المشاهد نت

عمال اليمن في عيدهم السنوي الثالث بدون مرتبات

صنعاء – حسان محمد:

“لم يعد للعمال عيد. فعيد العامل هو اليوم الذي يجد فيه أي عمل يوفر من خلاله أبسط المتطلبات الأساسية لأسرته، ووضعنا الصعب تخطى اهتمامنا بالأعياد حتى الدينية”، هكذا يقول محمد القرشي، موظف بمؤسسة الكهرباء بصنعاء.
ليس لـ”لقرشي” عمل آخر ينفق من خلاله على بيته، عدا ما يقترضه من الآخرين، لسد الاحتياجات الضرورية من الطعام.
ويؤكد القرشي لـ”المشاهد”: تركت العمل منذ سنتين، لأن الدوام بدون راتب، ليس أكثر من وجع قلب.
أكثر ما يقلق القرشي، هو الطرد من المنزل بعد أن تجاوز الإيجار 500 ألف ريال، لكنه يقول: لا أنتقد مالك المنزل، فقد صبر كثيراً، ولم يطلب الإيجار طوال شهور مرت، على الرغم من أنه طرد بعض الساكنين في الشقق المجاورة لي، ولم يبدأ بالإلحاح على الإيجار إلا مؤخراً.

موظفون يحلمون بالراتب

هشام عبدالله، ترك العمل مؤسسة الثورة للصحافة والنشر، بعد أشهر من انقطاع الرواتب، واشترى برميلاً للماء ومولداً صغيراً، واشتغل في تنظيف السيارات.
استطاع هشام بهذا العمل أن ينجو من الحاجة بالشيء اليسير، لكن غيره لم يجد ما ينقذه من الحاجة والفقر وذل السؤال.
وعمل عبدالله، مدير إدارة في مؤسسته، قبل انقطاع الرواتب، كما يقول لـ”المشاهد”، مضيفاً: “ما الفائدة من مدير أو غيره، ونحن بدون رواتب!”.
ويقول: “المناصب الإدارية لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، في ظل الوضع الحالي، والمهم أن يبحث الإنسان عن مصدر رزق يسد احتياجات عائلته”.
في مثل هذا اليوم، كانت مؤسسة الثورة للصحافة توزع إكراميات للعمال، كتقليد سنوي، وتقوم بتكريم الموظفين والعمال المثاليين كل 3 أو 4 أعوام، بحسب هشام.
اليوم يحلم موظفوها وبقية الموظفين الحكوميين، بالراتب فقط، ولم يأتِ. ويدفع الحوثيون نصف راتب كل 4 أشهر من العام. نصف راتب يقول القرشي إنه لا يكفي قيمة الخبز لنصف شهر.
“الاحتفال بعيد العمال تقليب للمواجع، وحنين إلى زمن مضى فقط” كما تقول بسمة الاصبحي، عضو نقابة وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء، لـ”المشاهد”. وتضيف: “الموظفون والعمال يعانون أوضاعاً مأساوية، يعيشون أسوأ مراحل الظلم والقهر، ولا قيمة لأي احتفالات لا ترد لهم حقوقهم”.
وتوضح الأصبحي أن غياب المرتبات فاقم الوضع، وتسرب الكثير من العمل بحثاً عن أعمال بديلة، والتحق البعض منهم للعمل في مطاعم ومحلات تجارية وأعمال حرفية وبسيطة، ليغطوا احتياجات الأسرة.

إقرأ أيضاً  استمرار تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن

الخشية من المبيت في الشارع

القرشي وغيره من الموظفين الذين تراكمت عليهم ديون الإيجار، يخشون أن يجدوا أنفسهم في الشارع، إذا ما ألح أصحاب العقارات على المطالبة بحقهم، كما حدث مع آخرين.
ويعيش أكثر من مليون موظف بدون رواتب منذ العام 2016، في مناطق سيطرة الحوثيين، الأمر الذي فاقم من مشاكلهم المادية، وتسبب في معاناة البعض منهم من أمراض نفسية.
الحرب والفساد سببان رئيسيان في انقطاع الرواتب التي كانت الضمان الوحيد لهؤلاء الموظفين، فضلاً عن مستحقات أخرى تصل في أغلب الأحيان إلى ضعف الرواتب التي كانوا يتسلمونها.

“الاحتفال بعيد العمال تزييف للواقع”

على مقربة من هشام، كان زميله في العمل كمال الريمي، يقف على “عربية” قديمة ينفخ الفحم ليشوي “الذرة الرومي” للمارة، ويبتسم لزبائنه.
ويقول الريمي لـ”المشاهد”: العمل ليس عيباً، العيب أن نستسلم للظروف، ونبقى في المنازل أو أن نتسول الناس.
ويضيف: “أحسست بالراحة النفسية بعد أن بدأت العمل على هذه العربية، على الرغم من الإحراج الذي كنت أحس به في الأيام الأولى من العمل”. مضيفاً: ما يجب فعله في عيد للعمال هو صرف الرواتب، أما الاحتفال بعيد عامل يغرق بديونه، ويعاني أزمات نفسية واقتصادية لا حصر لها، فيعد تزييف للواقع.
وتمنت الأصبحي أن يعود صرف المرتبات التي تعد احتياجاً أساسياً للموظف، ولا يجوز استغلاله كورقة سياسية يحمل كل طرف المسؤولية للآخر، للتخفيف من معاناة الموظفين التي ستبقى وصمة عار على جبين كل المتخاذلين والمسؤولين الذين ينظرون بصمت لمعاناة الموظفين، ويتاجرون بمعاناتهم.
وترى الأصبحي أن الاحتفالات صارت مناسبة لإلقاء أرباب العمل الكلمات والتهاني وشهادات التكريم التي لا تسمن ولا تغني من جوع للعمال المبرزين.
وليس موظفو الحكومة وحدهم من يعانون من البطالة، فبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 2016، تم تسريح 70% من العمالة في الشركات الخاصة، فيما يقدر البنك الدولي ارتفاع نسبة البطالة إلى 60%.

مقالات مشابهة