المشاهد نت

في صنعاء… لا أضحية في هذا العيد

المشاهد-خاص:

منذ دخول العشر الاوائل من شهر ذي الحجة،وحتى ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، يعتاد المواطنون على شراء الاضاحي من أسواق المواشي المنتشرة في العاصمة صنعاء،وشهدت تلك الاسواق هذا العام إرتفاعاً غير مسبوق وصف بالجنوني في أسعار الاضاحي بمختلف أنواعها ،الامر الذي أدى إلى ركود في حركة البيع والشراء.

خيارات صعبة:
أحمد البيضاني 45 عاماً،موظف حكومي يسكن في العاصمة صنعاء،منذ ثلاثة أعوام مضت لم تكن لديه القدرة على شراء الأضحية بسبب إنقطاع المرتبات ،وإرتفاع أسعار المواشي،لكنه قرر أن يشتري أضحية العيد لهذا العام من سوق شارع خولان بصنعاء ،بعد أن حصل على حوالة مالية من شقيقه المغترب في دولة قطر.
بيد أن أحمد،سرعان ما عدل عن قراره حينما تفاجىء بأن الكبش البلدي ذو الحجم المتوسط الذي كان يباع بأربعين الف ريال (73دولار)، أصبح اليوم بخمسة وثمانون الف ريال(155دولار).
يقول البيضاني ” لم يرسل شقيقي لي إلا 100 دولار ،معتقداً أن المبلغ سيكون كافياً لشراء أضحية ،بحثت في كل مكان ولم أجد الأضحية المناسبة”،
ويضيف البيضاني في حديثه لـ”المشاهد “؛ ” أضطررت مكرها أن لا أشتري أضحية لهذا العام ،و أن أحتفظ بالمبلغ لكي أشتري به جزءا من بقية مستلزمات العيد التي لم أستطع توفيرها،وماتبقى منه يكون لمصاريف جيبي في أول ثلاثة أيام من العيد”

وفي سوق نقم ،ثاني أكبر أسواق بيع المواشي بالعاصمة صنعاء،ينتشر العشرات من بائعي المواشي،سواءاً الذين يمتلكون أحواشاً مسورة يبيعون فيها المواشي طيلة أيام السنة ،أو الباعة القادمين من المحافظات الشمالية القريبة من العاصمة صنعاء،والذين يرون أن أيام العشر الأوائل من ذي الحجة فرصة ذهبية لعرض مواشيهم وبيعها للناس بأرباح عالية،
المواطن سمير الحواتي 36عاماً ،يعمل جندي في حراسة المنشآت بوزارة الداخلية، يقول سمير لـ”المشاهد “،” أقطن في منزل واحد، أستأجرته،أنا وأبي وأخي،وقد قرر أبي أن نشترك جميعنا في تخصيص مبلغ 40 الف ريال ،لشراء أضحية مناسبة ،ورغم أنني لم استلم إلا عشرون الف ريال وهو نصف الراتب الذي صرف لنا،فقد رضخت لرغبة والدي المسن،في الوقت الذي حرمت فيه إبني الصغير من شراء ملابس عيدية له.”
ويؤكد سمير أنه شعر بالإحباط عندما صال وجال في السوق ،ولم يجد مبتغاه،قائلا ” إنصدمنا من الأسعار الخيالية التي يطلبها منا بائعي المواشي ،وللاسف سأعود إلى المنزل بخفي حنين،فحقيقة الامر أنه لاتوجد لدينا القدرة على شراء الأضحية بأكثر من المبلغ الذي خصصناه، سأنفق المبلغ كاملا في تسديد جزء من الإيجارات المتراكمة عليا لدى مالك المنزل الذي نسكن فيه أنا وأسرتي نونترك الاضحية هذا العام للمشرفين الحوثيين الذين يشترونها بمبالغ باهضة .”

الكل يشتكي:
ومثلما يشكو المواطنين، من إرتفاع أسعار المواشي ،الحال كذلك لدى عدد من الباعة الذين يصفون موسم بيع الاضاحي لهذا العام بالأسواء على الاطلاق،
وفي هذا الإطار يرى بائع المواشي محمد الحماطي ” أن عدم استيراد الأغنام والابقار من الصومال والسودان واستراليا بكميات كبيرة هذا العام لأسباب ترجع الى توقف عمل ميناء الحديدة،وضعف العمل في ميناء عدن،فأقم من الازمه،وتسبب في حالة هيجان الأسعار التي تشهدها أسواق بيع المواشي،حيث وصلت الاضحية من الماعز والاغنام الى 100 الف ريال ،كما وصل سعر الابقار والعجول والثيران الى 700 الف ريال . ”
ويقول الحماطي لـ”المشاهد “،” فبالاضافة إلى ضعف الاستيراد علينا أن لانفغل أزمة ارتفاع الدولار،فالتاجر المحظوظ الذي إستطاع أن يستورد المواشي من دول معينة كالصومال،يشتريها بالدولار،وعندما يبيع في الأسواق اليمنية فإنه بالتأكيد سيبيع بالريال اليمني،وهناك بون شاسع في فارق الصرف،التاجر يريد أن يبيع ليربح،لا أن يخسر.”
وعلى بعد أمتار من سوق نقم يجلس محمد الردمي بالقرب من مجموعة من الاغنام التي يعرضها للبيع
،ويشكو الردمي “للمشاهد” من قلة الطلب على أغنامه قائلاً ” جئت إلى هنا لبيع أغنامي هارباً من أهل قريتي ،فغالبيتهم يرغبون الشراء من عندي ولكن بنظام الدين أو بالتقسيط، أخبرني أحد الأصدقاء بأن قيمة بيع التيس الواحد وصلت في صنعاء الى مائة ألف ريال،وهذا صحيح ولكن أين المشتري؟

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

تغيير الاولويات:
ويرى مراقبون أن الغالبية من الناس لم يعد شراء الأضحية ضمن اولوياتهم في العيد بسبب أرتفاع الأسعار ،وانقطاع صرف المرتبات،وعدم وجود فرص بديلة للكسب المادي،بالإضافة إلى توقف القطاع الحكومي ممثلا بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية عن استيراد الاضاحي من خارج البلاد وبيعها للموظفين بنظام التقسيط،اضافة الى توقف شركات القطاع الخاص ممارسة ذات النشاط الذي كانت تقوم به المؤسسة الاقتصادية الحكومية.،حيث كانت تساهم تلك الشركات في إتاحة الفرصة لكثير من الناس لشراء الأضحية وبأسعار منافسة،ويقابل ذلك عزوف كثيرا من مربيي الأغنام والمواشي على مواصلة رعيهم بسبب تفشي الأمراض الوبائية التي لم تستطع الجهات البيطرية توفير اللقاحات اللازمة لعلاج المواشي المصابة بتلك الامراض،الأمر الذي يتسبب بخسائر فادحة لدى كثير من الرعاة.
وفي هذا السياق يرى الباحث الاقتصادي محمد ردمان،متحدثا لـ”المشاهد “؛”أن الحرب التي تدخل عامها الرابع ، فرضت على الناس تغيير أنماط استهلاكهم ومتطلباتهم،وأصبحوا الناس يرتبون أولوياتهم بناءا على احتياجاتهم الأشد في المأكل والمشرب،ولم يعد هناك اهتمام بشراء الاضحية،مثلما كان الخال في السابق،كما أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا في تربية الأغنام عند كثير ممن كانوا يمتلكون حضائر خاصة”
وتراجع إنتاج اليمن للثروة الحيوانية إلى مستويات متدنية،بحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الزراعة ،حيث تشير الإحصائية الصادرة عن العام 2016م ، إلى أن عدد رؤوس الأبقار الموجودة في البلاد يبلغ 1.7 مليون، وعدد رؤوس الإبل 454 ألفاً، ورؤوس الضان بلغت 9 مليون و500ألف ، فيما بلغ الماعز 9مليون و200 ألف، ووصلت كمية اللحوم الحمراء إلى 185.7 ألف طن وبقيمة 332.6 مليار ريال.
وفي السابق اعتبر اليمنيون من اكثر الشعوب استهلاكا لـ اللحوم ، حيث سجلت إحصائيات عن جهات متفرقة صادرة قبيل اندلاع الحرب الحالية، ترتيب اليمن في المركز 13 عربياً والـ 138 عالميا من بين البلدان الاكثر استهلاكا لـ اللحوم.
في حين أشارت إحصائية أخرى عن منظمة الأغذية والزراعة العالمية ( الفاو)” ان الكمية المتاحة للاستهلاك المحلى من اللحوم الحمراء في المتوسط بلغ حوالي 85 ألف طن،بينما بلغت حصة الفرد اليمني من اجمالي الاستهلاك السنوي للحوم بالكيلو جرامات 16.7″
وقبل الحرب كان اليمنيون يقبلون على شراء مختلف انواع اللحوم خلال عيد الاضحى المبارك في كل عام حيث تدخل اللحوم في معظم وجباتهم العيدية.

مقالات مشابهة