المشاهد نت

الموسيقار تكرير حبيس الكرسي المتحركة والحكومة لم تلتفت له

المشاهد-خاص:

يقضي الموسيقار اليمني القدير أحمد تكرير شيخوخته في عذاب وألم، بعد أن بات يعاني أوجاعاً متعددة بسبب تقدمه في السن وإصابته بجلطة أقعدته على فراش المرض عديم الحركة في حين وضعته يد الاهمال الحكومي فى زوايا النسيان.

البلبل الذي كانت تغاريده وألحانه تطرب مسامع اليمنيين على مدى عقود طويلة صمت وأصبح حبيس كرسيه المتحرك في بيته المتواضع في الشيخ عثمان بالعاصمة المؤقتة عدن ولم يعد قادراً على التغريد، فيما تقف أغنياته حداداً على صوته الذي أنهكه المرض.

لم يشفع لـ”تكرير” تاريخه الفني الطويل الممتد لأكثر من نصف قرن وشبابه الذي أفناه في خدمة الفن اليمني في أن ينال ولو القليل من الاهتمام الحكومي وكأن تهميش الفنانين بات سمة طاغية على السلوك الحكومي في اليمن.

ومنذ سنوات يواجه تكرير مرضه بقوة وصمت كاتماً وجعه وسوء حالته الصحية وألمه وحسرته في قصة مأساوية تعكس صورة من أبشع صور الجحود الذي تمارسه الجهات الحكومية في اليمن بحق الفنانين والمبدعين.

ولا يزال تكرير يعيش بين أفراد عائلته مرهقاً وقد أنهكه المرض، وزاده التهميش المتعمد تعباً نفسياً، في حين تصرف أموال لا حصر لها  من قبل الحكومة للمنتفعين بينما المبدع يموت بصمت .

وزارة الثقافة كما تقول اسرة تكرير هى المعنية بإنقاذه والالتفات لمعاناته حيث بات يصارع الموت منهك نفسيا يعيش اقصى صنوف الوجع .

خدم تكرير الوطن في أصعب المراحل والظروف من خلال مسيرة عطاء طويلة دون أن يطلب شيئاً وأفنى جل عمره وحياته راهباً في محراب الفن حتى داهمه المرض وأنهك جسده وروحه ليضل بعيداً عن اهتمام ورعاية الجهات المختصة رغم تردد أسرته على مكتب الثقافة بعدن دون جدوى.

وناشد عشرات الناشطين رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر و وزير الثقافة مروان دماج بالنظر في وضع هذه الهامة الفنية الكبيرة والتوجيه بعلاجه على نفقة الدولة تقديرا لأدواره الوطنية الكبيرة وعمره الذي أفناه في خدمة الفن اليمني.

وينتمي الفنان أحمد تكرير لأسرة فنية معروفة في محافظة لحج حيث كان والده عبدالرب تكرير أحد مطربي الأمير أحمد بن فضل القمندان، وأحد افراد الفرقة السلطانية العبدلية وسجل مع المطرب عمر غابة على تخت الموسيقي السوري نوري الملاح أغنية القمندان (شن ماطر على حيط لِحْسان) في أربعينات القرن الماضي كما أن اخوته الفنان فضل تكرير والفنان عادل تكرير, بينما يعد نجله عوض تكرير من أبرز الفنانين في محافظة لحج.

إقرأ أيضاً  سماهر.. الإبداع في الرسم لمواجهة تحديات المعيشة

تكرير صاحب تاريخ مشرف في المجال الفني وله دور كبير في تأسيس الكثير من الفرق الفنية تزامناً مع بزوغ شمس الثورة والجمهورية، حيث أسس فرقة الشرق العربية بالشيخ عثمان أيام الجبهة القومية، كما أسس في الستينيات مع بعض العناصر الشابة الفرقة العربية للموسيقى والتي رافقت المرشدي في حفلاته السنوية التي كان يقيمها غالباً على مسرح البادري بعدن.

ويعد الفنان والموسيقار أحمد تكرير واحداً من مؤسسي الفرقة الوترية للقوات المسلحة بعد ثورة الرابع عشر من اكتوبر كما ساهم في تأسيس فرقتي مكتب الثقافة بمحافظتي لحج والحديدة حيث سكن في الاخيرة لسنوات ثم عاد الى عدن بعد أن تدهورت حالته الصحية.

وعاصر تكرير الكثير من الفنانين اليمنيين الكبار أمثال أحمد قاسم ومحمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله ومحمد محسن عروش وعوض أحمد وفيصل علوي وفضل كريدي وآخرون من أعمدة الفن اليمني كما كان له الشرف في العزف على آلة العود خلف الفنان الراحل أبوبكر سالم بلفقيه عند زيارته إلى عدن مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

وما لايعرفه الجميع، أن الفنان احمد تكرير الذي يعد من أمهر العازفين على آلتي العود والكمنجة هو من قام بوضع الحان المقدمة والموسيقى الخلفية لأول فيلم عدني (من الكوخ إلى القصر) والذي أنتجه وأخرجه الفنان الراحل المخرج جعفر بهري في بداية السبعينات من القرن الماضي.

ويعد تكرير واحداً من الملحنين المعروفين في اليمن لما يميزه من قدرة وتلوين في المقامات، وإنتاجه الألحان الشجية، ولعل من أبرزها أغنية “صويحب خان” المغناة بصوت الفنان عبود خواجة وما تزال تلك الاغاني عالقة في أذهان متذوقي الفن اللحجي.

تكرير واحد من عشرات الفنانين اليمنيين الذين أجبرهم المرض على الابتعاد عن الأضواء فباتوا من خلف ستار العزلة يتحسرون بصمت على وطن أدار لهم ظهره، وظلوا يعانون الوحدة والفقر والشيخوخة والمرض بصمت دون أن يجدون من يطبب جراحهم ويخفف آلامهم.

مقالات مشابهة