المشاهد نت

المختلون عقلياً بلا مأوى وبرد صنعاء يهدد حياتهم

المختلون عقلياً في اليمن، تُعد الفئة المنسية، والأغلبية يتعاملون معها بأنها فئة خارج دائرة الاهتمام، ففي العاصمة صنعاء يجلدهم البرد القارس، فهم بلا مأوى، ويفترشون الرصيف، وأغلبهم شبه عراة.

العاصمة صنعاء تستهوي الكثير من المختلين عقلياً رغم بردها الشديد، إلا أن هذه المدينة تستهوي كثير ممن يعانون الاختلال العقلي حسب ما تؤكده دراسة متخصصة قديمة، وتقول إن المختلين عقلياً “المجانين” يجوبون الشوارع والأزقة بلا مأوى ومعظمهم في العاصمة صنعاء.

حديث مع “مجنون”

أحمد في العقد الخامس من العمر -مختل عقلياً- يتحدث بصورة قد لا تصدق أنه “مجنون” لولا ملابسه وجسمه المتسخ، ويقول لـ”المشاهد”: “أنا من ماوية بتعز، كرهت أهلي قريتي، وأعيش في صنعاء لأني أحبها، فالناس هنا تجيب لي فلوس وقات وأكل”.

ينام أحمد تحت جسر جولة تعز بدون فراش، ويقول: “البرد يقتلني بس قد تعودت عليه”.. عندما يشعر أحمد بالجوع يذهب إلى أحد مطاعم شارع تعز ويحصل على بقايا الأكل التي يقتات عليها، ثم يعود إلى مكانه الذي ينام فيه، وأثناء حديثنا مع “أحمد” طلبنا منه تصويره إلا أنه رفض بحجة أن أهله سيعرفون أنه في صنعاء وسيأتون لإعادته إلى المنزل وتكبيله بالقيود.

يخاف “أحمد” من القيود، ويعشق الحرية، في وطن غير قادر على كسر قيود الظلم والتحرر والتخلص من الظلم والمطالبة بوطن يُحترم فيه أبناءه ويحصلون على حقهم من الخدمات “كالصحة والرعاية والتعليم، والمياه والكهرباء، والأمن، وغيرها من الخدمات الأساسية”، ودولة تحافظ على ثروات البلد وتحقق العدالة الاجتماعية.

غياب الإحصائيات الرسمية

تغيب الإحصائيات الرسمية عن عدد “المختلين” عقلياً، وكانت دراسة قديمة قد قالت إن عدد المختلين عقلياً في اليمن بشكل عام بلغ 500 ألف شخص، وأن 50% منهم قد تقطعت بهم السبل ويعيشون في شوارع المدن والأزقة بلا مأوى، ووفقاً للإحصائية، فإن العاصمة صنعاء تستحوذ على النسبة الأعلى من هؤلاء المشردين.

بدوره الباحثة الاجتماعية الهام صالح تقول لـ”المشاهد” إن هذه الإحصائية بلا شك غير دقيقة ولا تعبر عن الوقت الراهن، حيث تتسبب الأوضاع المعيشية الصعبة زيادة أعداد المختلين عقلياً إلى جانب تعاطي القات من قبل الكثير من الذين يعانون من ضغوط نفسية مما يتسبب في إصابتهم بالاختلال العقلي، وتشير صالح إلى أن الفترة الأخيرة زادت معاناة الناس ودفعت بالكثير إلى الأمراض النفسية.

ثقافة العيب تزيد المعاناة

تقول الباحثة الاجتماعية الهام صالح إن ثقافة وعادات الكثير من الأسر اليمنية تُعيب الكشف عن أحد أفرادها مصاب بأمراض نفسية، فإما أن تحبسه داخل المنزل دون أن تقوم بعلاجه، أو تتخلى عنه وترحله بعيداً عن منطقتها، وتشير إلى أن الجانب الاقتصادي للكثير من الأسر يحول أيضاً دون علاج الكثير من المرضى النفسيين.

غياب الرعاية للمختلين

معاناة كبيرة يواجهها المختلون عقلياً، فهم بلا مأوى وأغلبهم بملابس مهترئة ومقطعة، ففي العاصمة صنعاء تزداد أوضاع هؤلاء سوءاً، خاصة في فصل الشتاء البارد، وكانت الدراسة السابقة قد قالت إن المشردين في صنعاء يواجهون معاناة كبيرة، خاصة في ظل الأجواء الباردة، الأمر الذي يستدعي من الجهات المعنية الرسمية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني أن تجد حلاً لهذه الإشكالية وأن تعمل على توفير دور رعاية لهؤلاء الذين يعانون من اختلالات عقلية واستيعابهم.

إقرأ أيضاً  مخيمات النازحين.. تحت رحمة «المنخفض الجوي»

من جانبه المواطن محسن عبده يقول لـ”المشاهد”: “لم تكلف الدولة نفسها التفكير بشريحة المختلين عقلياً، وتركتهم يجوبون الشوارع، في حين أن أغلبهم يعانون من أمراض نفسية ويحتاجون إلى العلاج النفسي والتأهيل للعودة إلى حياتهم الطبيعية”.

السحر له نصيبه

بدوره الشيخ/ بلال أبو عبدالرحمن -معالج بالقرآن- يقول لـ”المشاهد” إن الكثير من المختلين عقلياً يعانون من السحر، ولا يفيدهم أي علاج، فعلاجهم بالقرآن، ويشير إلى أنه يعمل على مساعدة الكثير من الحالات التي تصله، وعادة لا يأخذ أجراً على ما يقوم به خاصة من الأسر الفقيرة.

خطر يهدد النسيج الاجتماعي

بدوره الناشط الحقوقي مفيد أحمد، يقول لـ”المشاهد” إن القانون يتضمن ضرورة وجود جهة إصلاحية تكفل المختلين عقلياً ومن يعانون الأمراض النفسية وتستوعبهم تماماً مثل الجهة الإصلاحية لرعاية أصحاب الجرائم ومجرمي الأحداث، وكذا لرعاية المسنيين، ويطالب أحمد بضرورة التنبه لهذه القضية ومعالجتها من خلال الاهتمام بفئة المختلين عقلياً، ويضيف: “هناك تزايد في حالات الإصابة بالاختلال العقلي لتصبح ظاهرة تشكل خطراً على النسيج الاجتماعي اليمني، وهو ما يتطلب من الدولة توفير الرعاية لهذه الفئة.

مختلون يجوبون الشوارع وينشرون الخوف

المختلون عقلياً بلا مأوى وبرد صنعاء يهدد حياتهم

يجوب المختلون عقلياً شوارع العاصمة صنعاء بكل حرية، ويتزايد أعدادهم بشكل ملفت، وفي ظل تردي الأوضاع الأمنية تزيد المخاوف لدى الأطفال والنساء بصورة رئيسية من تحركات هؤلاء، خاصة أن الكثير منهم يتعرضون للنساء والأطفال، وتقول ياسمين محمد موظفة لـ”المشاهد” إنها تعرضت للعديد من المضايقات من قبل مختلين عقلياً.

وتسرد ياسمين لـ”المشاهد” قصة حدثتها وهي خارجة من عملها بالقرب من جولة تعز، حين قام أحد “المجانيين” الذين يتخذون من جسر جولة تعز مقراً لهم بملاحقتها والمشي خلفها بمسافة لا تتعدى 20 سم، وتتابع: “كنت أشعر بخوف شديد، ونزلت من الرصيف لأمشي وسط الشارع الذي تمر فيه السيارات، ولحقني ذلك المختل، وبعد أن شعرت بأني رجلاي لم تعد قادرتان على حملي دخلت إحدى الصيدليات ووقف “المجنون” في باب الصيدلية وينظر إليّ ثم بصق في وجهي وذهب، بعدها قررت أن أركب “تاكسي” أجرة رغم أن مسافة البيت قريبة”.

هذه القصة التي عاشتها ياسمين تعيشها الكثير من النساء، فغياب دور الجهات المعنية في توفير مراكزاً للإيواء يزيد من حدة هذه المشكلة، ويجعل الكثير من الناس تعيش المخاطر.

مقالات مشابهة