المشاهد نت

الحرب سرقت فرحة اليمنيين بالعيد

تعز – محمد الحيدري ومجاهد حمود:

مع اقتراب العيد، يتردد الجميع على الأسواق لشراء الملابس والأضاحي، وغيرها من لوازمه. لكن أغلبهم يعودون، دون أن يحملوا شيئاً، ومنهم الخمسيني محمود، الذي يقف مكتوف اليدين، بعد أن عجز عن شراء أضحية العيد الذي يطلق عليه “عيد اللحمة”، كما يقول لـ”المشاهد”، مضيفاً: “لا أستطيع شراء اللحم لأولادي طوال العام، على أمل أن أشتريه بعيد الأضحى. لكن الأسعار جنونية، بعد أن وصل سعر الأضحية إلى 150 ألف ريال”.
“علينا أن نغلق أبوابنا حتى يأتي العيد، ويذهب، دون أن يُثقل عاتقنا بحمولته. لا ملابس جديدة، ولا عيديات، ولا زيارات، ولا فرحة” كما يقول محمود.
حال محمود هو حال الملايين من أرباب الأسر اليمنية، الذين وجدوا أنفسهم غير قادرين على إدخال الفرح إلى بيوتهم، حتى في الأعياد، بفعل الحرب.

أطفال يتسولون فرحة العيد

تحت وطأة الشمس الحارقة، يتجول الطفل محمد أحمد (10 سنوات)، مع مجموعة من أقرانه، في الأسواق، مطالبين مرتاديها بشراء كسوة العيد لهم، بحسب محمد، قائلاً: “أبي لا يستطيع شراء ملابس العيد لي ولإخوتي، فهو يعمل لتوفير متطلباتنا اليومية من الماء والغذاء، وأنا أتأمل من فاعلي الخير أن يشتروا لنا ملابس جديدة، فهي فرحتنا بالعيد”.


يستمر الكثير من الأطفال، طوال النهار، بحثاً عمن يجود عليهم بملابس العيد، لكنهم يعودون إلى منازلهم عند حلول المساء، دون فائدة، كما يقول محمد، مضيفاً: “البعض يعطيني القليل من النقود، وأنا أجمعها عند أمي، لعلي أتمكن من شراء ملابس جديدة قبل حلول العيد”.
وتشتكي منى سالم، من عدم مقدرتها على مواجهة تكاليف متطلبات العيد، في ظل بقاء زوجها في أحد المعتقلات الحوثية، وعليها أن تعول 5 أطفال، كما تقول لـ”المشاهد”.
وتضيف: “أريد أن أعوض أطفالي عن الحرمان من أبيهم، فهم بأمس الحاجة للإحساس بالعيد، وللبس الملابس الجديدة، والتنزه في الحدائق وأماكن التسلية والألعاب، وزيارة أقاربهم، لكن التفكير بذلك يقض مضجعي، فأنا غير قادرة على توفير ذلك بعد انقطاع راتبي ونفاد مدخراتي”.

الحرب سرقت فرحة اليمنيين بالعيد
سوق لبيع المواشي فى تعز

محرومون من الأضاحي

صاحب محل جزارة : سعر المواشي ارتفع بشكل كبير هذا العام، بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالعام السابق.

الأمر لا يقتصر على حرمان الأطفال من ملابس العيد، بل يتعداه إلى عجز الآباء عن شراء أضحية العيد، بعد أن قفزت أسعارها إلى 40% عما كانت عليه العام الماضي، حسبما يقول محمد سيف، أحد سكان مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، الذي عجز عن شراء أضحية للعيد نتيجة لارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق.
ارتفاع الأسعار يقابله وضع مأساوي للأسر اليمنية التي تكافح من أجل توفير رغيف الخبز، وفق ما قاله سيف لـ”المشاهد”، مضيفاً أن أسعار المواشي هذا العام زادت كثيراً، إذ وصل سعر الراس الواحد من ذكور الأغنام إلى 150 ألف ريال، بعد أن كان الرأس الواحد في العام الماضي 110 آلاف ريال.
ويقول بندر حمود، صاحب محل الفرسان بيع اللحوم في شارع الحصب وسط مدينة تعز، لـ”المشاهد” إن سعر المواشي ارتفع بشكل كبير هذا العام، بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالعام السابق.
وأسهم تدني مستوى استيراد الثروة الحيوانية (الأبقار والأغنام والماعز)، من إثيوبيا وبعض دول القرن الأفريقي، خلال الموسم الحالي، في ارتفاع الأسعار، كما يقول بندر، مضيفاً أن الثروة الحيوانية المحلية ارتفعت أسعارها بسبب تصدير البعض منها إلى دول الجوار.
وأوضح أن سعر الكيلو اللحم الغنمي يبلغ 5 آلاف ريال، بينما البقري يصل إلى 4500 ريال، مشيراً إلى أن ارتفاع الدولار هذا العام أسهم في ارتفاع أسعار المواشي أيضاً.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

وبلغ عدد الأبقار في اليمن 1,7 مليون رأس، والإبل 454 ألفاً، والماعز 9 ملايين رأس، وعدد رؤوس الضأن 9 ملايين و500 ألف.
ويقول هلال العريقي، أحد سكان مدينة تعز، إنه اشترى أضحية “خروف” متوسطة بمبلغ 68 ألف ريال يمني، مضيفاً أنها قد لا تكون كافية، ولكن هذا ما استطاع الحصول عليه بعد جهد كبير، حد قوله.

الأضحية لمن استطاع إليها سبيلاً

تلجأ الكثير من الأسر في عيد الأضحى، إلى شراء الدجاج، إذ يتراوح سعر الواحدة بين 2000 و2500 ريال، لكنه سعر مناسب لمن يعجز عن شراء أضحية في العيد، كما يفعل وسيم صالح، أحد سكان مدينة صنعاء، وغيره يفعلون ذلك، كما يقول.
ويضيف: “الأضحية لمن يستطيع، ونحن لا نستطيع شراءها، رغم أننا محرومون من أكل اللحم طوال العام”.
وألقت الحرب بظلالها السلبية على اليمنيين، إذ انقطعت رواتب الموظفين منذ 3 أعوام، وبات أكثر من مليون موظف بلا دخل مادي، ما جعل الكثيرين منهم يفضلون العيد بما تيسر من الطعام، كما هو حالهم في شهور العام.

مقالات مشابهة