المشاهد نت

بين انتظار هلال الرواتب وهلال السلام كيف يستقبل اليمنيون رمضان هذا العام؟

صورة ارشيفية

المشاهد – محمد الحريبي -خاص:
لم يكن أحمد يعرف انه لن يذهب إلى السوق لشراء بدلته في شعبان هذا العام فبعد عامين من الحرب و التشرد والانهيار الاقتصادي المستمر في اليمن، أصبح شراء الثياب ترفاً لا يصل إليه أولاد الميسورين حتى.

 

كان يبدوا على أحمد البالغ من العمر 12سنة حزناً ثقيلاً حين قابلته رفقة والده في السوق وهو يحمل في يديه كيسين صغيرين بهما قليل من الخضروات وحين سألته عن استقباله لشهر رمضان اجابني بضحكة بريئة “العيد عيد العافية”.
كان صالح القدسي والد احمد استاذاً في احدى مدارس صنعاء الثانوية قبل هذه الحرب لكن مضايقات المليشيا الانقلابية أجبرته على الفرار بعائلته إلى مأرب قبل 10 أشهر وهو الان بلا عمل او راتب؛ فقد أوقفت المليشيا راتبه قبل أن توقف صرفها عن جميع الموظفين. وعن عبارة طفله أحمد اوضح قائلاً: “كان رمضان بالنسبة لأطفالي عيداً جميلاً يستقبلونه منذ بداية شعبان حيث نخرجهم إلى السوق ونقتني لهم الثياب وجميع احتياجات رمضان”.
رمضان أم الراتب

ويضيف صالح “لم نعد ننتظر هلال رمضان هذا العام، نحن ننتظر هلال الرواتب فقط”، مشيراً إلى السوق الذي يبدوا جلياً حجم الاقبال الضعيف عليه مقارنة بالأعوام السابقة.

ليس صالح وحده من ينتظر هلال الرواتب.. سمير راشد هو الاخر بلا رواتب منذ ثمانية اشهر “افتقدنا الاحساس بالأيام حتى فما بالك بشهر رمضان، إنه كابوس حقيقي بالنسبة لنا” يقول سمير، لكن الفارق الوحيد ربما انه جاء إلى مارب للعمل في كفتيريا بعد أن اغلقت الحرب مكتب الرياضة الذي كان يعمل فيه.

 

ماذا عن العمال

الكثير من القصص لموظفين يترقبون هلال الرواتب و الكثير من اليمنين ينتظرون هلال السلام الذي تأخر كثيرا حيث أكد صدام عبيد -عامل مبيعات- أن “السلام هو الأمل الوحيد الذي يمكنه أن يوقف هذه الكارثة، الوضع الاقتصادي ينحدر نحو الأدنى كل يوم ولم نعد نجد قوتنا اليومي، لم يعد لنا الحق بالتفكير في الغد وأنت تسألني عن استقبال رمضان” ويضيف صدام عن كيفية استقباله رمضان قبل الحرب “كنا نبدأ بالتجهيز لرمضان منذ بداية شعبان، نشتري الثياب و الأدوات المنزلية والتموينات الغذائية، لكن رمضان هذا العام مختلف تماماً”.
ويتفق معه في الرأي عامل البناء وليد الزبيدي الذي عبر عن قلقه الشديد من قرب شهر رمضان إذ أنه يخجل من أطفاله الذين يتضورون جوعاً وشوقاً في الحديدة حيث عبر عن ذلك بقوله: “سنة كاملة وأنا بعيد عن أطفالي من أجل توفير لقمة عيش كريمة لهم ، كلما اتصلت لهم طلبوا مني العودة وشراء ثياب والعاب لهم فيما أجرة العمل اليومية لا تكفي لشيء”.

إقرأ أيضاً  رغم العروض المغرية.. «الخضروات» بعيدة عن متناول الناس بصنعاء

الحرب وغياب الرقابة
ورمضان يحث الخطى نحو شعب مغلوب على امره يعيش 9 ملايين من افراده تحت أخطر درجات الفقر بحسب احصائيات المنظمات الدولية يتسائل اليمنيون عن دور الجهات المختصة ويبحثون عن منقذ ينقذهم من براثن الجوع والترقب، لكن الجهات الحكومية تبدع فقط في اصدار بيانات التحذير من مجاعة محتملة في نظرها فيما يقول الواقع أنها أصبحت قائمةٌ بالفعل.

وتشهد الأسواق التجارية هذا العام ارتفاعاً كبيراً في الأسعار نتج عن الحرب المشتعلة في البلد والتي تسببت بأغلاق الطرق أمام البضائع التجارية وضعف الرقابة الحكومية على الأسواق.

من زاوية أخرى يرى عبدالله صلاح أن الوضع الاقتصادي في مارب افضل منه في بقية المدن اليمنية، “انظر إلى تهامة مثلاً الناس يموتون كل يوم من الجوع هناك، وقبل فترة قرأت عن فتاة توفت بسبب الجوع في ذمار، البسطاء بدأ رمضانهم مبكراً جداً هذا العام”.

لكن عبدالله من جهته قال انه اعتاد التفاؤل بشهر رمضان فرمضان يأتي دائما برزقه كما يقول، ويتفق معه ابراهيم المحويتي الذي قال ان القلق يساوره فعلاً في لحظات التعب لكنه ينتظر الفرج القادم الذي قال ان رمضان يأتي به دوماً واضاف: “رمضان أكرم الشهور، وسيأتي بالتأكيد بالفرج، اتمنى فقط ان يحمل لنا السلام معه فقد أثخنتنا الحرب بما فيه الكفاية”.
رغم كل ما ذكرناه من هموم على كاهلهم ينتظر اليمنيون رمضان وعيونهم تتوق إلى لحظة سلام يمكن له أن يجلبها معه فهو شهر الخير الذي اعتادوا على مناداته بالشهر الكريم.

مقالات مشابهة