المشاهد نت

باتيس وقصة الخطوة التي قهر بها البطالة في حضرموت

حضرموت -عبدالمجيد باخريصة:

تبددت مخاوف العشريني حسن باتيس، لدى وصوله إلى مدينة المكلا، قادماً من المملكة العربية السعودية، بعد ضيق فرص العمل هناك، بخطوة أولى
لقهر البطالة التي يعاني منها أبناء مدينته والمدن اليمنية الأخرى، من خلال بيع المعجنات والأكلات الخفيفة التي يصنعها في بيته، في أحد الشوارع الرئيسية بمنطقة فوة – المساكن بساحل حضرموت.
ويقدم باتيس منتجاته للزبائن بأسعار معقولة، كما يقول لـ”المشاهد”، مضيفاً: “للأسف الشديد، لم يحتضني سوى الشارع، بعد عودتي إلى بلادي، لكن بإرادتي استطعت أن أعمل، وألا أستجيب للإحباط”.
وعملت السعودية على سعودة الكثير من المهن التي كان يعمل بها يمنيون، ومازالت تعلن عن سعودة المزيد منها، ما جعلهم بين خيار التشرد هناك، أو العودة إلى بلدهم، مهما كانت الظروف.
“وعلى الرغم من قساوة الظروف التي تحيط بالعائدين إلى اليمن، إلا أن الراحة النفسية تكون في بلدك الذي ترعرعت فيه، لا الذي تحمل جنسيته”، يقول حسن.
وعاد قرابة 40 ألف مغترب يمني من السعودية، عقب تطبيق قانون العمل السعودي الجديد، الذي قضى بتوطين 12 نشاطاً ومهنة، وقصر العمل بها على السعوديين، ومنها
العمل في محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلات الملابس الجاهزة (أطفال ورجالية)، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحلات الأواني المنزلية، وهي المهن التي كان يعمل بها
الكثير من اليمنيين.

بداية الطريق

محاولات كثيرة من أصدقاء حسن، لم تثنه عن قراره بالعودة إلى مدينته التي عاش فيها طفولته، بحسب روايته، مؤكداً أن قناعته لم تتغير حينها، رغم النصائح المليئة بالإحباط، على سبيل أنه سيبقى عاطلاً عن العمل في اليمن، ولن يحقق أحلامه التي طالما تغنى بها في بداية غربته، لكنه الطموح الذي يملكه، والأمل في تطوير نفسه، والسير قدماً في تحقيق الأهداف التي رسمها، كانت أقوى من الإحباط، وأقوى من النصائح التي لم يلتفت لها، كما يقول.
ويستطرد حسن: “وضعت أمامي خياراً واحداً لا ثاني له، وهو النجاح من خلال التفكير بعمل أستطيع تخطي حاجز الخوف من خلاله، وتجاوز معضلة البطالة التي تتسع
رقعتها كل يوم في البلد الذي تطحنه الحرب”.
لجوء حسن إلى الشارع لبيع الأكلات، هي البداية لتحقيق طموحه، كما يقول، مضيفاً: “عندي حلم سوف أكافح لأجل تحقيقه”.
ويبدأ حسن يومه بتجهيز الأكلات في منزله، قبل أن ينطلق عصر كل يوم إلى بيعها في منطقة فوة، وعند حلول المساء يعود إلى منزله، بعد أن ينتهي من كل ما لديه.
حسن يربح جيداً من عمله اليومي، متمنياً أن يستطيع فتح محل لبيع الأكلات يوماً ما، “هذا ما سأفعله في المستقبل”، وفق قوله.
ويتابع: “استطعت أن أكسب محبة وثقة زبائن المنطقة، نظراً لسعري المناسب”.
لكن ما يؤلمه وغيره من المغتربين، عدم اهتمام الجهات الرسمية، التي لم يلمس أي دور لها لمساندتهم، في السعودية، حيث فقدوا أعمالهم، ولا في اليمن.
والمؤلم، كما يقول، هو منعهم من الدخول إلى الأماكن العامة والمتنزهات بدون دفع رسوم إذا قرر بيع ما لديه في تلك المتنزهات، مضيفاً أن ما يطلبونه، مبالغ باهظة
لا يستطيع دفعها.
وكانت الحكومة شكلت، مطلع فبراير من العام الماضي، لجنة عليا برئاسة وزير الخارجية السابق عبد الملك المخلافي، للتواصل مع الحكومة السعودية؛ وبحث المشاكل والمعوقات التي تواجه المغترب اليمني، خصوصاً بعد القرارات السعودية التي قضت بسعودة غالبية الوظائف. غير أن جهودها ومحاولاتها باءت بالفشل.

إقرأ أيضاً  خديجة.. قصة التغلب على العنف وخذلان الأسرة

تجاوز الصعوبات

“لابد من الصعوبات، وكل بداية محرقة ستكون لها نهاية مشرقة، لا صعب مع الإرادة، والاستسلام للواقع المحبط غير وارد”، بهذه الكلمات قاطعنا حسن عند سؤالنا له عن الصعوبات التي ستواجهه في مشواره نظراً للأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
ويضيف: “فكرت في أن أعمل في بيع هذه المعجنات في المملكة، لكن قوانين العمل هناك لم تسمح لي بذلك، حيث اندفعت بشدة للعمل فيها فور عودتي إلى اليمن”.
يفتخر حسن بما حققه لنفسه حتى الآن، بعد تخطيه توقعات البعض بفشل مشروعه، الذي يرسل صوراً منه إلى زملائه في السعودية.

مقالات مشابهة