المشاهد نت

تسرب الفتيات من التعليم… ما هي أسباب تفاقم الظاهرة؟

تعز – رانيا عبدالله – نجوي شمسان :

تستيقظ سمر ذات الـ14 ربيعاً، كل صباح، لتتأمل من نافذة منزلها المطل على الطريق المؤدي إلى المدرسة القريبة من منزلهم في مديرية الشمايتين (جنوب تعز)، وقلبها يخفق شوقاً وألماً في الوقت ذاته. تحدق بالطلاب المتجهين إلى المدرسة، وهم يحملون حقائبهم على ظهورهم. تطلق آهة في البعيد، ثم يسرح خيالها في حلم لم يتحقق، وأمل يخبو مع مرور الأيام والسنين.
سمر واحدة من 1732 طالبة تركن مقاعد الدراسة مبكراً في المديرية، بحسب خالد الشيباني، مدير عام مكتب التربية والتعليم في مديرية الشمايتين، مؤكداً أن تسرب الفتيات من التعليم خلال العام الدراسي 2018/2019، شمل منطقة “دبع الداخل والخارج وبني شيبة الغرب وبني عمر والزعازع والمساحين والعلقمة والمقارمة وغيل بني عمر والعجرم والكويرة والبذيجة وبني محمد”.

الخوف على الفتاة من الاختلاط

وقف الاختلاط في المدارس عائقاً أمام سمر، إذ أجبرت على ترك مقاعد الدراسة مطلع هذا العام، رغم تفوقها وحصولها على المرتبة الأولى.
وتقول سمر لـ”المشاهد”: “كنت أحب التعليم جداً، وخلال فترة دراستي حافظت على المركز الأول، وذلك من خلال مذاكرتي لدروسي واجتهادي المستمر، مما دفع بمعلماتي إلى تشجيعي كثيراً، حتى زميلاتي شهدن لي بالتمير، وانزعجن لعدم استمراري معهن”.
وبدأت مأساة سمر مطلع العام الدراسي الحالي، بعد أن فاجأها والدها بقراره القاتل بترك المدرسة، كما تقول.
واكتفى والد سمر بما وصلت إليه من التعليم، حتى الصف الثامن، معتبراً أنها أول فتاة في أسرتهم تصل إلى هذا الحد من التعليم، بحسب سمر، التي لم تستطع الاعتراض على قرار والدها، لأن المدرسة التي تدرس فيها مختلطة، وهذا معيب بالنسبة للأسرة وبعض أهالي المنطقة.
وتؤكد وديعة الشرجبي، وكيلة مدرسة الشهيد بشير مهيوب في منطقة دبع الداخل، أن تسرب الفتيات في مدرستها ملحوظ بشكل كبير.
وتقول: “بالنسبة لمدرستنا حديثة العهد، خلال 3 سنوات تم تسرب ٨ طالبات، أغلبهن وصلن إلى الصف السادس”.

أسباب أخرى للتسرب

تؤكد عفاف مكي، مديرة إدارة تعليم الفتاة بمكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز، أن نسبة تسرب الفتيات من التعليم في محافظة تعز، خلال سنوات الحرب، تقدر بأكثر من 60٪، أغلبها في المناطق الريفية.
وأرجعت مكي أسباب تسرب الفتيات من المدارس، إلى العادات والتقاليد التي تحظر على الفتاة متابعة تعليمها، والاكتفاء بمعرفتها القراءة والكتابة، إضافة إلى الفقر وتدهور الحالة الاقتصادية للأسرة التي تفضل تعليم الذكور للمساعدة في زيادة الدخل، وضعف الوعي لدى المجتمع أو الفتاة نفسها بأهمية التعليم وإيجابيات إكمالها للتعليم.
وترى مكي أن هذه الأسباب أدت إلى ضعف التحاق الفتاة بالصفوف الأولى، أو إلى تسرب الفتاة من التعليم في مراحل مبكرة من التعليم الأساسي (الخامس أو السادس أساسي)، وترتفع نسبة الفجوة في التعليم الثانوي.
ويعد بعد المدارس عن التجمعات السكانية في المناطق الريفية، والاختلاط في المدارس، وقلة مدارس الفتيات، والزواج المبكر، أو ما يسمى زواج الصغيرات، من أبرز الأسباب، كما تقول مديرة تعليم الفتاة في تربية تعز.
وحرمت فاطمة رزاز (12 عاماً) من الدراسة، بسبب بعد المسافة عن مدرستها في إحدى قرى شرعب السلام، واكتفت الأسرة بتكليفها برعي الأغنام، وهو ما حدث مع ياسمين (19 عاماً)، التي تركت المدرسة، وهي على أعتاب نهاية الصف الثاني الثانوي، في العام قبل الماضي، بسبب قرار أهلها تزويجها، رغم أن زوجها الذي وافق على الزواج بها إرضاءً لوالديه، يرغب في الزواج بزميلة له في العمل، فهو يحب المرأة المتعلمة، حد قولها.
وتلعب ثقافة المجتمع دوراً كبيراً في تسرب الفتيات من التعليم، خصوصاً عندما تكون الأم غير متعلمة، والأب متشدداً، ويحمل العادات القديمة المسيطرة على عقليات المجتمع المسؤولية الكاملة، بحسب رضوان، ولي امر إحدى الطالبات.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

تفاقم الظاهرة

وتفاقمت ظاهرة تسرب الفتيات من التعليم في محافظة تعز، عما كان عليه الأمر قبل فترة الحرب، رغم وجود نصوص بالدستور والقوانين نصت على مجانية التعليم.
لكن التوعية بأهمية تعليم الفتاة تقع على عاتق الجميع، كما تقول وديعة الشرجبي، مضيفة أن مواجهة ظاهرة تسرب الفتيات تتم بعدة أمور، منها التوعية المستمرة بأهمية التعليم، ووجود مدارس ثانوية خاصة بالفتيات، خاصة في المناطق الريفية.
وترى عفاف مكي أن التعليم أولوية كبرى لكل فتاة، ويجب أن يسعى إليها الجميع، فتعليم الفتاة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة كبيرة، تتوقف عليه الكثير من الأمور، فالفتاة اليوم هي الأم غداً، وهي التي ستربي الجيل القادم.
وتقول مكي: “اللحاق بركب التطور يبدأ من إعداد الأمهات القويات المتعلمات، فالمرأة نصف المجتمع الذي يُنجب ويربي النصف الآخر”.

مقالات مشابهة