المشاهد نت

حجور… حصار ونزوح وتحذيرات من كارثة انسانية

حجة- خالد الحميري:

لايزال الحصار المستمر منذ أكثر من شهر على مديرية كشر، عمق قبائل حجور المنتشرة في أكثر من مديرية في محافظة حجة (شمال اليمن) يلقي بظلاله على المدنيين الذين باتوا يعانون من أوضاع مأساوية نتيجة الحصار الخانق الذي يحرم 100 ألف نسمة هم قوام سكانها، من الغذاء والدواء.

وباتت مديرية كشر التي تقبع تحت الحصار الحوثي من أربع جهات، على شفا كارثة إنسانية بعدما تقطّعت أوصالها بسبب الحصار الخانق من قبل جماعة الحوثي التي قطعت طرقها ومنعت وصول المواد الغذائية والأدوية إليها، في محاولة لتركيع المدنيين المحاصرين الذين رفضوا دخول مسلحي الجماعة الى مناطقهم.

وتقع مديرية كشر شمال شرقي محافظة حجة، تحدها محافظة عمران من جهة الشرق، وتحدها من الغرب مديرية وشحة ومستبأ وخيران المحرق، ومن الشمال مديرية قارة، ومن الجنوب أفلح الشام والشرف والجميمة.

قصف عشوائي

أكثر من أربعة أسابيع وبلدات وقرى المديرية المحاصرة تتعرض بشكل يومي لقصف مدفعي مركز من قبل جماعة الحوثي ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى لم يعرف عددهم بدقة نتيجة صعوبة الاتصالات وغياب الإحصائيات.

وتزامن القصف مع بدء الحوثيين حملة عسكرية واسعة على المديرية الوحيدة الخارجة عن سيطرتهم في محافظة حجة في حين جوبهت الحملة بمقاومة من أبناء قبيلة حجور الذين استطاعوا الصمود طيلة أربعة أسابيع محققين انتصارات ملموسة على مسلحي الجماعة.

ولايزال الحوثيون يحشدون المئات من عناصرهم لإرغام قبائل حجور على تسليم مديرية كشر لعناصر الجماعة والتمركز في جبالها المطلة على مناطق الساحل الغربي في محافظة حجة، للاستفادة من الطريق الرئيسية المارة من المنطقة لإمداد عناصرها في جبهات حرض وحيران شمال غربي محافظة حجة.

وقال الناشط الحقوقي علي الحجوري لـ”المشاهد” إن مديرية كشر الواقعة شمال شرق محافظة حجة والتي يقطنها نحو 100ألف نسمة من دون النازحين المتواجدين فيها تعيش أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها.

وأوضح بأن مديرية كشر تتعرض لحصار مأساوي تسبب في حرمان أهلها من غذاء والدواء، لافتاً الى أنهن باتوا مهددين بالموت جوعاً أو قصفاً حيث يتعرضون لخطر الموت كل لحظة، جراء القصف الذي يشنه الحوثيون ليل نهار على الأحياء السكنية.

وأشار الى أن الحالة الإنسانية أصبحت مزرية في المديرية حيث إن الغذاء يوشك على النفاد، كما أنه لا توجد أي أدوية ومستلزمات طبية داعيا الحكومة اليمنية إلى التدخل لإنقاذ المديرية المحاصرة قبل فوات الأوان.

ولفت الى أن المرضى والجرحى وحتى النساء الحوامل يصارعون الموت ولا يمكن نقلهن إلى المستشفيات في ظل استمرار الحصار الجائر الذي يفرضه الحوثيون على المديرية منذ أكثر من أربعة أسابيع.

أما عن الحال المعيشي فيقول الحجوري إنه لم يشهد طيلة حياته أياماً صعبة وقاسية كالتي يعيشها أبناء المديرية اليوم حيث استهلكوا المخزون الداخلي من المواد الغذائية، بينما يمنع الحوثيون دخول الماء والغذاء.

تشريد ونزوح

تشهد عدة قرى بمديرية كشر بمحافظة حجة موجة نزوح كبيرة جراء اشتداد المعارك بين قبائل حجور والحوثيين من واستمرار قصف الحوثيين لمنازل المواطنين في المديرية.

وقال محمد السعيدي، وهو واحد من أبناء حجور لـ”المشاهد” إن قرى بني شرية وبني رسام والشعاثمة وبني شوس بمديرية كشر في محافظة حجة، تشهد موجة نزوح كبيرة نتيجة القصف العشوائي الذي يشنه الحوثيون على منازل السكان.

ويؤكد السعيدي أن الحوثيين منعوا بعض الأهالي من النزوح الى قرى تبعد عن مناطق المواجهات وأجبروهم على العودة الى قراهم التي تتعرض للاستهداف المستمر وهو الأمر الذي ضاعف معاناتهم.

انتشار سوء التغذية

يعاني أطفال مديرية كشر بحجة من نقص تغذية شديد، نتيجة حصار الحوثيين والذي تسبب في انعدام كافة المقومات الصحية والغذائية والرعاية بشكل عام، وانحدارها للأسوأ وخاصة مع اشتداد الحصار في الآونة الأخيرة. وقال مصدر طبي لـ”المشاهد” أن عشرات الأطفال في قرى وبلدات مديرية كشر مصابون بسوء التغذية، وهم مهددون بالموت بسبب منع الحوثيين دخول المواد الغذائية والطبية.

إقرأ أيضاً  عادات وتقاليد العيد في المحويت

وأكد وجود حالات وفاة بين أطفال المديرية نتيجة اصبتهم بسوء التغذية الحاد والوخيم، مشيراً الى صعوبة إحصائها بسبب عدم وجود مستشفيات أو مراكز صحية والغياب الكامل للمنظمات العاملة في المجال الصحي والانساني.

وقال القائد العام لجبهة حجور الشيخ أبو مسلم الزعكري أن الحوثيين يمنعون وصول الغذاء والدواء الى مديرية كشر بمحافظة حجة، ما أدى إلى موت الأطفال جوعاً، فيما ينزف الجرحى حتى الموت مشيرا إلى أن سكانها يعيشون مأساة مريعة جراء الحصار والقصف الذي يشنه الحوثيون عليهم منذ أسابيع.

وأضاف الزعكري في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك” أن الحوثيين يشنون حربا شاملة وإبادة جماعية طائفية ممنهجة على قبائل حجور تدينها وتحرمها كل الأديان السماوية.

نزيف حتى الموت

في 25 من يناير الماضي، توفي ابراهيم العزيبي من أبناء منطقة العبيسة بمديرية كشر حجور متأثراً بإصابته في مواجهات مع الحوثيين حيث ظل ينزف حتى فارق الحياة بسبب عدم وجود مركز طبي بعد تدمير الحوثيين للمركز الوحيد بالمنطقة وتعذر إسعافه بسبب الحصار الذي يفرضه الحوثيون على المديرية.

وفي 11 من فبراير الجاري، توفي الشاب وضاح ريبان من أبناء قبيلة حجور بعد أن ظل ينزف لفترة تزيد عن ثمان ساعات عقب اصابته في مواجهات مع الحوثيين دون أن يتمكن أحد من إسعافه بسبب عدم وجود مراكز صحية ولا إمكانات إسعافية بسبب الحصار الذي يفرضونه على المنطقة.

وناشد أبناء قبائل حجور بمديرية كشر المحاصرة بمحافظة حجة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بسرعة التدخل لإنقاذهم، وتوفير مستشفى ميداني لمعالجة الجرحى والمواطنين في حجور التي تفرض عليها جماعة الحوثي منذ أسابيع حصارا خانقا. وطالبوا المنظمات الإنسانية والدولية، وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي ومنظمة أطباء بلا حدود ومركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والطبية بضرورة سرعة التدخل وتوفير المستشفى الميداني بصورة عاجلة ومده بالمؤون الطبية اللازمة والكوادر الصحية بما يخفف من معاناة السكان.

خذلان حكومي

في الوقت الذي كان أبناء مديرية كشر المعقل الرئيس لقبائل حجور بمحافظة حجة (شمال اليمن) ينتظرون قدوم القوات الحكومية لفك الحصار المطبق الذي تفرضه جماعة الحوثي على المديرية منذ أكثر من شهر، أقدم الحوثيون على فتح جبهة جديدة في بوابة المديرية الشمالية وتحديداً من الجهة التي كان من المفترض قدوم القوات الحكومية منها.

وعقب ساعات من إطلاق القوات الحكومية عملية عسكرية واسعة لتحرير بقية مديريات محافظة حجة وفك الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على قبائل حجور في مديرية كشر، شمال شرق المحافظة، شن الحوثيون هجوماً جديداً على مديرية كشر من المدخل الشمالي في منطقة عاهم لإحكام الحصار على المديرية.

يأتي ذلك رغم الدعوات المتكررة من قبل الناشطين اليمنيين بشكل عام وأبناء المديرية بكل خاص للحكومة اليمنية وقيادة الجيش بسرعة انقاذ قبائل حجور وتوفير السلاح والغذاء والدواء لهم والمساهمة في فك الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مديرية كشر. لكن اكتفت الحكومة اليمنية بمطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتحرك لإنقاذ الأطفال والنساء في مديرية كشر المحاصرة، “ما لم فاعلموا إن هذه الجرائم التي يرتكبها الحوثيون ستظل وصمة عار في جبينكم” .

وناشد الزعكري رجال القبائل المجاورة لمديرية كشر في وشحة والجميمة وأفلح وخيران والشرفين وحاشد وبكيل، التدخل ورفع الظلم الذي يمارس على إخوانهم في كشر وقارة وقفلة عذر.

وناشد الحكومة اليمنية والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتحرك لإنقاذ الأطفال والنساء في مديرية كشر المحاصرة .

مقالات مشابهة