المشاهد نت

إغلاق منافذ تعز… قصص مأساوية يرويها العابرون من الريف إلى وسط المدينة.

المشاهد: خاص
يقطع عبدالكريم (48 عاما) مسافة سبع ساعات سفر من منطقة الحوبان شرق تعز التي يعمل فيها إلى مدينة تعز، ومن ثم إلى ريف تعز، بسبب الحصار الذي دخل عامه الرابع على المدينة من قبل مسلحي جماعة الحوثي، رغم أن المسافة من الحوبان إلى المدينة لا تزيد عن ربع ساعة قبل الحصار كما يقول لـ”المشاهد” والذي يتابع ” أعاني من انزلاق غضروفي، مما يجعل ذهابي للعمل وعودتي إلى أسرتي نهاية كل أسبوعين، أو نهاية كل شهر مأساة، بسبب آلام الانزلاق في عمودي الفقري حيث نمر عبر طرق وعره وغير مسفلته وجبليه، ما يجعل السفر عبرها مشقه كبيرة.
وتعد معاناة المرضى، وخاصة مرضى السرطان والفشل الكلوي هي الاقسى، فالمرضى الذين يسكنون المناطق الواقعة خارج المدينة ويتلقون علاجهم داخل مدينة تعز يعانون من ارتفاع تكاليف النقل بسبب إغلاق الطرق الرئيسية مضافا إليها معاناة التنقل وتكاليفه الباهظة.
عبده علي أحد سكان مديرية المخا الساحلية ومرافق أحد مرضى الفشل الكلوي التي يتم علاجها بمشفى داخل مدينة تعز يتحدث عن معاناتهم بسبب إغلاق الطرق الرئيسية بقوله:” قبل الحرب كنا نذهب إلي المدينة لعمل جلسات غسيل الكلى ونعود في نفس اليوم حيث نقطع المسافة بساعتين فقط، ومع إغلاق الطرق الرئيسية وحصار المدينة، أصبح كل يوم لنا طريق نعبره للوصول إلي المدينة بدء من معبر الدحي، ثم طريق شمير حيس حتى تم إغلاق كل المنافذ وتحولت الطريق عبر جبل حبشي، أو الحوبان، واصبحت تكلفة السفر أضعاف مضاعفة حيث كانت تكلفنا المواصلات قبل الحرب 4 آلاف ريال يمني لتوصل الآن إلي 40 ألف ريال ذهاب ومثلها للعودة وتأخذ منا يومين سفر من تعز إلي عدن ونبيت فيها ليلة ثم نغادر في الصباح عبر طور الباحة، باب المندب وصولا إلي المخا ومن ثم إلي القرية .”
أحد العاملين في الحوبان يعاني كثيرا بسبب عدم قدرته على العودة يوميا إلى وسط مدينة تعز، رغم أن ابنه أصيب بجلطة دماغية أثرت على شقه الأيمن، ويتلقى العلاج بشكل يومي في المدينة وأحيانا ترتفع درجة حرارته ويدخل بإغماء ينقل على إثرها للمشفى كما يقول لـ”المشاهد”.
ويضيف: “أعلم في الخبر وأضل اكتوي بقهري لأنني لا أستطيع الدخول بسبب بعد المسافة وأحيانا يكون الوقت متأخرا ما بعد العصر ناهيك عن الابتزاز في النقاط، وهذا ما حدث معي في إحدى الليالي بنقطة في الحوبان، إذ تم احتجازي لأكثر من ساعة ونصف كوني أسكن في المدينة، وتم فحص هاتفي السيار من قبل 3 أشخاص في النقطة، وعنما لم يجدوا شيئا أطلقوا سراحي، ويعتريني القهر أكثر على أمي التي تظل حابسة أنفاسها من شدة القلق من ساعة خروجي حتي تسمع صوتي بأني قد وصلت.”

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

من أجل التخفيف من معاناة المواطنين في تعز أطلقت مجموعة من القيادات النسوية في تعز مبادرة ” نساء تعز من أجل الحياة ” وهي مبادرة إنسانية تهدف إلي فتح طرق إنسانية في محافظة تعز للتخفيف من معاناة المواطنين وخاصة المرضى والنساء والأطفال.
ويقول حمدي رسام منسق الفريق عن المبادرة لـ”المشاهد”:” تأتي هذه المبادرة ضمن مشروع ينفذه مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي ويهدف المشروع إلي تعزيز مشاركة النساء في صناعة السلام ، حيث قام المركز باختيار فريق من النساء يمثلن مختلف المكونات في تعز ، وعقد الفريق سلسلة من القاءات البؤرية مع الفئات المجتمعية في تعز بهدف تحليل النزاعات الموجودة في المجتمع”، مضيفا أن المركز عمل على تأهيل الفريق من خلال عقد ثلاث دورات تدريبية مكثفة لبناء قدرات فريق النساء في حل النزاعات والتفاوض والمناصرة ، وأختار الفريق أحد القضايا للعمل عليها وهي قضية فتح طرق إنسانية للتخفيف من معاناة المواطنين في محافظة تعز، وقد عقد الفريق سلسلة من اللقاءات مع السلطة المحلية في تعز ممثلة بمحافظ المحافظة الدكتور أمين أحمد محمود ومختلف المكونات المجتمعية والسياسية، إذ أبدى الجميع موافقتهم ودعمهم للمبادرة الإنسانية التي اطلقها الفريق، كما عقد الفريق لقاء مع مدير مكتب الاوتشا في عدن للتنسيق مع الطرف الأخر وهو جماعة الحوثي، من أجل فتح ممرات إنسانية للمواطنين، وهو ما تتمناه أحلام قاسم (24 عاما)، إحدى الحالات المرضية التي قابلها فريق رصد التابع للمركز أثناء النزول الميداني لزيارة المقر المؤقت لمرضى السرطان في مدينة تعز، حيث تعاني من سرطان الدم ومصاعب التنقل من ريف تعز إلى المدينة عبر طرق بعيدة كما تقول لـ”المشاهد” متابعة “أعاني كثيراً من السفر مع تدهور حالتي الصحية.
أحلام التي تسكن في إحدى قر مديرية شرعب الرونة تضطر الدخول إلى وسط مدينة تعز كل أسبوع، أو أسبوعين لأخذ الجرعة في مركز السرطان الوحيد في لمدينة، وتعود إلى القرية، في مرات عدة لا تستطيع أن توفر تكاليف المواصلات وحق الطريق التي تصل إلى 70 ألف ريال (قرابة 180دولار أمريكي)، وهي تمر بطرق وعرة وجبال مُتعِبة، إذ كانت المسافة من القرية إلى المدينة لا تتجاوز 3 ساعات، أما الآن نخرج بعد صلاة الفجر ونوصل وقت صلاة المغرب أي ما يقارب 12 ساعة، “يحتجزونا في النقاط ويتعبونا، وما أصل إلى المدينة، إلاّ وأنا متعبة أكثر من تعبي” تقول أحلام.

 

مقالات مشابهة