المشاهد نت

مقبرة الشهداء بتعز…ازدحام ينافس الأسواق

تعز – آية خالد:

صباحات أم إلياس صارت مثقلة بالحزن، لا شيء تعمله سوى التوجه إلى مقبرة الشهداء، حيث يرقد زوجها، حاملة رضيعها الذي لم يرَ والده البتة.
مضى عام واحد على زواجهما، قبل أن تباغت زوجها، قذيفة هاون، في مدينة تعز (جنوب غربي اليمن) التي تتعرض للقصف اليومي من قبل مسلحي جماعة الحوثي، فأردته قتيلاً.
قبل أسبوع واحد فقط من مقتل زوجها، حطت أم الياس طفلها الرضيع الذي تحمله يومياً إلى قبره والده: “أحمل إلياس إلى قبر أبيه الذي طالما تمنى أن يراه عقب ولادته، لكنه قتل قبل أن يولد. زيارتنا له تشعرنا بقربه منا، ويشعر هو، بوجودنا إلى جانبه”.
ويقول سعد، أحد العمال المتواجدين في المقبرة: “هذه المرأة تأتي بشكل يومي إلى المقبرة، حاملة طفلها، ويرافقها شقيقها، وأخرى تأتي باكرًا قبل شروق الشمس، وتظل تتكلم كثيرًا فوق قبر أحد الموتى، كأنها تحاكي شخصاً حياً أمامها، وفي كل يوم تفعل هذا، وتغادر وهي منهارة من البكاء”.
ووصل عدد الذين دفنوا في الأرض التي كانت مخصصة للزراعة، قبل تحويلها إلى مقبرة اضطراراً، إلى 2500 جثة في العامين 2015 و2016، بحسب سعد، مؤكداً أن عدد جثث القتلى المجهولين الذين أتوا بها من المستشفيات، أكثر من 40 جثة، دفنت على حساب فاعلي خير.
ويقول حارس المقبرة بلال البيضاني، إن سعر القبر الواحد يصل إلى 21 ألف ريال في مقبرة الأجينات وسط مدينة تعز، ويصل إلى 50 ألف ريال مع الإسمنت والطوب، والحفار، والصبة، واللوحة التي يضع عليها اسم المتوفى.
أم الياس لم تستطع دفع المبلغ الذي اقترضته لشراء قبر لزوجها، لأنها لا تملك المال.
وتقول: “الحياة في تعز أصبحت صعبة جدًا، حتى الوصول للمقابر يحتاج الكثير من الجهد، لأنه في لحظة ما قد تأتي قذيفة خاطفة تسرق حياتك وسط المقبرة”.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

من جهته قال في تصريح خاص ” للمشاهد ” خالد البركاني مدير مكتب ألاوقاف بتعز ان المقبرة الواقعة جوار مسجد السعيد بعصيفرة  هي عبارة عن أرض أوقاف كانت مخصصة للبحوث الزراعية أصلا ما كانت مقبرة “.
أضاف “طبعا تسوير المقابر من مهام السلطة المحلية ، ومن واجباتها ، وبخصوص مقبرة الشهداء ، ستحدد المساحة التي فيها قبور كمقبرة وبقية المساحة سوف تسور  .

واوضح ان البحوث الزراعية تريد أن تستعيدها ، وهذا ليس من اختصاص  الأوقاف مؤكدا ان مهمة الاوقاف هو  متابعة الاعتداءات على المقابر والتحقيق واحالة المعتدين علي اراضي الاوقاف الي القضاء
جهود المكتب لوحده لن تكفي في مواجهة الاعتداءات ومتابعة المقابر  لذلك يجب على المواطنين التعاون واعتبار المقابر مصالح عامة يجب عليهم أن يدافعوا عنها.
.

ويعاني أهالي الموتى، وهم يبحثون عن القبر، بحسب مروان الهلالي، أحد أهالي اثنين من القتلى المدفونين في المقبرة، مضيفاً بالقول: “تكون قدك منكوب بالموت، يزيدوا ينكبوك بالقبر، ومماطلة الحصول عليه. احتجنا لوساطات للحصول على قبر، ورغم هذا فإن الإهمال ما زال مستوطناً في المقبرة. لا اهتمام من السلطة المحلية التي لم تخصص ميزانية خاصة لرعاية المقابر والاهتمام بها، حتى صارت المقابر مساحة لرعاية أغنام وماشية المواطنين”.
وتسعى رندا وزملاؤها في مبادرة شبابية متخصصة برعاية المقابر، من خلال الزيارة الأسبوعية إليها، والجلوس مع الزوار لمقبرة الشهداء، وتوعي تهم بأدب زيارة المقابر.
مقبرة الشهداء التي تشهد ازدحاماً كبيراً من الأحياء الذين يزورون من صعدت أرواحهم للسماء، تشكو إلى الله ظلم أهل الأرض، وكيف عاث الجميع في الأرض فساداً دون حرمة لأحد.

مقالات مشابهة