المشاهد نت

كيف تغير مزاج اليمنيين حيال «التدين والمرأة والسياسة»؟

صنعاء – عصام صبري:

يتبادر في أذهان الكثيرين حول العالم صورة نمطية عن طريقة تفكير الشباب اليمني حيال العديد من القضايا والموضوعات التي تخصه، لكن استطلاعاً نفذته شبكة “الباروميتر العربي” البحثية المستقلة، أثبت عكس تلك الصورة التي تبين أن الشباب اليمني والعربي مايزال متديناً ومحافظاً ومتجانساً سكانياً.
وأظهر استطلاع، شارك فيه أكثر من 25 ألفاً من سكان 11 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي “الأردن والجزائر والسودان والعراق والمغرب واليمن وتونس ولبنان وليبيا ومصر وفلسطين”، خلال الفترة من نهاية 2018 حتى ربيع العام الجاري، وجود تباين واسع في الآراء حول قضايا شتى من الدين إلى حقوق المرأة، ومن الهجرة إلى تقبل المثليين جنسياً.
وكشف الاستطلاع الذي نشرته قناة “بي بي سي عربي”، أن “عدداً كبيراً من العرب يدير ظهره للدين والتدين، مقارنة بين العام 2013 وعامي 2018 و2019، حيث انخفضت نسبة “غير المتدينين” في اليمن من 12٪ عام 2013 قبيل اندلاع الحرب في البلاد، إلى 5٪ في 2019، رغم إظهار زيادة في عدد “غير المتدينين” في دول عربية كـ”الجزائر والسودان وفلسطين والأردن”.
وبيّن الاستطلاع وجود تقبل واسع لفكرة تولي المرأة مواقع قيادية في المجتمع الذي تعيش فيه، رغم أن المنطقة العربية ليست مشهورة بتقبل مبدأ تمكين المرأة.
ولفت تقرير “بي بي سي عربي” إلى أن معظم المشاركين في الاستطلاع في عموم المنطقة، يساندون حق المرأة في أن تصبح رئيسة للحكومة أو رئيسة للجمهورية في بلد إسلامي.
ويقول استطلاع “بي بي سي عربي” إن الموضوع الأمني لايزال يمثل هاجساً في مناطق عدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يضع المشاركون في اليمن و6 مناطق أخرى، إسرائيل على رأس قائمة التهديدات لاستقرار مناطقهم وأمنها الوطني.
وقال معظم اليمنيين المشاركين في الاستطلاع، إنهم يرون إيران مصدر التهديد الأكبر لهم.
وعبّر 1 من 5 مشاركين في الاستطلاع في جميع المناطق التي أجري فيها، عن رغبته في الهجرة، والسبب الرئيسي لذلك اقتصادي. لكن على العكس شهد اليمن أكبر انخفاض في عدد الراغبين في الهجرة، رغم الحرب التي تشهدها البلاد.


انعدام الاستقرار


وترى أماني جمال، المؤسسة المشاركة لدى الباروميتر العربي، والمحققة الرئيسية للشبكة البحثية، في تعليقها على نتائج الاستطلاع، تحسناً تراكمياً وتدريجياً في السلوكيات إزاء المساواة بين الجنسين، وتحسناً في رأي السكان من حيث الحريات السياسية، ومحاولتهم تطبيق هذه المُثل على الواقع.
غير أنها لاحظت بعض التوجهات المقلقة، مثل الدروس المستفادة من الربيع العربي. وقالت إن المواطن الآن يخشى أن تكون الديمقراطية عملية تؤدي إلى تزايد الاضطرابات وانعدام الاستقرار.


تطابق في النتائج


وفي جولة آراء لـ”المشاهد” مع عدد من الشباب اليمني، حول مجموعة من الأسئلة التي تضمنها استطلاع شبكة “الباروميتر العربي”، مثل سؤال حول مدى تقبل المثلية في المجتمع اليمني؟ ومدى تقبلهم أن يحكم اليمن امرأة، وتقلد المرأة مواقع قيادية في المجتمع، ومدى رضاهم عن سياسات الرئيس التركي “أردوغان” والروسي “بوتين”، والأمريكي “ترامب” حيث كانت إجابات الشباب المستطلعة آراؤهم، قريبة مما تضمنته نتائج “الباروميتر العربي”.
ويقول أيمن اليامي (23 عاماً) من محافظة عدن (جنوب اليمن)، إنه لا يقبل المثلية، ويقبل أن تتولى امرأة حكم اليمن، وأنه لا يصف نفسه بالمتدين، وغير راضٍ عن سياسات “أردوغان وبوتين وترامب” في اليمن، وأنه لا يرغب بالهجرة إلى خارج اليمن، معتبراً إسرائيل وإيران مصدراً للقلق بالنسبة لليمن.
وتطابقت ذات الإجابات مع ردود مشوار التميمي ( 32 عاماً) من محافظة حضرموت (شرق البلاد)، ومحمد العفيف من محافظة حجة (شمالي غرب اليمن).
ويختلف معهم كرامة مهري (30 عاماً) من مديرية سيئون بحضرموت، إذ يرى أن الهجرة أصبحت ضرورة للشباب اليمني، وأن السعودية بجانب إسرائيل وإيران تمثل مصدر قلق بالنسبة له ولليمنيين.
بدوره، يقول أنس الخليدي (25 عاماً) وهو صحفي من محافظة تعز (جنوبي غرب البلاد)، أن المرأة المسلمة وليس فقط اليمنية ضحية لكثير من العادات والتقاليد التي امتزجت مع الموروث الديني، وشكلت الكثير من الحواجز الفقهية والقبلية، ولذلك في تقديره أن الأزمات السياسية والمجتمعية التي تعاني منها الشعوب والبلدان العربية، تأتي نتيجة غياب دور المرأة في الساحة السياسية والقيادية والسلطوية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية.
وبخصوص الهجرة والدول التي تشكل مصدر قلق بالنسبة له ولليمنيين من وجهة نظره، يقول الخليدي: “الهجرة لم تعد مجرد رغبة، بل باتت مطلباً مهماً، اليمن أصبحت تتغذى على الإنسان، شاهدت ذلك بأم عيني. أما بالنسبة للحديث عن أن إسرائيل تشكل مصدر قلق لليمن، فهو حديث سطحي وغير واقعي، فإسرائيل اليوم من الدول التي تخوض في لعبة الأرقام في السوق العالمية، بينما اليمن حاصلة على الترتيب الأول في المجاعة وأسوأ بلد للعيش، لو تركنا نظرية المؤامرة وتمسكنا بنظرية الشراكة، ربما نتجاوز القرن العشرين الذي نعيشه الآن”.
إعادة النظر في طريقة التدين
الكثير بحاجة إلى إعادة النظر في تدينه، كما يقول الخليدي، مضيفاً: “تلقينا الدين بطريقة خاطئة، وبمفهوم كاهن. في كل عطلة صيفية كنت أذهب لمراكز دينية للدراسة، وفي الـ15 من عمري أصبحت أخطب في مساجد المدينة والمنطقة التي أعيش فيها تحديداً، وبعد قراءة كتاب لصوص الله لـ”عبدالرزاق كبران”، أدركت أن التدين يسرق جوهر الإنسان، وأن علاقة الإنسان مع دينه أو معتقده أو مع الله، ينبغي أن يحددها ويبنيها الإنسان بطريقته الخاصة، لأن من الخطأ أن نرث نفس السلوك والطرق لتأسيس علاقة روحانية مع الله أو المعتقد”.

مقالات مشابهة