المشاهد نت

رمضان وذكرى قراء اليمن

قراء اليمن

صنعاء – عصام صبري:

اعتاد اليمنيون عند حلول شهر رمضان المبارك في كل عام، سماع أصوات عدد من القراء الذين يصدحون بحناجرهم الذهبية، تلاوات عطرة، تميزوا في أدائها عن غيرهم من أقرانهم في العالمين العربي والإسلامي.
ورغم مرور عشرات السنين على رحيلهم عن الدنيا؛ إلا أن عدداً من المساجد والمحطات التلفزيونية والإذاعية والمنصات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت في اليمن والوطن العربي، ماتزال تبث تلاوات أولئك الكوكبة من القراء، الذين أسس بعضهم مدارس خاصة بهم.
وبالنظر إلى مسيرة حياة معظم أولئك القراء، يتبين للقارئ أنهم لم يحصروا أنفسهم في قراءة القرءان فقط، بل إنهم كانوا يشغلون مناصب رسمية وغير رسمية، ويؤدون مهاماً وأدوراً هامة في مجتمعهم.
“المشاهد” يستعرض أبرز قراء اليمن طيلة أكثر من 50 عاماً مضت من عمر اليمنيين.

محبوب والقريطي

ولد القارئ محمد حسين القريطي، في صنعاء، عام 1922، ودرس العلوم الشرعية في مدرسة وجامع “المفتون” في صنعاء القديمة، ثم التحق بالجامع الكبير للدراسة، ودرس القراءات السبع على يد العلامة المقرئ الضرير حسين بن مبارك الغيثي.
ووفقاً لمصادر تاريخية، فقد كان القريطي يحب السفر إلى مكة المكرمة بين الحين والآخر، وكان لديه حلقة خاصة في المسجد الحرام يقرأ فيها القرآن.
وعند افتتاح إذاعة صنعاء عام 1947، كان القريطي يسجل تلاوته لبثها في الإذاعة الفتية. حينها حقق شهرة واسعة بسبب تفرده وتميزه في التلاوة.
وإلى جانب تلاوته للقرآن الكريم، فقد عمل القريطي مصححاً لغوياً في إذاعة صنعاء، حتى توفاه الله في الـ26 من سبتمبر، وهو التاريخ الذي اندلعت فيه ثورة اليمنيين ضد الحكم الإمامي، عام 1962.
ومن المدرسة الزيدية ذاتها التي خرج منها القريطي، بزغ نجم الشيخ القارئ الصفي أحمد عبدالرحمن محبوب، المولود في حارة الفليحي بصنعاء القديمة، سنة 1909، وكان يُعد من أشهر القراء في عصره.
درس محبوب القرآن والعلوم الشرعية في الجامع الكبير بصنعاء، على يد العلامة محمد حسن دلال، والعلامة يحيى الكبسي.
وقد تمكن من حفظ القرآن كاملاً في ثلاثينيات القرن المنصرم. وعمل في التدريس والتوجيه والإرشاد. وشارك في الأنشطة المعارضة لحكم الإمام أحمد حميد الدين، حتى اندلاع ثورة 1948، التي بسبب نشاطه فيها تعرض للسجن في محافظة حجة، كما تعرض منزله للهدم، تنفيذاً لسلسلة من العقوبات التي وجهها الإمام أحمد ضد محبوب.
وعقب الإفراج عنه سنة 1955، استمر محبوب في مهنة التدريس حتى اندلاع ثورة 26 سبتمبر. عقب تلك الثورة تم تعيينه في مناصب حكومية بارزة، أهمها مستشاراً لرئيس الجمهورية، ثم عضواً لمجلس الشورى، فعضواً بالمجلس الوطني، ثم رئيساً للهيئة العامة للمعاهد العلمية، وعضواً لمجلس الشعب، ثم رئيساً لمكتب التوجيه والإرشاد العام. وتوفي محبوب في صنعاء، سنة 1993.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

عامر والحليلي

للشيخ القارئ محمد حسين عامر ميزات في صوته الجهوري، وكاريزما جعلته محط إعجاب الكثيرين منذ ميلاده سنة 1938، في قرية الظواهرة الحداء بمحافظة ذمار، مروراً بمرحلة دراسته القرآن على يد والده، ودراسة اللغة العربية والعلوم الدينية في المدرسة الشمسية بذمار، ومن ثم دار العلوم العليا، والجامع الكبير في صنعاء القديمة، وحتى توفاه الله في يناير 1999.
تأثر عامر بتلاوة المقرئ يحيى الحدائي، إمام جامع المظفر بتعز، وحاكاه في التلاوة ونبرات الصوت.
وأشتهرت تلاوات عامر عقب بثها في إذاعة صنعاء وعدد من الإذاعات المحلية. ولبراعته في تلاوة القرآن الكريم، استحق بجدارة الحصول على لقب مؤسس مدرسة “القراءة اليمنية الحديثة للقرآن الكريم”.
وعمل الشيخ محمد حسين عامر في تدريس القرآن، وعلم القرءات السبع، وأسس عدداً من مدارس التحفيظ في مسجد النهرين بصنعاء، إذ تخرج على يدية المئات من حفاظ كتاب الله، من بينهم الشيخ الحافظ يحيى أحمد الحليلي، المولود سنة 1952، في ريف صنعاء.


ومنذ مطلع السبعينيات حتى الوقت الراهن، يعمل الحليلي في تدريس القرآن، حتى نال لقب شيخ المقارئ اليمنية.
وعقب وفاة القارئ محمد حسين عامر، كانت القنوات والإذاعات الحكومية في صنعاء، تبث تلاوة الحليلي للقرآن الكريم في الجامع الكبير، قبيل صلاة الفجر، في كل يوم من أيام شهر رمضان، حتى العام 2015، حيث أوكلت جماعة الحوثي مهمة تلاوة القرآن قبيل فجر أيام شهر رمضان، لقراء آخرين.

جابر والحذيفي

وفي فترتي الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم، بزغ نجم عدد من المشائخ والقراء الذين تعود أصولهم لليمن، لكنهم يقيمون خارجها، وقد حققوا نجاحات لافتة في رحاب القرآن.
ومن بين أولئك، الشيخ القارئ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، والشيخ علي بن عبدالله جابر السعيدي، اللذان شغلا منصب إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي، في تلك الفترة.

مقالات مشابهة