المشاهد نت

وقف مبادرات توزيع الأضاحي.. ما الأسباب والتأثيرات؟

الأضحية في العيد

محمد عبدالله

“تسألني عن أضحية العيد؟، نحن منذ أربعة أعياد لم نعد نحصل على أضحية، الحرب أكلت الأخضر واليابس وحرمتنا فرحة العيد”، الحديث لأم عبدالرحمن التي تعيش في محافظة تعز (جنوبي غرب اليمن).

أم عبدالرحمن، أرملة تعول أربعة أولاد (ولدان وابنتان)، وهي واحدة من بين آلاف الأسر التي سلبتها الحرب فرحة العيد وحرمتها من الاحتفاء بالمناسبة، كما تحتفل باقي الأسر في العالم بعيدا عن الحروب والأزمات.

تقول أم عبدالرحمن لـ”المشاهد”، إنها كانت تحصل قبل الحرب على “أضحية في كل عيد من قبل مؤسسات وجمعيات وفاعلي خير أما الآن فالوضع تغير كثيرًا”.

وتضيف “حاليًا كل واحد مشغول بنفسه وأولاده خصوصًا في ظل الحرب، فالناس بمن فيهم فاعلي الخير لم يعودوا كما كانوا في السابق”.

منذ ثلاثة أعوام، أصبحت “الدجاج” أضحية أسرة أم عبدالرحمن، التي تعيش وضعٍ قاسٍ جراء الحرب، واصفة العيد بـ”عيد العافية”.

لا أضحية هذا العيد
نفس الشعور تلمسه لدى عبده مهيوب (42 عاما)، الذي نزح من الأطراف الشمالية لمدينة تعز إلى مدينة القاعدة التابعة إداريًا لمحافظة إب الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ ستة أعوام.

يقول مهيوب لـ”المشاهد”: “قبل عامين من الآن كانت هناك مبادرات تعمل على توزيع الأضاحي في العيد وكانت تخفف علينا كثيرًا كنازحين في ظل توقف صرف المرتبات وتدهور الاقتصاد”.

تشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد النازحين داخلياً في اليمن يبلغ عددهم حوالي 4 ملايين شخص.

يضيف مهيوب “لا أتوقع أن أحصل هذا العيد على أضحية خصوصًا مع ارتفاع أسعار المواشي بشكل جنوني في ظل جشع التُجار غياب دور الجهات الرقابية”.

يشكو مهيوب هو موظف حكومي من عدم انتظام صرف راتبه “وإن صُرف فإنه يتم بشكل غير منتظم وإجمالًا هو لا يكفي لشراء أضحية” حد قوله.

وشهدت أسعار المواشي هذا العام ارتفاعًا غير مسبوقًا، إذ تجاوز رأس الماعز 150 ألف ريال (ما يعادل 150 دولار، الدولار=1000 ريال)، أما رأس ذكر البقر فتجاوز سعره مليون ونصف (1500 دولار).

ومؤخرًا، سجل الريال اليمني تراجعًا غير مسبوقًا خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث تجاوز سعرصرف الدولار الواحد 100 ريال، لأول مرة في تاريخ البلد.

إقرأ أيضاً  استمرار تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن

مضايقات وابتزاز
فيصل سيف عامل سابق في مؤسسة خيرية يقول لـ”المشاهد” إن هناك عدة أسباب تقف وراء توقف المبادرات ومشاريع الأضاحي في العيد أبرزها “عزوف بعض المنظمات جراء تعرضها للمضايقات خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي”.

واتهم سيف جماعة الحوثي، بممارسة الابتزاز والاعتداءات على ناشطين محليين ومبادرات تعمل في المجال الخيري والمجتمعي.
ولم يرد مسؤولين حوثيين على طلب “المشاهد” للتعليق حول الأمر.

في مطلع أغسطس 2020، اعتقلت جماعة الحوثي عشرات من نشطاء الإغاثة بسبب توزيعهم أضاحي العيد، وتعرضوا للاستجواب بشأن مصدر المال الذين ينفقونه في الأضاحي.

يشير سيف إلى أن المؤسسة التي كان يعمل لديها- رفض الكشف عن هويتها – كانت تنحر عشرات المواشي في عيد الأضحى وتوزعها على النازحين والفقراء وذوي الدخل المحدود بهدف الصدقة وإسعادهم وإدخال السرور إلى نفوسهم.

تشير تقارير حقوقية إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، تواجه العديد من المضايقات في مناطق سيطرة الحوثيين.

الأسباب والتأثيرات
بدوره الناشط والحقوقي صلاح أحمد يقول إن المواطنين استمرار الحرب والتدهور الاقتصادي وانهيار سعر العملة وانقطاع المرتبات فاقمت معاناة المواطنين بشكل كبير.

وأضاف لـ”المشاهد” أن المبادرات كانت تخفف من هذه الماسأة وخاصة في الأعياد كانت توزع لحوم الأضاحي وتعيد للعيد اعتباره عند الأسر الفقيرة التي تحصل على هذا النوع من المساعدات وتحيي قيم التكافل المجتمعي. لافتًا إلى أن توقف هذه المبادرات تجعل المأساة تكبر وتتعاظم.

وبحسب أحمد فإن توقف هذه المبادرات تعود لأسباب عدة منها “محاربة الحوثيين لهذه المبادرات ومضايقة أصحابها وأيضًا المغتربين الداعميين (للمبادرات) توقفت أغلب أعمالهم وتقلصت فرص العمل لديهم بسبب السياسة الأخيرة للمملكة العربية السعودية تجاه العمالة اليمنية”.

وأضاف أن هناك سبب آخر يتمثل في أن “بعض المبادرات اساءت للعمل التكافلي وجعلت منه مصدر للترزق والمتاجرة باسم الفقراء الأمر الذي جعل الداعميين يتوقفون عن الدعم ويشكِّون بأمر المبادرات جميعًا”.

وأدت الحرب في اليمن منذ ستة أعوام إلى “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وفقا للأمم المتحدة التي تؤكد أن نحو 24 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 30 مليونا، يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة وكثير منهم على شفا المجاعة.

مقالات مشابهة