة فقط قبل الحصار، وحاليا تستغرق الرحلة من مدينة التربة، إلى قرية أم صدام خمس ساعات، كما يقول لـ”المشاهد”، الأمر نفسه يتكرر مع جنود في الجيش الوطني من محافظات تقع تحت سلطة الحوثي، قتلوا في في جبهات حرض في محافظة حجه، وصراوح بمحافظة مأرب، وجبهة نهم في محافظة صنعاء، واضطروا لدفنهم في مقبرة الشهداء بمحافظة مأرب بسبب عدم قدرتهم على نقل جثامينهم إلى مناطقهم لبعدها أولا، ووقوعها تحت سيطرة الحوثي ثانيا كما يقول مصدر بالجيش الوطني في مدينة مأرب.

إقرأ أيضاً  إيناس تتحدى الإعاقة وتلهم المجتمع  

الحرمان من لحظة الوداع
ويؤكد مصدر طبي في هيئة مستشفى مأرب العام الذي نقلت جثة صدام إليه قبل وفاته، أن إيصال جثامين الشهداء إلى مناطقهم ليس بالأمر السهل، في ظل الحرب التي قطعت الطرقات، واستبدالها بطرق شاقة بعيدا عن المواجهات العسكرية، والذي قال لـ”المشاهد” أن الوقت الطويل الذي سيقضيها السائق في قطع المسافة في تلك الطرقات، ستجعل الجثامين تتحلل وتعفن، مضيفا أن المستشفى لا يوجد به الإمكانيات الكافية لضمان وصول الجثامين إلى مناطقهم البعيدة دون تحللها، لكن أم صدام لا تعنيها تلك التبريرات، فولدها كما تقول ذهب للدفاع عن وطن استباحه الحوثيين، ولم يجد ما يكفي من التكريم، مضيفة أن تكريمه هو إيصال جثمانه إلى قريته، حتى لو المسافة بعيدة، على الأقل مراعاة للأسرة، التي حلمت بعودته معافى، ولم تودعه ميتا.

 

مقالات مشابهة