المشاهد نت

التصعيد العسكري للحوثيين يصعب التوصل إلى حل إنهاء الأزمة اليمنية


عدن – بشرى الحميدي:


في ظل التوسع الحوثي باتجاه الجنوب بعد سيطرة الجماعة، الأسبوع الماضي، على ثلاث مديريات من محافظة شبوة (شرق البلاد)، يبدو السلام أبعد من أي وقت مضى.
يقول المحلل السياسي والعسكري وضاح العوبلي في حديث للمشاهد: “أعتقد جازمًا أن الأنتصار العسكري هو الخيار المفتوح والمعتمد على طاولة الحوثي، وما يزيد شهيته لاعتماد هذا الخيار، هو الصراعات والتفككات والشقوق التي تتعمق بأستمرار في صفوف خصومه، يضاف إليها التنافس الإقليمي المحموم في ما يعرف بـ”صراع النفوذ” في اليمن، والذي جندت له الأطراف الإقليمية أكثر من أداة”.
ويؤكد العوبلي أن هناك انحرافًا في معركة الحكومة، وتعاملها مع الأطراف الوطنيه في الداخل بمعايير مزدوجة، ومحاولاتها تسخير نفسها وقرارها لصالح أجندة معينة، مع تجاهلها لأهمية التوازن السياسي بين القوى المحلية، ولأهمية قيامها بخطوات وقرارات تنعكس بضمان المستقبل السياسي لجميع القوى الداخلية، وعبرها إلى القوى الإقليمية، وبما يزيح جزءًا من كومة الهواجس والمخاوف التي تنتاب كل هذه الأطراف.
ويشير إلى أن أي تجاهل لهذه المحاور المهمة يجعلها تظهر مشتتة أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وكل هذا ينعكس لصالح الحوثي، ويزيد من شهيته لالتهام ما تبقى من جغرافيا واقعة تحت سيطرة الحكومة كخيار عسكري، أو على الأقل انتزاع كل أوراق الضغط الاقتصادي والسياسي من تحت سيطرتها وإضعافها إلى أقصى مدى ممكن.
وحتى لو أبدى أغلب الأطراف رغبتهم بالعملية السياسية من خلال التصريحات والبيانات، إلا أن الواقع على الأرض مختلف جدًا، إذ لا وجود لأية بوادر للحل السياسي، ويرجع هذا إلى نشوء شبكات مصالح وقوى نفوذ عسكرية ومالية طارئة، في مناطق سيطرة جميع الأطراف، استفادت ومازالت تستفيد من استمرار هذا الوضع، وترى أن أي حل سياسي يعني زوالها أو على الأقل فقدانها هذه المصالح والامتيازات، بحسب العوبلي، مؤكدًا أن مصلحة هؤلاء إطالة الحرب.

ارتباط الحرب بالصراع السعودي الإيراني


على الجهة الأخرى يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد في حديث للمشاهد، أن الحل السياسي أقرب من الحل العسكري، كون الحل العسكري لم يجدِ نفعًا خلال السنوات السبع، بالمقابل فإن الحل السياسي يعتمد على قبول الحوثيين لأية مبادرة سياسية.
ويبين عبدالسلام أن الأزمة اليمنية ارتبطت بالصراع الإيراني السعودي، ودخلت في إطارها المفاوضات الإيرانية الأمريكية، وهذا ما زاد من عقدة الأزمة اليمنية.
ويضيف: “لدينا خياران؛ الخيار السياسي إذا توصلت إيران لطموحها من ناحية النفوذ، وحلت مشكلتها مع أمريكا بالاتفاق النووي، وحل مشكلتها مع السعودية، ستوقف الحرب في اليمن، لكن في حين اعترف بنفوذها على اليمن جزئيًا أو كليًا. والخيار الثاني هو أن يتغلب طرف على طرف آخر عسكريًا، وهذا أمر صعب، كون إيران لم تستطع إلى حد الآن الحسم العسكري مع حلفائها، والسعودية لا تريد الحسم العسكري في اليمن”.
ويقول إن الإمارات حولت المشكلة اليمنية إلى شكل مناطقي خلقوا من خلاله تمردًا انفصاليًا في المحافظات الجنوبية، وهذا يعوق أي حسم عسكري، ولو تم الحسم مع الحوثي ستظل هذه المناطق خارج إطار الدولة، وبالتالي كل الخيارات مغلقة.
وينوه إلى أن هناك خيارًا ثالثًا، وهو الاعتراف بالنفوذ الجزئي لكل طرف، بمعنى أن تدير الحكومة المناطق التي تحت سيطرتها، والحوثي المناطق الشمالية، والانتقالي المناطق الجنوبية، وتتشكل إدارة انتقالية للسلطة بشكل فيدرالي، وهذا ما يبحث عنه بعض الخبراء الأجانب، لكنه حل لا يقبل به الحوثيون، كونهم يريدون حلًا سياسيًا من خلال إدارة انتقالية للبلد بالكامل، وليس في إطار فيدرالية شبه انفصالية كل طرف يحكم ذاتيًا.
وللحل السياسي شروطه ومقوماته وقواعده، أهمها أن يقتنع طرفا الحوار أنهما طرفان متساويان. إذا تم الاتفاق على هذه القاعدة بالتأكيد سيفضي الحوار إلى السلام، بحسب الباحث في علم الاجتماع العسكري اللواء محسن خصروف.
ويقول خصروف في حديثه للمشاهد إن الحرب التي ليس فيها انتصار لطرف على آخر بتخطيط دولي وإقليمي، وفي إطار ما يسمى الجيل الرابع من الحروب الذي يقوم على صفرية الخسارة، بمعنى أنها حرب ليس فيها خسارة للآخرين، لن تفضي إلى أي انتصار لطرف من الأطراف، هي حرب تدمر البلد وتضعف الدولة وتمزق المجتمع.
ويؤكد أن الأزمة إذا استمرت بهذا الشكل، فهذا يعني مزيدًا من التشظي، مزيدًا من إراقة دماء اليمنيين، مزيدًا من تدمير الدولة، ومزيدًا من تدمير المقدرات الاقتصادية، وفي الوقت نفسه يسهل تحقيق أطماع الإقليم والمجتمع الدولي في اليمن، بمعنى الأطماع الجغرافية في اليمن، وسيطرة بعض دول الإقليم على مناطق في اليمن، والاستيلاء وتقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة، وعلى أساس مذهبي، كل هذا سيشتغل عليها الطامعون على اليمن.
ويقترح خصروف عودة الحكومة إلى الداخل، وأن تعمل من أي مكان في مأرب أو حضرموت أو المهرة، وتستعيد السيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، والاستفادة من الثروات المعدنية الموجودة وتصديرها، والقيام بدفع رواتب الموظفين والجيش، وتسليح الجيش ليكون أداة قوية وطنية كبرى من أجل استعادة الدولة إما بالسلم أو بالحرب.
“وبدون عودة الحكومة إلى الداخل اليمني لن يكون هناك أي حل، وسنظل مرتهنين للإقليم، وسيظل برايمر اليمن هو الذي يحكم اليمن، ويكون دور قيادة الدولة والحكومة توقيع القرارات التي تصدرها بريمر اليمن” يقول خصروف.

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

استمرار الفوضى

في حديث للمشاهد يؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان، أن الحل السياسي في وضع مثل اليمن يعني بقاء اليمن لثلاثة عقود في حالة من الفوضى وتعدد السلط وتعدد الجغرافيا، ولن تكون هناك دولة محددة، بل سنكون أمام حفتر في الساحل الغربي، ولدينا المجلس الانتقالي في الجنوب، والحوثيون، ولدينا مناطق الحكومة ومناطق أخرى قد تعلن الانفصال، لأن هناك توجهًا دوليًا لبقاء اليمن مختلًا. الحل المعترف به دوليًا والأوحد، هو إنهاء سيطرة الحوثي.
ويشير شمسان إلى أن الحوثيين لا يؤمنون بالديمقراطية والمواطنة، هم يعتقدون بالحق الإلهي، ومن يعتقد بالحق الإلهي لا يمكن له أن يتفق مع الآخرين أو يتوصل إلى حلول توافقية، لأنهم يعتقدون بأنهم مفوضون من الإله لحكم الشعب اليمني، ولهذا كيف يمكن أن نتوصل إلى حل مع جماعة تعتقد أنها صاحبة الحق، جماعة لها ولاء يتجاوز اليمن والبعد العربي والإسلامي المعتدل، جماعة تعتقد أنها أعلى من الشعب اليمني.
ويقول: “إنهاء سيطرة الحوثي وعودة النظام الجمهوري هو أول خطوة للحفاظ على اليمن في شكلها الفيدرالي. إذا ما تم ذلك يمكن لنا أن نتوصل إلى توافقات مع أبناء المناطق الجنوبية بتطبيق مخرجات الحوار الوطني أو الذهاب نحو كونفدرالية أو انفصال. ولكن في هذه الوضعية لا يمكن لليمن أن تصل للسلام، لأن هناك جماعة تؤمن بالحق الإلهي، وهناك جماعة أخرى تعتقد بأنها غير يمنية، وجماعات أخرى تعتقد أنها يمنية، وهناك صراع دولي وإقليمي، فكيف يمكن لنا أن نتوصل إلى سلام مع جماعة في الجنوب تعتقد أنها ليست يمنية، وجماعة في الشمال تعتقد أنها صاحبة الحق الإلهي، وسلطة ضعيفة. فهذا لا يمكن”.

حلول غير ممكنة

من جهته يقول المحلل السياسي في تعليقه للمشاهد، علي الذهب، إن هناك تفاهمات عمانية سعودية تقضي بتعديل المبادرة السعودية.
وتشترط المبادرة السعودية، وقف إطلاق النار مقابل فتح مطار صنعاء، والسماح بمرور المشتقات النفطية، وبشكل أكثر مرونة، عبر ميناء الحديدة، إذ مازالت تلك المشتقات تتدفق، ولكن وفق إجراءات معينة، بحسب الذهب، مؤكدًا أن العمانيين يحاولون الضغط على السعودية للقبول بما يطرحه الحوثيون بخصوص وقف إطلاق النار، فيما الحوثيون لا يريدون وقف إطلاق النار. ما يريدونه هو فتح مطار صنعاء ودخول المشتقات النفطية والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة، وعدم وقف إطلاق النار يعني السماح لهم بممارسة عملياتهم العسكرية في مأرب.
وهناك محاولة عمانية لتقريب وجهات النظر بين الحوثيين والسعودية، وجمعهم حول نقاط معينة، وهي أن يكون هناك فتح للمطار ووقف إطلاق النار بطريقة متزامنة، لكن الحكومة رافضة هذا، واتخذت من اتفاق ستوكهولم عام 2018، درسًا لها. والملاحظ أن هناك ضغوطًا تمارس على الحكومة، بحسب الذهب.
لكن الدكتور شمسان يقول إن أولى خطوات الحل هو إنهاء سيطرة الحوثي، لكنه يؤكد أن هناك تواطؤًا دوليًا في بقاء المجلس الانتقالي وبقاء الحوثي، ولهذا زمام المبادرة بيد الشعب اليمني، بيد حركة وطنية تاريخية يمنية تحاول أن تضع رؤية للحفاظ على اليمن، وتشكل ضغطًا على المجتمع الدولي والمحلي، وتحاول أن تكون قوى موازية وضغطًا على سلطة الحكومة.

مقالات مشابهة