المشاهد نت

لتصل رسائلهم إلى الجميع… شابان يمنيان يقطعان 290 كم على دراجاتهما الهوائية

حضرموت – محمد سليمان:

أن يقطع أحدهم مسافة 290 كم في درجة حرارة تتجاوز الـ 40درجة مئوية، هو ضرب من ضروب المستحيل، كيف لو علمت أن هذا حدث في بلد تعتبر فيه ممارسة رياضة أو هواية ركوب الدراجات الهوائية من الترف المفرط..!
الشابان عبدالرحمن السقاف ومصطفى الحبشي، من أبناء محافظة حضرموت (شرقي اليمن)، من محبّي رياضة الدراجات الهوائية، خاضا تجربة السفر على الدراجات الهوائية في رحلة استغرقت يومين، انطلقت من مدينة القطن بوادي حضرموت، إلى مدينة المكلا عاصمة المحافظة، قطعا فيها 290 كم.

رسائل سلام ومحبة

مصطفى وعبدالرحمن، في حديثهما لـ”المشاهد، قالا إن خوضهما هذه المغامرة يأتي لإيصال عدد من الرسائل التي يجب أن تصل للداخل والخارج؛ أولاها رسالة سلام تتمثل في أن الشباب اليمني ليس فقط الشباب الذي يظهر في وسائل الإعلام وهو يحمل السلاح، ويُستَخدم وقودًا للحرب، بل هو شباب طموح يحب الحياة، السلام والتعايش.

لتصل رسائلهم إلى الجميع… شابان يمنيان يقطعان 290 كم على دراجاتهما الهوائية


أما الرسالة الثانية فهي رسالة صحية، إذ إن ممارسة الرياضات المختلفة، ومنها ركوب الدراجات الهوائية، لها عظيم الفائدة على الصحة الجسدية والنفسية. الرسالة الثالثة هي رسالة للحفاظ على البيئة، وبخاصة مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي أثقلت كاهل المواطن، فاستخدام الدراجة الهوائية للتنقل يخفف من انبعاثات الغازات المضرة بالبيئة. أما الرسالة الأخيرة فهي رسالة أرادا إيصالها للجهات المختصة للاهتمام بهذه الرياضة المنسية في اليمن.

رياضة مهملة

رياضة ركوب الدراجات الهوائية -كغيرها من الألعاب الأخرى- تواجه صعوبات كبيرة منذٌ اندلاع الحرب، إذ يتم تنظيم مسابقة واحدة سنوية، وبشكل مصغر، وإمكانيات محدودة جدًا، يشارك فيها عدد محدود من راكبي الدراجات.


وحسب الكابتن إسماعيل مولى الدويلة، رئيس فرع اتحاد الدراجات الهوائية بحضرموت، في حديثه لـ”المشاهد“، فإن رياضة الدراجات الهوائية أصبحت مهملة في السنوات الأخيرة، وبخاصة في الأنشطة المدرسية، والتي تعتبر النواة الأولى لازدهارها.
ويضيف الدويلة أن المشاركات الرياضية -على قلتها- تنحصر في بعض الأندية، وبجهود من اللاعبين أنفسهم، من خلال استمرارهم في ممارسة اللعبة. فرع الاتحاد في حضرموت لا يمتلك دراجات خاصة واحترافية ليستخدمها المشاركون في البطولات المحلية، ناهيك عن البطولات الخارجية، ومع هذا يحقق أبطال المحافظة المراكز المتقدمة بهذه الرياضة على مستوى الجمهورية، بإمكانيات شبه محدودة.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟
لتصل رسائلهم إلى الجميع… شابان يمنيان يقطعان 290 كم على دراجاتهما الهوائية

صعوبات وإصرار

لم تكن الرحلة مسلية جدًا، ولم يكن طريقها مفروشًا بالورود، وذلك لطبيعة التضاريس التي يمر بها الطريق إلى الساحل. وقد سببت المسارات المرتفعة (العقبات) والمنحنيات صعوبات كبيرة لهم في الصعود والنزول، كما يقول مصطفى في حديثه لـ”المشاهد.
ويبلغ الارتفاع صعودًا عند التحرك من مناطق وادي حضرموت إلى الساحل 1500-2000 متر فوق سطح البحر، إلا أن الإصرار على النجاح في هذا التحدي كان أقوى من الصعوبات، إذ استمر الشابان في إصلاح الدراجات كلما تعرضتا لأعطال نتيجة الضغط على المكابح بشكل دائم اثناء النزول بما لديهما من أدوات بسيطة.

طموح يصطدم بالخروج النهائي

7 سنوات قضاها الشاب عبدالرحمن السقاف في ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية أثناء تواجده بالمملكة العربية السعودية، حيث كان يقطع المسافة من بيتهم إلى مقر دوامه، والبالغة 19 كم يوميًا، بدراجته الهوائية. ما يفعله عبدالرحمن أثار اهتمام رئيس فريق “دراج الحجاز”، الذي طلب منه أن ينضم إلى الفريق.
يواصل السقاف حديثه قائلًا: “شاركت مع الفريق في عدد من السباقات، وحققت مراكز متقدمة، ليقرر أعضاء الفريق إهدائي دراجة هوائية احترافية نوع “رود”، إلا أنني أخبرتهم بعدم قدرتي على قبول الهدية، وذلك لقرار عائلتي بالخروج النهائي إلى أرض الوطن بعد القرارات الأخيرة الصادرة بالمملكة العربية السعودية”.
لم يكن قرار الخروج النهائي لعائلة عبدالرحمن سهلًا، وهذا ترك أثره البالغ على نفسيته، وبخاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة والحروب التي تعصف باليمن، ولكن هون من ذلك لقاؤه بصديقه مصطفى، الذي كان يمارس ألعاب القوى لدى أحد الأندية المحلية بمنطقته، ليتشارك معه شغفه برياضة الدراجات الهوائية، وخوض غمار الرحلات والمغامرات في سبيل الترويج لها.

مقالات مشابهة