المشاهد نت

عيلوم..آخرما تبقى من يهود اليمن بين “سجنين”

 يوسف حبيب عيلوم يهودي في الأربعينات من عمره لايزال يقيم مع زوجته وأطفاله الصغار في صنعاء ويحلم بالبقاء فيها رغم كل ما يحيط باليهود من أخطار لأن اليمن في نظره “ليس لها مثيل”.

 لم يعد يوسف حبيب يرغب بالحديث للإعلام لكنه لم يمانع في أن ننقل على لسانه تأكيده أنه يحب اليمن، وأن اليمن أفضل بلد في العالم وهو لايريد مغادرتها لأنه لا يطيق “العيشة المتكلفة” في إسرائيل .. هو يريد أن يعيش حياته الطبيعية التي تربى عليها في بلده.

 بحسب أحد حراس المدينة السياحية الذي تحدث لـ”المشاهد” فإن ما تبقى من اليهود في صنعاء لا يزيد عن خمس أسر فقط بينها أسرة حاخام اليهود يحيى يوسف، حيث تراجعت عدد الأسر من 12 أسرة منتصف العام 2015 إلى خمس أسر حاليا.

 ويخضع ماتبقى من يهود اليمن في المدينة السياحية لحراسة مشددة، وترفض حراسة المدينة السماح للصحفيين والمنظمات بلقاء اليهود إلا بتصريحات عن طريق وزارة الداخلية وهذا ماطلبته منا حراسة المدينة عندما طلبنا منها السماح بمقابلة اليهود.

 أشبه بإقامة جبرية

تقول أمل حسان – وهي ناشطة سابقة في منظمة سواء التي تنشط في الدفاع عن الفئات المهمشة ومناهضة التمييز – إن من تبقى من اليهود في سعوان يعيشون حياة أشبه بإقامة جبرية ويتم منعهم من الحديث للإعلام أو لقاء أية منظمات مدنية، ويتم التعامل معهم وكأنهم  غير يمنيين.

 وتضيف لـ”المشاهد”: “في 2013 قامت المنظمة بزيارة اليهود، وعندما علمت الأجهزة الأمنية بالزيارة جاءت مباشرة إلى منزل يحيى يوسف وقامت باعتقال فريق المنظمة الذي زار اليهود للتعرف على وضعهم باعتبار أنها مهتمة بشؤون الفئات المهمشة، أما اليوم فبحسب علمي فإن الإجراءات تضاعفت عليهم وشاهدنا مقاطع فيديوهات تظهر فيها مواليات للحوثي وهن يرغمن أسرة يحيى يوسف على ترديد شعار الصرخة”.

 لم تستبعد أمل أن يغادر بقية يهود اليمن إلى إسرائيل، فهم يعيشون حياة خاضعة للحصار الكلي في سعوان ويتحركون بصعوبة بالغة، ولا يستطيعون الخروج من بوابتها إلا فيما ندر، والبعض منهم يضطر لإخفاء أو قطع “الزنار” (شعر يميز اليهود عن غيرهم) حتى لايتم مضايقته إن سمح له بالخروج.

وتعرض أمل تقريرا قالت إن منظمة سواء لمناهضة التمييز خصصته لليهود، حيث يشير التقرير إلى اليهود كانوا يحضون باهتمام بسيط لدى الحكومات المتعاقبة، لكنه وبحسب التقرير لم يتم استيعاب أي من اليهود في مؤسسات الدولة كموظفين حكوميين واقتصر اهتمام الحكومة على تقديم معونات شهرية تصل إلى خمسة آلاف ريال لكل فرد.

ووفق التقرير فإن الحكومات المتعاقبة لم توفر أية مدارس خاصة باليهود، لكن اليهود قاموا بإنشاء مدرستين في ريدة بجهود ذاتية، فيما يضطر أبناء الطائفة اليهودية في سعوان لإلحاق أطفالهم بالمدارس العامة خلال المراحل الأولى وإخراجهم بعد ذلك ونقلهم إلى إسرائيل لإكمال تعليمهم.

وبحسب التقرير الذي تناولته أمل، فإن ذلك الوضع الذي كان عليه اليهود يتنافى مع ماكان معروفا عن اليهود حتى منتصف القرن الماضي من حرص على تعليم أبنائهم، حيث كان أبناء هذه الطائفة يستمرون سنوات طويلة في تحصيل العلم، على عكس ما كان حاصلا لدى المسلمين إذ كانت الدراسة لديهم لاتتعدى 4 سنوات، وتقتصر على تعليم القرآن الكريم وعلومه فقط.

إقرأ أيضاً  تضييق الخناق على السلفيين في شمال اليمن 

يهودي في سجن عمران

وفي عمران إلى الشمال من العاصمة اليمنية صنعاء حيث كانت تعيش عددا من الأسر اليهودية حاولنا معرفة وضع ماتبقى من يهود اليمن هناك، إلا أننا تفاجأنا بأن جميع اليهود الذين كانوا يتواجدون حتى بداية العام الحالي قد غادروا اليمن إلى إسرائيل.

وبحسب نبيل الفقيه الناشط في محافظة عمران والذي تحدث لـ”المشاهد” فإن من تبقى من يهود اليمن في عمران هو (يهوذا) وهو لايزال في اليمن لأنه يقبع في السجن المركزي بعمران منذ عام ونصف في قضية يجري محاكمته عليها.

ويضيف: “كانت آخر أسرة غادرت عمران هي أسرة يحيى يعيش، وهذه الأسرة كانت تملك بحوزتها كتبا دينية من بينها التوراة بنسخته التي قيل إنها غير محرفة وفيها ما يشير إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي آخر الزمان”.

وعن منازلهم وممتلكاتهم يؤكد نبيل الفقيه أن اليهود قاموا ببيعها قبل مغادرتهم اليمن، ولم يعد لهم ممتلكات خصوصا اليهود في عمران .. مشيرا إلى أنه كان يتواجد حتى 2014 أكثر من 30 يهوديا في ريدة بعمران، إلا أنهم غادروا بشكل تدريجي.

اليهودية كديانة رسمية

أما عن اليهودية كديانة مثلت جزءً من النسيج الاجتماعي اليمني فكانت أشبه بديانة رسمية للشعب اليمني قبل احتلال الأحباش لليمن. وبحسب مصادر تاريخية فإن اليهودية دخلت إلى اليمن قبل أكثر من 2900 عام، عندما أمر النبي سليمان أعداداً منهم بالذهاب إلى اليمن بحثا عن الذهب والفضة لبناء الهيكل حسب ما يروون.

فيما تقول رواية أخرى إن اليهود الأوائل هاجروا إلى اليمن بعد سماعهم عن قرب الانهيار للهيكل الأول الذي حدث في عام 586.

وتؤكد المصادر أن ملوكا حميريين اعتنقوا الديانة اليهودية، وكان من أشهر أولئك الحكام الملك أسعد الكامل، وذو نواس الحميري آخر ملوك حمير، وهو معروف بأنه مرتكب محرقة أصحاب الأخدود الشهيرة والتي ذكرها القرآن في سورة البروج.

وعاش اليهود بعد دخول الإسلام كمواطنين، كفل لهم الدين الإسلامي حقوقهم الكاملة، واشتهر اليهود اليمنيون بالحرف اليدوية، وكان من أهمها صياغة الذهب والفضة، وبعد إعلان دولة إسرائيل في العام 1948م هاجر معظم اليهود من اليمن والذي كان يقدر عددهم بـ 56 ألف عن طريق الجو من عدن إلى إسرائيل في عملية عرفت بـعملية بساط الريح، وتوالت عمليات تهريبهم إلى إسرائيل عن طريق منظمات غربية ناشطة في هذا المجال تقوم بنقلهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتأهيلهم، وبعد ذلك نقلهم إلى إسرائيل.

مقالات مشابهة