المشاهد نت

“العبر” الطريق المحفرة بالهلاك

حضرموت – عصام صبري:

توفي وأصيب 39 شخصًا، وهم في طريقهم إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، عندما انقلبت حافلة النقل الجماعي التي كانت تقلهم، في خط العبر ـ صافر، الذي يربط محافظة حضرموت بمحافظة مأرب (شرق اليمن).
هذه الحادثة ليست الوحيدة التي وقعت في هذا الطريق الذي بات يعرف بطريق “الهلاك”، لحصده المزيد من أرواح اليمنيين بين الحين والآخر، بسبب ارتفاع نسبة الحوادث المأساوية، وتجاهل الجهات المسؤولة عن صيانة الطريق وإصلاحه، منذ تحوله إلى خط دولي، بعد أن تسببت الحرب بإغلاق باقي المنافذ الحدودية البرية مع المملكة العربية السعودية.
ويروي عاطف عبده، أحد شهود العيان على حوادث مروعة وقعت في طريق مأرب – العبر، لـ”المشاهد”، كيف أصبحت طريق العبر كابوساً مؤرقاً للمسافرين، بالقول: “خلال سفري في طريق العبر، وقعت 3 حوادث تقلبت فيها سيارات، بسبب وعورة الطريق والحفريات العميقة فيه، ففي أحد الحوادث اصطدم سائق سيارة نقل صغيرة بقاطرة، عندما كان يحاول الهرب من حفرة كبيرة، ولم يستطع الناس إسعاف الضحايا بسبب تزايد الكثبان الرملية المنتشرة”.

"العبر" الطريق المحفرة بالهلاك
حادث انقلاب باص فيه مسافرين ووفاة 6 اشخاص منتصف هذا العام

غضب شعبي

ومع تزايد تكرار الحوادث التي تقع في طريق “مأرب – العبر”، تتكرر مناشدات المواطنين للحكومة بضرورة إصلاح الطريق، وإعادة تأهيله، تفاديًا للحوادث المرورية المستقبلية.
وعبر ناشطون يمنيون، عقب حادث انقلاب حافلة النقل الجماعي، عن غضبهم بسبب إهمال الحكومة لصيانة الطريق.
وتداول ناشطون صوراً للحفر الظاهرة في طريق العبر، والتي تعد السبب الرئيسي للحوادث المتكررة التي تحصد أرواح اليمنيين.
ويقول الناشط عبده الشوخي: “الحادث المروري المؤسف الذي وقع مؤخراً في طريق العبر، يطرح أمامنا تساؤلاً مهماً ممهوراً بأمنية طالما نتمنى تحقيقها. طبعاً هذا الحادث ليس الأول، وربما لن يكون الأخير، فالحكومات اليمنية المتعاقبة أذن من طين، وأذن من عجين في ما يخص هذا الطريق. وعليه نتمنى أن يتم إعادة تأهيل طريق حرض، وفتح المنفذ من جديد، لتسهيل تنقل المغتربين اليمنيين، والتخفيف من معاناتهم، وإنهاء الحوادث التي يتعرضون لها، فقد طالت فترة إغلاق منفذ حرض، وحان الوقت لإعادة فتحه من جديد، وإعادة تشغيل الطريق الذي يربط اليمن بالسعودية، والذي يعد الأقرب والأسهل لتنقل المغتربين اليمنيين”.
ووصف الإعلامي كمال البعداني، طريق العبر بالجبهة، وليس بالطريق، في إشارة منه إلى تزايد الضحايا الذين تُزهق أرواحهم فيها بشكل مستمر، وكل يوم.
وخاطب الناشط السياسي الحسن بن علي أبكر، الحكومة، بالقول: “أين أنتم جميعاً من قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لم تسوِّ لها الطريق يا عمر؟)”. مضيفاً: “يا هؤلاء، لم يعد الناس يتعثرون في هذه الطريق، بل أصبحت طريقاً للموت المحدق بكل المسافرين، فأين أنتم من مسؤولياتكم التي ستحاسبون عليها أمام الله؟!”.
وتابع: “خصصوا جزءاً من صادرات النفط. خصصوا جزءاً من الأسماء الوهمية، أو استقطعوا مرتب شهر من مرتبات المجاملة في الداخل والخارج، أو مرتب شهر من الأسماء الوهمية، أو عائدات شهر من التي يتم خصمها على أبطالنا في ميادين الشرف تحت مسميات براقة”.

وعود حكومية كاذبة

وفي تصريحات صحفية تعليقاً على حادثة العبر الأخيرة، قال مصدر مسؤول في وزارة النقل، إن الوزارة ليست مسؤولة عن الطرق كما يعتقد البعض، بل إن المسؤول عن الطرق تعبيداً وصيانة، هي وزارة الأشغال العامة والطرق.
وكان رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، أصدر توجيهات بصرف مبلغ 500 مليون ريال إلى حساب وزارة الأشغال العامة والطرق، والبدء الفوري بصيانة طريق الوديعة – العبر – سيئون – مأرب، مطلع يونيو الماضي.
وفي أبريل الماضي، أعلن محافظ مأرب سلطان العرادة، بدء العمل في تأهيل طريق صافر – العبر، خلال أسبوعين من الإعلان، بتكلفة قدرت بـ2.4 مليار ريال يمني.

إقرأ أيضاً  سماهر.. الإبداع في الرسم لمواجهة تحديات المعيشة
"العبر" الطريق المحفرة بالهلاك
خبر نشر في “وكالة سبأ” الرسمية قبل اشهر عن اتفاقية لترميم الطريق ولم تنفذ

ووقع العرادة اتفاقية إعادة تأهيل طريق صافر – العبر، المرحلة الأولى، بطول 40 كم، وبكلفة مليارين و400 مليون ريال يمني، بتمويل حكومي، حيث حددت الاتفاقية الجدول الزمني لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع التي تمتد من صافر حتى منطقة غويربان، بـ10 أشهر.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” التابعة للحكومة، عن المحافظ قوله إن هذا المشروع البالغ طوله من صافر حتى العبر 172 كم، سينفذ على 4 مراحل، مشيراً إلى أن العمل في تنفيذ المشروع سيبدأ خلال أسبوعين من توقيع هذه الاتفاقية. لكن تلك الوعود والتصريحات والاتفاقيات لم تنفذ على أرض الواقع. وعقب الحادثة الأخيرة سارع المحافظ العرادة إلى القول بأن إعادة تأهيل طريق العبر، ليست من مهام السلطة المحلية بمأرب، وإنما من مسؤوليات الحكومة المركزية.

تنصل من المسؤولية

وفي رده على تصريحات المحافظ، قال الناشط الإعلامي عبدالوهاب بحيبح: “سلطان العرادة محافظ محافظة مأرب، قال إن إعادة تأهيل طريق العبر ليست من مهام السلطة المحلية بمأرب، وإنما من مسؤوليات الحكومة المركزية، بلا شك أن ذلك صحيح، ولا خلاف. لكن هنا أضع هذه الصور التي هي في الأساس عبارة عن 2% من الحفر والمطبات التي تنتشر على الخط الإسفلتي الرئيسي العام مأرب – البيضاء ومأرب -شبوة، بدءاً بما يسمى نجد يخشر قبل عزلة الجرشة الجوبة، ووصولاً إلى رحبة مأرب، أي على الخط الرئيسي الأكثر حركة الذي يمر (الجوبة – البيضاء). للعلم ان هذا هو الخط الدولي الرئيسي الذي يربط شمال ووسط اليمن وجنوبه، ويرتبط بخط العبر الدولي وشحن وخطوط الداخل كافة، وأيضاً هناك حفر من مفرق البيضاء باتجاه الطريق التي تسلك (حريب – بيحان -شبوة)، وأكثر الحفر من مفرق البيضاء وصولاً إلى ملعا، وكلها ضمن حدود الجوبة مأرب”، علماً أن المناطق تقع ضمن مهام السلطة المحلية في محافظة مأرب.
وأضاف بحيبح، مخاطباً محافظ مأرب: “يا سيادة المحافظ، أين دور السلطة المحلية والأشغال العامة بالمحافظة؟ أنا شخصياً لم أعد أحصى كم ذهب ضحايا هذه الحفر، لكنهم بالمئات. لا يمر شهر، أقل أو أكثر، إلا ويحدث حادث ما، وليس بالضرورة أن يحدث موت، فالحياة بيد الخالق، لكن قد تتداعى وتتدمر الآلة، ومنهم من يطعم أفواهاً جائعة من على حركة هذه الآلة”.
آخر ضحايا طريق العبر، وفاة رجل وزوجته التي على وشك الولادة والسائق، ووفاة شابين وإصابة ثالثهم إصابة بالغة، عند عودتهم إلى أهاليهم في محافظة إب (وسط اليمن)، بعد سنين من الغربة، بحسب بحيبح.

مقالات مشابهة