المشاهد نت

بعد حادثة “العند” العسكرية: هل يعد السلام ممكناً؟

صنعاء – معاذ الحيدري:

يبدو أن حادثة قاعدة العند كانت رسالة أكثر من كونها هدفاً؛ أو إجراء يسعى من خلاله الحوثيون إلى قلب المعادلة العسكرية أو أي موازين على الأرض.
فالطائرات المسيرة واستخدامها من قبل جماعة الحوثي، ليس هو الجديد، أو الغريب، بل التوقيت، والدلالات التي حملها هذا التصعيد العسكري، الذي بفعله تزايدت المخاوف بشكل أكبر من احتمال انهيار التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين الفرقاء اليمنيين في مشاورات السويد التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة، في الفترة 6-13 كانون الأول/ ديسمبر 2018، ومعها المسار السياسي كاملًا، الذي نجح مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن جريفيث، في إنشائه بعد شهور من المفاوضات والمشاورات في اليمن وفي عواصم إقليمية ودولية، لوقف الحرب المستمرة منذ نحو 4 سنوات.
وتسبب حادث الطائرة المسيرة الذي أقدم عليه الحوثيون، بمقتل وإصابة عدد من الجنود والقيادات العسكرية أثناء فعالية أقيمت، صباح الخميس الماضي، وحضرها قيادات رفيعة في الجيش التابع للحكومة الشرعية.

رسالة تعنت واضحة

يأتي التصعيد العسكري للحوثيين، كتأكيد واضح لعدم رغبتهم في السلام، وعدم التزامهم بتنفيذ الاتفاق، وهو مؤشر على الاستمرار في التعنت، بحسب مراقبين.
وكان الحوثيون أعلنوا في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2018، أنهم بدأوا في إعادة الانتشار في ميناء الحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وأنهم قاموا بتسليمه إلى قوات خفر السواحل، إلا أن الأمم المتحدة شككت في ذلك، لا سيما وأن القوات المسؤولة عن الاستلام هي في حقيقة الأمر خاضعة للحوثيين.

العودة إلى المربع الأول

ويتساءل سياسيون ومراقبون، عما إذا كانت هذه العملية ستعيد الحرب إلى مربعها الأول، وكيف نجحت طائرة الحوثيين المسيرة في اختراق رادارات التحالف السعودي، وضرب قاعدة العند الأكثر تحصيناً في اليمن؟ وهل يعني هذا الهجوم انهيار اتفاق السويد؟ وما هي المفاجأة القادمة مع قرب دخول الحرب عامها الخامس؟
ويرى المراقبون أن هذا الهجوم غير المسبوق، يشكل نكسة بالنسبة إلى التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، في حرب اليمن، لأن هذه الطائرة المسيرة وصلت إلى هدفها بدقة متناهية، وانفجرت فوق منصة العرض العسكري الرئيسية قي قاعدة جوية تعتبر الأهم في اليمن، لما تتمتع به من تحصينات عالية، علماً أنها كانت تعتبر أهم قاعدة روسية في الشرق الأوسط، واختراق الطائرة المسيرة رادارات التحالف العربي لهذه القاعدة التي تخضع بالكامل لقواته وحلفائه في الجنوب اليمني، دون أن يتم رصدها أو اعتراضها، أمر يؤكد حالة ضعف وقصور في استعدادات التحالف الذي ينفق أكثر من 9 مليارات دولار شهرياً، في حرب اليمن، ويشتري صفقات أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات أولاً.
ويبرر حلفاء التحالف ذلك بالظرف الزمني الذي يفترض أن يكون اليمن في مرحلة هدنة، وليس استعداداً للحرب والمواجهة.
وتزامن رد فعل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مع الدعوة إلى تفعيل جبهات القتال ضد الحوثيين في مختلف مناطق التماس، وهو ما يوحي بحالة الغضب والصدمة معاً بسبب هذا الهجوم المفاجئ والمكلف. ومن غير المستبعد أن تعود المواجهات إلى المربع الأول، وانهيار وقف إطلاق النار، وتفاهمات مؤتمر السويد.

إقرأ أيضاً  حرمان المرأة العمل بسبب الزوج

غموض في المشهد

ويقول الصحفي جمال حيدرة، لـ”المشاهد”: “سبر أغوار الحالة اليمنية أمر صعب للغاية، وحتى الآن أجزم بأن لا أحد من اليمنيين، شرعية وانقلاباً، شمالاً وجنوباً، يعلم إلى أين نحن متجهون، أو إلى أين يُراد لنا أن نصل، وقرار الحرب والسلام قرار خارج إرادة اليمنيين شرعية وانقلاباً، وهذا الأمر واضح للجميع”.
ويضيف حيدرة عن حادثة قاعدة العند: “هذه حلقة غامضة في سلسلة الغموض التي تكبل الشعب اليمني منذ 4 أعوام، بكثير من المعاناة والعذاب والتوهان، والبحث والتدقيق في هذا الحادث يجرنا إلى حقيقة مرة تعكس هشاشة الشرعية والتحالف معاً في المحافظات المحررة، وعدم رغبتهم في إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية بناء صحيحاً”، لافتاً إلى أن الجميع شاهدوا كيف تم استهداف أهم وأكبر قاعدة عسكرية في اليمن، بسهولة؟ وكيف نزف قادة الجيش دون أن يجدوا سيارة إسعاف واحدة تقلهم إلى أقرب مشفى؟
وتعكس حادثة الطائرة المسيرة تواطؤ المجتمع الدولي مع الحوثيين، وغض الطرف عن أنشطة إيران في اليمن، والمتمثلة بتزويدها الحوثيين بالسلاح والخبراء، بحسب حيدرة.

السلام غير الممكن

يقول جمال حيدرة: “لست مؤمناً في الأساس بمساعي السلام الأممية، لأنه أشبه بشعار يرفع فقط حينما يكون الحوثيون في مأزق حقيقي، وتأتي هذه الدعوات لإنقاذهم لا غير. وهذا الحادث لن ينتج مواقف دولية جديدة تجاه الحوثيين، وقد تابعنا تصعيدهم في صرواح بمأرب بعد يوم واحد من اتفاق السويد، وأيضاً تابعنا جميعاً كيف تم تمييع اتفاق السويد بمسرحية الاستلام والتسليم في الحديدة، وتابعنا كذلك استمرار قصفهم وحصارهم لتعز، لنصدم مؤخراً بإحاطة جريفيث الأخيرة، والتي قال فيها إن تعثر اتفاق السويد ناجم عن أزمة ثقة بين الطرفين، وهكذا ساوى الضحية بالجلاد”.
ويتابع: “تابعت بيان الحكومة بخصوص حادثة العند، وللأسف كالعادة حديث متباكٍ استعطافي توسلي للمجتمع الدولي، وهذا الأخير لم ولن يسمع إلا القوي ومن يمتلك القوة والغلبة. وللأسف المجتمع الدولي أصبح حاضنة دولية للحوثيين، رغم علمهم بالدعم الإيراني الذي يتدفق إليهم.

عيونهم على الموانئ

ويقول الناشط السياسي، والصحفي، نشوان العثماني، لـ”المشاهد”: “الشارع اليمني بات ذكياً ليعرف من تلقاء نفسه أنه ليس من جهود حقيقية للسلام. الأمم المتحدة كل ما تحتاجه المال وزيادة الدعم فقط. مشاركة جداً في التكسب من الحرب، مثلها مثل الأطراف المتكسبة الأخرى. تجار الحروب داخلياً وخارجياً”.
ويضيف العثماني: “المبعوث البريطاني ينفذ الأجندة الدولية التي تهتم جداً بالساحل الغربي على الممر الدولي. لا أحد يعبأ باليمن، ولا أحد يلتفت للإنسان كما يجب. والمتوقع أن يبسط المجتمع الدولي سيطرته على الموانئ والمدينة، ويترك المساحات الأخرى في عديد الجبهات لاستمرار الاستنزاف والإنهاك، ولا نعرف جيداً ماهية معالم المشروع القادم الذي جنوده حالياً الإقليم، وجنود جنوده وقود معركة الداخل”.

مقالات مشابهة