المشاهد نت

الحوثي والمخدرات… محاولة غسل العار

توعية الحوثيون بمخاطر المخدرات يثير تساؤلات عن تهريبها

صنعاء – أسامة فرحان

انتشرت في شوارع صنعاء، في الأسابيع الفائتة، لوحات إعلانية ممولة تنصح المواطنين بالابتعاد عن تجارة وتناول المخدرات. هذه اللوحات كانت ضمن حملة إعلامية منظمة للتوعية بمخاطر المخدرات والحد من تداولها، كما تقول وسائل إعلام جماعة الحوثي في صنعاء.

لكن الأهداف الحقيقية وراء هذه الحملة، لم تتضح بعد، كون الجماعة لديها سجل أسود في تجارة المخدرات.

عبدالواسع الفاتكي، محلل سياسي، يقول لـ”المشاهد” إن السبب في تدشين جماعة الحوثي حملات توعية بالمخدرات ومخاطرها، يعود إلى الخوف من انتشار المخدرات بشكل كبير، بحيث يصعب السيطرة عليها والتحكم بها، إضافة لرغبة الجماعة في تبرئة ساحتها لدى المواطنين بأنها ليست وراء انتشار المخدرات، وأنها جادة في محاربتها.

لكن محمد جميح، المحلل السياسي اليمني، في حديث لـ”المشاهد” يشكك في جدية الجماعة في محاربة المخدرات، ويقول: “إذا كانت جماعة الحوثي جاده في مكافحة المخدرات، لما كانت الحدود مع السعودية في المناطق التي يسيطرون عليها مناطق عبور تهريب مخدرات معروفة”.

بالعادة حينما تقرأ أو تسمع كلمة الحوثيين، سيتصور لعقلك الباطني، قتل، دماء، سجن، تعذيب، دمار، وما شابه ذلك من أمور اقترنت باسم الجماعة منذ بداية توسعها المسلح في 2014.

لكن لا يدرك الكثير ضلوع الجماعة بشكل كبير في تجارة المخدرات، إذ تُعد مسقط رأس الحوثيين، محافظة صعدة، من أهم وأشهر المدن اليمنية في تجارة المخدرات، كونها منطقة عبور للممنوعات على الحدود السعودية.

تاريخ أسود

سعاد علوي، رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات، في حديثها لـ”المشاهد”، تقول إن لجماعة الحوثي تاريخًا طويلًا مع المخدرات، إذ تعتبر تجارة المخدرات أحد أهم مصادر تمويلها خلال الحرب الدائرة في اليمن، والتي تسهم في إطالة أمدها وتكبيد اليمنيين المزيد من العناء.

من جهته، يقول جميح إن تجارة المخدرات في العالم مرتبطة بتجارة السلاح، والحوثيون على علاقة وطيدة بتجارة السلاح، وقد وضعتهم الأمم المتحدة على القائمة السوداء في تهريب السلاح وتبييض الأموال.

ويضيف أن إيران التي تعد الداعم الرسمي للحوثيين، هي من أكبر مراكز تجارة المخدرات في العالم، إن لم تكن الأكبر، ورببيها حزب الله كذلك.

دلائل وآثار

سُجلت في مناطق سيطرة الحوثيين جرائم خطيرة وغريبة على المجتمع اليمني، كقتل الأبناء آباءهم وأمهاتهم، وقتل الآباء أولادهم، وقتل الأخ أخاه، وغيرها من الجرائم البشعة.

ويُعد انتشار المخدرات أحد أهم وأبرز أسباب تلك الجرائم، إذ إن تعاطيها يدمر عقل ونفسية الإنسان، ويدفعه للتوحش والتنمر وارتكاب الجريمة وهو متلذذ ومستمتع بها.

وتنتشر في مناطق الحوثيين ما تسمى “شمة الحوت”، وهي نوع من البردقان (التبغ المطحون) المحتوي على مواد مخدرة، يولد تعاطيها إدمانًا لها، ويدخل المرء في نوع من اللامبالاة بالمخاطر، وتجعله يمارس العنف والبلطجة كأنها هواية، ولذلك يحرص الحوثيون على إعطائها للمقاتلين في صفوفهم بشكل مستمر، مما يجعلهم يقاتلون بلا شعور ودون توقف.

إقرأ أيضاً  خديجة.. قصة التغلب على العنف وخذلان الأسرة

وفي هذا الصدد، تقول بشرى الحجري، أخصائية نفسية، لـ”المشاهد” إن تعاطي المخدرات بأنواعها من الآفات التي تصيب المجتمعات، وغالبًا ما يكون الشباب دون سن الـ18 سنة والشباب عمومًا هم الضحايا لهذه الآفة.

وتضيف أن الحروب تزيد من انتشار تعاطي الممنوعات بين الشباب والرجال. مؤكدة أن تعاطي الفرد للمخدرات ينتج عنه مشكلات نفسية كثيرة، منها اضطراب وجداني لدى الفرد، إما تبلد ولامبالاة وهدوء شديد، أو هياج انفعالي شديد وعنف وعدوان وقلق، وكذلك تدني الإدراك العقلي وصعوبة التفكير في حل المشكلات. كما أن بعض المخدرات تسبب الشعور بالاضطهاد والشك في من حوله، مما يجعله يتصرف تصرفات تتسم بالعبثية واللامعقول.

وتشير إلى أن المخدرات إجمالًا تسبب ظهور العديد من أعراض الاضطرابات النفسية كالفصام، وهي حالة يبرز فيها انفصال الفرد عن الواقع المحيط به، ويكون سلوكه وكلامه غير منظم، كما يتسم بفقدان الإرادة، وأيضًا حالات اضطراب ثنائي القطب (الهوس الاكتئابي)، وهي حالة يتم فيها التعاقب بين الهوس (النشاط والحيوية والطاقة المفرطة)، والتهور وتصرفات غير هادفة، والمغامرة دون إدراك العواقب، والرغبة بالانتحار.

وحسب علوي، فإن أنواع المخدرات التي تنتشر في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، هي ذاتها التي تنتشر في المناطق الأخرى، كالحشيش والعقاقير المخدرة وبعض الهيروين، لكن على مستوى محدود، بالإضافة إلى القات والشمة. وتحمل هذه المخدرات في طياتها آثارًا خطيرة وسلبية على الفرد والمجتمع، كانتشار الأمراض والجرائم بشكل غير طبيعي.

وإجمالًا، فإن كل الأعراض والآثار المترتبة على تعاطي المخدرات، تؤدي إلى تدهور مستمر ومستديم في الوظائف العقلية والاجتماعية والمهنية والأكاديمية للفرد.

الماضي المستمر

أعلنت الحكومة اليمنية، في نوفمبر من العام الماضي، عن ضبط سفينة تهريب من قبل قوات خفر السواحل التابعة لها، في محافظة المهرة، شرق اليمن، والتي كان على متنها 6 بحارة إيرانيين وباكستاني، ومُحمّلة بكميات كبيرة من المواد المخدرة، وذلك قبالة سواحل الغيضة في المحافظة.

وقد أسفرت عملية التفتيش من قبل الأجهزة الأمنية عن احتواء تلك السفينة على 730 كيلوغرامًا من مادة الحشيش الخارجي من نوع “رايتنغ”، و216 كيلوغرامًا من الحبوب المخدرة من نوع “كريستال” مختلفة الأنواع.

أحلام محروقة

وصرح مصدر أمني في مأرب (فضل عدم ذكر اسمه) لـ”المشاهد”، أن المضبوطات من حشيش أو مخدرات يتم نقلها بعد أن تُجمّع إلى أطنان لمخازن خاصة، كمخزن إدارة الأمن، أو مخازن القوات الخاصة التابعة لإداره الأمن، بحسب الأماكن أو النقاط التي ضبطت فيها، مثل نقطة نجد المجمعة، والشرطة العسكرية في منطقة الكسارة، ومن ثم تؤخذ المضبوطات من المخازن إلى إدارة مكافحة المخدرات، بتحريز رسمي من البحث، ويتم جمع تصريحات المتهمين إلى النيابة ومحاكمتهم، ومن ثم يتم حرق المضبوطات بعد أن تصل إلى أطنان.

ويقول المصدر إن عدد مرات إتلاف المخدرات المضبوطة وصل إلى أكثر من أربع مرات، موضحًا أن هذا ما تم تسجيله رسميًا في سجلات البحث.

مقالات مشابهة