المشاهد نت

العيد في الغربة ومحاولة صنع عيد بنكهة اليمن

صنعاء – فاطمة العنسي:

شتت الصراع القائم منذ 2011، اليمنيين في شتى بقاع الأرض، وأصبح الخروج من اليمن أمنية الكثيرين، بسبب ما خلفته الحرب من تدهور أبسط مقومات الحياة، إذ بلغ عدد اليمنيين المتواجدين خارج البلاد، 1.881.116 شخصًا، وفق بيان وزارة التخطيط والتعاون الدولي التابعة للحكومة اليمنية.
وفي الأعياد الدينية كعيدي الفطر والأضحى، يسعى اليمنيون في الخارج إلى خلق أجواء شبيهة بأجواء الأعياد في بلدهم الأصل، يتمثل ذلك بأغنية “أنستنا يا عيد” كما تقول عائشة عمر التي تقيم في مصر منذ 3 سنوات ونصف، وتعمل في منظمة شريكة مع الأمم المتحدة، كما تملك مشروعها الخاص.
وتضيف عائشة: “تختلف مصر عن غيرها من البلدان، نحن هنا نشعر أننا في اليمن، ونشعر أننا نعيد كما في اليمن، كل شيء متوفر من ملابس واكسسوارات ومأكولات شعبية، ونقش، ونحاول تطبيق العيد كما في اليمن، كي لا نشعر بالغربة، وحاليًا تم توفير كل المنتجات اليمنية”.
وتلفت إلى أن اليمنيين هناك من أبناء الجالية يتزاورون في ما بينهم، ويتم تقديم الأكلات الشعبية والكعك البلدي والمكسرات، مؤكدة أن “كل خطوة نقوم بها نوثقها مع أسرنا في اليمن، هم دائمًا معنا، خصوصًا في الأعياد”.

صوت الآنسي في بلجيكا

ومن مصر في أفريقيا، إلى بلجيكا في أوروبا، حيث يعيش الصحفي اليمني خليل العمري، الذي يؤكد أن مئات اليمنيين المقيمين هناك يحتفلون بالعيد عن طريق “استحضار العيد في اليمن بكافة أشكاله من المأكولات الشعبية والأغاني الخاصة بالعيد والأزياء الشعبية كالمعاوز والأثواب، والمكسرات والكعك”.
ويقول العمري في تصريح خاص بـ”المشاهد”: “هناك حضور كبير للأغنية اليمنية أنستنا يا عيد، في الخارج، إذ يأنس اليمنيون المغتربون لصوت علي الآنسي وهو يعزف أغنية اليمن الخالدة التي غناها قبل 40 عامًا، لكنها ماتزال عابرة للزمان والمكان”.
ويضيف: “تشمل طقوس العيد التزاور في ما بيننا، واللقاءات بين العائلات اليمنية، أسوة بطبيعة الأعياد في بلدنا الأصل، أيضًا السفر وزيارة المدن والمعالم الأثرية، لاسيما وأن عيد الأضحى يتزامن مع عطلة الصيف في بلجيكا”. لافتًا إلى أن أغلب العائلات اليمنية لجأت إلى شراء لحوم جاهزة كأضحية خاصة، مع منع المحكمة الأوروبية ذبح الحيوانات، مشترطة صعقها.

كورونا تمنع التجمع للعيد في ألمانيا

وفي أوروبا، لكن في ألمانيا، تعيش رؤى القايفي في العاصمة برلين، مع أسرتها المقيمة هناك منذ سنوات، تروي تفاصيل العيد في البلد الأوروبي الذي لا يعرف ما عيد الأضحى أو طقوسه.
وتقول القايفي: “بالنسبة لنا وجود أخواتي جميل، كلنا نجتمع في منزل أختي الكبيرة، نعمل الكعك البلدي بأنواعه، نشتري المكسرات والجعالة، نعسب الأطفال، ونطبخ الأكل اليمني مثل بنت الصحن والزربيان والعصيد والمرق. نحاول خلق نكهة العيد كأننا في اليمن، نخرج للتنزه، وطبعًا دون التنازل عن الأغاني اليمنية الخاصة بالعيد”.
وفي سياق مماثل، تؤكد أم عمر المقيمة في المدينة ذاتها منذ عام 2013، أن برلين تلم شمل الكثير من أبناء الجالية اليمنية، الذين كانوا يحتفلون غالبًا بالأعياد مع بعضهم البعض، ولكن الأمر توقف بعد ظهور فيروس كورونا المستجد.
وتقول أم عمر، وهي ربة بيت وأم لثلاثة أطفال: “الوضع بعد كورونا والإجراءات المرافقة لها، اختلف، التجمعات ممنوعة باستثناء أعداد محدودة، أغلب تجمعاتنا في الأعياد تكون في بيوت، لذا أصبحنا نجتمع مع أقرب الأصدقاء وعوائلهم”.
وتشير إلى أنه يتوجب عليهم كأسرة يمنية تحديد إجازة للعيد من العمل والمدارس لأطفالها إذا ما صادف أيام العيد دوام رسمي في المدينة، وتقول: “نسعى جاهدين أن ندخل فرحة العيد في نفوس أطفالنا، ومهمتنا صعبة في زرع الإحساس والفرح بالأعياد بين الأطفال بنفس الشعور والفرحة التي كنا نعيشها ونحن أطفال”.
وتضيف: نشتري لهم (للأطفال) ملابس العيد، ونعمل كعك وحلويات العيد، ونعمل زينة العيد، وهدايا للعيد، ونتواصل مع أهلنا في اليمن، وطبعًا ما يكمل العيد إلا بـ”أنستنا يا عيد”.
وتتابع: “نعمل هذا كله عشان أولادنا يحسوا بالأعياد، أما إحنا الكبار ما عيد إلا في اليمن”.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

مصلى مخصص للجالية اليمنية في تركيا

ومن إسطنبول، تشرح لـ”المشاهد” دعاء جازم، المقيمة مع أسرتها في تركيا، منذ سنوات، عن أحوال اليمنيين هناك أيام العيد، قائلة: “يحاول اليمنيون في الغربة صناعة طقوس تذكرهم باليمن، بأبسط الأشياء، مثلًا رائحة البخور تصنع سعادة وجوًا يعود بالذاكرة إلى لحظات الفجر الأولى أثناء استعداد الأب للخروج لصلاة العيد. صوت الآنسي في أغنية “أنستنا يا عيد”، يعلن وصول العيد اليمني، مع تقديم الجعالة (الحلويات) والكعك على الطاولات”.
في تركيا، وخصوصًا في إسطنبول، تقيم الجالية اليمنية صلاة العيد في مكان محدد لمن أراد الانضمام إليها، وبعض العوائل يفضلون الذهاب للصلاة في جوامع إسطنبول الشهيرة، مثل جامع الفاتح أو السلطان أحمد وغيرهما، تضيف جازم.
وتشير إلى أنه “في إسطنبول يعيش معظم اليمنيين في تجمعات سكنية، كل مجمع يضم ما يقارب 100 عائلة، وأكثرهم ينظمون احتفالات بعد الصلاة في حديقة المجمع، كل عائلة تحضر معها طبقًا من جعالة العيد أو حلويات وعصير، ويلتقي الأهالي والأطفال ليلعبوا ويعيدوا بعض”.

العيد في السويد

أما بالنسبة لعبدالحكيم الشرعبي، المقيم في السويد، فإن الشعور بالغربة عن الوطن أيام الأعياد، ومحاولة صنع نكهة عيد مصغرة تحسن لديه مع مرور الوقت، وتعود مع استيطان المكان وتدفق المهاجرين اليمنيين، وأصبح لديهم “وطن صغير جديد يشبه اليمن في طقوس العيد”.
ويؤكد الشرعبي أن “نكهة العيد اليمني الأصيلة عصية أن تتوفر في مكان آخر سوى اليمن، مهما حاولنا ذلك”.
ويقول في تصريح خاص لـ”المشاهد”: “يبدأ العيد عندنا من التجهيزات للعيد قبل يوم العيد بوقت مناسب، نشتري المستلزمات الشعبية للعيد، والتي لم تكن متوفرة في أوروبا حتى وقت قريب، وبدأت تتوفر مؤخرًا، في صباح العيد يحرص جميع أفراد العائلة والأصدقاء على صلاة العيد، واللقاء بعدها في مكان الصلاة أو في مكان عام، وأحيانًا نزور بعضنا في البيوت، نلتقي مع بعض الجيران المسلمين، ونتبادل التهنئة أيضًا، بعد ذلك يكون يوم العيد خاصًا بالعائلة، بحيث يقضي كل واحد العيد مع أسرته إما خارج أو داخل البيت، بعد ذلك نبدأ في التواصل بالهاتف مع الأهل والأصدقاء الموجودين في اليمن أو خارجها للتهنئة بالعيد السعيد”.
وينوه إلى أن قضاء العيد مع الأسرة في بلاد المهجر، يعود بالإنسان إلى ذكرياته، خصوصًا عندما تمارس الأسرة طقوس العيد حسب العادات والتقاليد اليمنية.

مقالات مشابهة