المشاهد نت

اليمنيون ضحايا الحرب والجوع والمرض

اليمنيون ضحايا الحرب والجوع والمرض

تفترش أم عبدالله مع أولادها الخمسة أحد مداخل مسجد “العباس” وسط العاصمة صنعاء، وتستجدي المصلين علهم يجودا عليها بالمال الذي ستدفع به الجوع عن أولادها الأيتام، وتقول لـ”المشاهد” إن الجوع دفعها لأن تمد يدها للناس، إلا أنها تعود يومياً دون أن تحصل على ما يكفيها لشراء وجبة واحدة.

يشكو المصلون من تزايد أعداد المتسولين في المساجد، إلا أنهم يرون أن ثمة دوافع أجبرتهم على اقتحام بيوت الله بغرض التسول، ويقول محمد حسين الفقيه لـ”المشاهد”: “أعود من المسجد مهموماً ومتحسراً على أوضاع الناس، فحالة التسول تتزايد بشكل كبير، جراء الجوع والحرب، لكن أطراف الصراع لا يكترثون لأوضاع هؤلاء المساكين.

ويضيف الفقيه: “لا نستطيع مساعدة هؤلاء الفقراء، فأوضاعنا سيئة للغاية، حتى الموظف لا يجد ما يأكل، ونتمنى أن تتحرك المشاعر الإنسانية لدى المتصارعين ويوقفوا هذه الحرب العبثية التي يذهب ضحاياها الفقراء والمساكين من عامة الشعب”.

تبدو الأوضاع في اليمن مقلقة للغاية، ففي العاصمة صنعاء التي صنفتها وزارة التخطيط بأنها لم تدخل مرحلة “المجاعة” بل ما تزال في مرحلة الأزمة وهي المرحلة الثالثة لانعدام الأمن الغذائي، تتزايد حالات الجوع وتنتشر ظاهرة التسول بصورة ملفتة في الشوارع والمساجد والأسواق.

لم تكن الحرب وحدها من تحصد أرواح اليمنيين بل إن الجوع والمرض يحصدان أرواح الكثير، فانعدام الأمن الغذائي بات يهدد حياة 14.1 مليون نسمة وفقاً للبيانات الرسمية، وبما نسبته 51% من إجمالي السكان، وهذه النسبة لا تستطيع الوصول إلى الغذاء الكافي والسليم.

اليمن في تقرير الجوع العالمي

تقرير الجوع العالمي الصادر عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية لعام 2016، يصنف اليمن ضمن أفقر 6 دول من أصل 118 دولة في العالم، حيث تزيد أزمة السيولة والأزمات الاقتصادية والسياسية المختلفة من تفاقم الأوضاع الإنسانية وتقويض السلم الاجتماعي في البلاد.

مراحل تفاقم انعدام الأمن الغذائي

انعدام الأمن الغذائي في اليمن مسألة معقدة لم تجد اهتماماً من قبل السلطة منذ عقود، ووفقاً لتقرير المستجدات الاقتصادية الصادر عن وزارة التخطيط اليمنية، فقد بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي  22 % من السكان في العام 2003، وارتفعت إلى الضعف في العام 2008 وبما نسبته %44 بسبب الأزمة الثلاثية المتمثلة في ارتفاع الأسعار العالمية للوقود والغذاء والأزمة المالية العالمية، ويشير التقرير الرسمي الصادر نهاية سبتمبر 2016 إلى أن هذه النسبة انخفضت إلى 32 % عام 2009 ، وعاودت الارتفاع في العام 2011، وبما نسبته 44.5 % بسبب التداعيات السلبية التي رافقت عملية التغيير السياسي، ويقول التقرير الرسمي الذي حصل عليه “المشاهد” إن الفترة ما بين مارس- أبريل 2014 شهدت انخفاضاً في نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 41.1% من السكان، ويتركز انعدام الأمن الغذائي بدرجة أكبر في المناطق الريفية بنسبة 48% من سكان الريف مقابل 26 % في المناطق الحضرية.

إقرأ أيضاً  اتساع ظاهرة التسول في رمضان

خطورة الوضع الإنساني

بعد سيطرة جماعة الحوثي على الدولة اليمنية وإدخال البلد في حرب لا تُعرف نهايتها زادت نسبة انعدام الأمن الغذائي، ووفقاً لتقرير وزارة التخطيط، فقد تفاقم وضع الأمن الغذائي بصورة غير مسبوقة خلال عامي 2015 – 2016.

ويشير التقرير الرسمي إلى أن الحرب التي تعيشها البلاد وما رافقها من أزمات خاصة أزمة الوقود التي بلغت ذروتها في الربع الثاني من عام 2015، وأزمة السيولة منذ بداية النصف الثاني من عام 2016، أسهمت في حدة انعدام الأمن الغذائي، ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل لشهر يونيو 2016 ، تقدر نسبة انعدام الأمن الغذائي بحوالي 51 % من السكان، أي أن 14.1 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبزيادة 33 % مقارنة بعام 2014.

اطفال يمنيين يبحثون عن بقايا الطعام في مكب النفايات

تفاوت الجوع في المحافظات

ويفند التقرير الرسمي انعدام الأمن الغذائي بخمس مراحل، حيث أن 26% من إجمالي السكان يفندون في المرحلة الثالثة “الأزمة”، بينما يقع 25 % في المرحلة الرابعة “الطوارئ”، ويقول التقرير إن اليمن لم يدخل المرحلة الخامسة “مرحلة المجاعة” إلا أن هناك جيوب انعدام أمن غذائي حاد في مديريتي “التحيتا والخوخة” في محافظة الحديدة يمكن أن يقود إلى مجاعة.

وتتفاوت نسبة انعدام الأمن الغذائي من محافظة إلى أخرى حسب تقرير وزارة التخطيط، وتصنف 9 محافظات في مرحلة الطوارئ التي تُعد المرحلة الرابعة من مراحل انعدام الأمن الغذائي “الضالع، لحج، تعز، أبين ، صعدة، حجة، الحديدة، البيضاء وشبوة” باعتبارها الأكثر تضرراً بانعدام الأمن الغذائي وتحتاج إلى معونات طارئة منقذة للحياة وسبل المعيشة.

في حين تدخل 10 محافظات مرحلة الأزمة وهي المرحلة الثالثة لانعدام الأمن الغذائي “عدن، عمران، ذمار، صنعاء المحافظة، الأمانة، إب، مأرب، ريمة، المحويت والجوف” وتحتاج إلى معونات عاجلة للحد من فجوات استهلاك الغذاء وسوء التغذية الحاد.

ويشير التقرير إلى أن 3 محافظات “حضرموت، المهرة وسقطرة” تعيش في مرحلة الشدة وهي المرحلة الثانية من انعدام الأمن الغذائي، وتعد الأقل تضرراً مقارنة بالمحافظات الأخرى.

الحرب والمرض

يذهب العشرات والمئات من اليمنيين الأبرياء ضحايا الحرب التي تتسع يوماً تلو الآخر، كما أن المرض بات يهدد الكثير من المناطق اليمنية جراء غياب الصرف الصحي والمياه النظيفة، إلى جانب تراكم القمامة، الأمر الذي يقود إلى انتشار الأمراض، وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت من اتّساع انتشار الكوليرا في اليمن، وقالت إن الأمر “وصل إلى مرحلة مقلقة لا ينبغي السكوت عنها”، وأعلنت رصدها 644 حالة يشتبه بإصابتها بالمرض في مناطق يمنية مختلفة.

yemen

 

مقالات مشابهة