المشاهد نت

مؤتمر صالح.. حزب مهدد بالزوال

صنعاء – معاذ الحيدري :

على وقع الحرب الدائرة في اليمن، تموج الخارطة السياسية بتفاعلات شديدة التقلب، إذ يتصاعد سباق التنافس والنفوذ بين مختلف القوى السياسية، في محاولة للاستئثار، أو المشاركة القوية في توجيه هذه التفاعلات، وتحديد نتائجها عبر مختلف الأدوات العسكرية والسياسية. وحزب المؤتمر الشعبي العام واحد من الأحزاب التي تعيش حالة من التنافس، لكن الحزب تعرض للشتات والتمزق، بعد مقتل رئيسه علي عبدالله صالح.
حالة الانقسام تلك بين قياداته وقواعده، هي الأولى من نوعها منذ تأسيسه في العام 1982، إذ تتجاذبه ثلاثة أجنحة، الأول: جناح مؤتمر صنعاء المتحالف مع جماعة الحوثي، والثاني: مشتت بين زعامات تقيم بالقاهرة وأبوظبي، والثالث: الجناح الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي، وهو المعادل، عملياً، لجناح صنعاء.
ويقول القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، أحمد الصوفي، الذي يعيش خارج اليمن: “لن يتلملم الحزب. المؤتمر الذي أسسه صالح مات. ومؤتمر الحاجة التاريخية الراهنة لم يخلق بعد. نحن أقرب من الاعتراف بالحقيقة الأولى، وحتماً ستقودنا إلى المهمة الثانية. الموت السياسي لا يرى بالعين، يحس فقط، وكثير من الموتى لا يشعرون”.
ويتابع الصوفي لـ”المشاهد”: “نحن منهمكون في عملية معقدة، تجمع بين دفن الموتى تكريماً، ودفع التخلق الثاني لعتبة وتجربة المؤتمر الشعبي العام. الضرورة السياسية للحرب والسلم”.

“المؤتمر مختطف الإرادة”

بين وقت وآخر، يتم الإعلان عن تطور، أو مواقف هنا، وآخر هناك، كالموقف الأخير الذي أعلن عنه في صنعاء، من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام فرع صنعاء، المتحالف مع جماعة الحوثي، والذي هدد بالانسحاب من المشاورات القادمة.
وكان حزب “المؤتمر الشعبي العام”، بصنعاء، قدم احتجاجاً إلى المبعوث الأممي، مارتن جريفيث، أثناء زيارته الأخيرة إلى صنعاء، على ما اعتبره “اختزال تسمية الوفد القادم من صنعاء لمشاورات السويد، الشهر الماضي، بوفد أنصار الله (الحوثيين)”.
وكشفت مصادر سياسية في الحزب لـ”المشاهد”، تلويح أعضاء وفد صنعاء من حزب “المؤتمر” بالانسحاب من المشاورات القادمة، في حال “استمرت تعريفات الأمم المتحدة بتسمية الوفد القادم من صنعا بوفد الحوثيين”.
واعتبر نائب رئيس الوفد، جلال الرويشان، الذي التقى جريفيث، بصنعاء، تسمية الأمم المتحدة “إقصاء وإلغاء لمشاركة قوى وطنية في عملية التفاوض في إطار الوفد الوطني”، موضحاً أن من تلك القوى “المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وأنصار الله وشركاءهم”.

[box type=”shadow” align=”” class=”” width=””]أحمد الصوفي : المؤتمر في صنعاء تنظيم مختطف الإرادة، وعليك أن تنظر إلى الوضع الحرج لهم في الحديدة، والحوثي يأكل الثوم بفم ما يسمى المؤتمر”.[/box]
وأشار الرويشان إلى العديد من القوى الممثلة بالوفد، والتي تشكل في مجملها النسيج السياسي والوطني في اليمن.
لكن عضو حكومة ما تسمى الإنقاذ في صنعاء، حسن زيد، يؤكد لـ”المشاهد” عدم وجود خلاف بين المؤتمر وأنصار الله. “الخلاف بين المؤتمر والأمم المتحدة التي تريد إلغاء وجود القوى السياسية المشاركة في المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ”.
ويعلق الصوفي على تطور مواقف جناح حزب المؤتمر في صنعاء، بالقول: “هم دخلوا باسم الحوثي، وسيعلقون مشاركتهم بأمر منه. المؤتمر في صنعاء تنظيم مختطف الإرادة، وعليك أن تنظر إلى الوضع الحرج لهم في الحديدة، والحوثي يأكل الثوم بفم ما يسمى المؤتمر”.
ويتابع الصوفي: “كارثة سياسية وخطأ تاريخي ما يقوم به أصحابنا في صنعاء. تحويل المؤتمر إلى كيان يخدم آلة الحرب الكهنوتية، إهانة وتحقير، مثل قتل زعيمه وتشريد عائلته والعبث بجثمانه”، مضيفاً: “واضح أن القبائل أصبحت بلا مروءة، وتفتقد الكبرياء، وتظن أن السياسة ملاذ قذارات تربيتها القديمة على فيد كل شيء”.

إقرأ أيضاً  اللحوح... سيدة مائدة الإفطار الرمضانية

الحزب في مهب الريح

ينظر إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، بوصفه تياراً سياسياً ليبرالياً، لكن دوره في تغليب جماعة الحوثيين خلال اجتياحها العاصمة صنعاء، عام 2014، كشف أنه لا يزال رهين قبضة النزعات المذهبية والقبلية التي تعادي الدولة المدنية، ولم تؤثر فيه مغادرة الكثير من رجال هذه التوجهات صفوف الحزب، وملء الفراغ الناشئ بعناصر ذات ميول اشتراكية وقومية، لا سيما تلك التي استقطبت خلال العقدين الماضيين، حينما كان رئيس هذا الحزب، علي عبدالله صالح، هو ذاته حاكم البلاد، وكان من الطبيعي أن تجري هذه العملية دون عوائق، بحسب مراقبين.
ويلعب الحزب أدواراً متفاوتة ومتناقضة، عبر أجنحته الثلاثة. ففي الوقت الذي يقاتل فيه أنصاره في صفوف جماعة الحوثي، يوجد مؤتمريون كُثر يقاتلون الحوثيين في الجبهات المضادة، ولو لم يكن ذلك ظاهراً في صفوف القوات الخاضعة، مباشرة، لقيادة السلطة الشرعية، إلا أنها تبدو بصورة أوضح في جبهات الساحل الغربي التي تديرها القيادة الإماراتية، وفي صفوف بعض فصائل المقاومة الشعبية بمحافظة تعز.
أكبر تيار سياسي يمني، موصوف بالليبرالية، في مهب الريح، ما لم تشهد السنوات القليلة القادمة عملية سياسية تجمع أشتاته الثلاثة، وتخلصه من النزعات الضيقة التي لا تنسجم مع قيم الدولة المدنية.

مقالات مشابهة