المشاهد نت

سلع إغاثية فاسدة تباع في أسواق حجة

حجة – خالد الحميري

في ظل الفوضى العارمة التي خلفتها الحرب المندلعة في البلاد منذ أربعة أعوام، يتناوب تجار الموت على قتل المواطن اليمني عبر إغراق الأسواق المحلية بالمساعدات الغذائية الفاسدة بعد إعادة تغليفها، غير عابئين بأرواح تُزهق، وأخرى قد يصيبها المرض.

وتشهد أسواق محافظة حجة (شمال غرب البلاد) غزواً غير مسبوق للأغذية الفاسدة التي تمس حياة المواطن في ظل فوضى الحرب وضعف الرقابة وانتشار الفقر، خاصة مع اقتراب شهر رمضان حيث يرتفع الطلب على المنتجات الغذائية.

واجتاحت أسواق مديرية عبس، كبرى مديريات المحافظة، موجة الأغذية الفاسدة، في حين يخشى المستهلك من أن تصبح هذه الموجة “ظاهرة” تهدد حياته وحياة أطفاله، وسط اتهامات لبعض التجار والسماسرة بالمتاجرة بحياة المواطنين.

وكشف الصحفي عيسى الراجحي، عن قيام تجار وسماسرة في مديرية عبس بمحافظة حجة بشراء وتخزين المساعدات الغذائية المنتهية الصلاحية وبيعها لمصانع الدقيق في المديرية.

وأوضح في تصريح خاص لـ”المشاهد” أن المصانع تقوم بتصفية القمح الفاسد من الدود والسوس بطرق بدائية وإعادة تعبئتها في أكياس خاصة بها وبأسماء تجارية وبيعها مجدداً للمستهلك.

وأشار إلى أن ظاهرة بيع المساعدات الغذائية الفاسدة انتشرت بشكل كبير في ظل ضعف الرقابة، وبراعة التجار من أصحاب النفوس الضعيفة في ممارسة الغش الغذائي وتزوير المنتجات بأساليب جهنمية لا تخطر على بال أحد.

ضبط أغذية فاسدة

ضبط مكتب وزارة الصناعة التابعة للحوثيين بمديرية عبس، والهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الانسانية بالمحافظة، كميات كبيرة من المواد والسلع الغذائية التالفة بمخازن المجلس الدنماركي DRC والتي فشل المجلس في توزيعها على النازحين.

وعلى ضوء ضبط هذه السلع، أغلق مكتب الصناعة والتجارة في مديرية عبس بمحافظة حجة يوم الأربعاء الماضي، مخازن المجلس الدنماركي DRC شريك برنامج الغذاء العالمي في المديرية بحضور النيابة العامة بعد العثور على مساعدات منتهية الصلاحية.

وقال مصدر خاص لـ”المشاهد” إن النيابة العامة بعبس أمرت بإتلاف آلاف الأكياس من الطحين التالف ومئات الكراتين من أغذية الحوامل والأطفال منتهية الصلاحية التي عثرت عليها لجنة التفتيش في مخازن المجلس الدنماركي بمديرية عبس.

ومن اللافت، أن هذه الحادثة ليست الأولى في المساعدات الأممية، وأنها تكررت في أكثر من مرة في عدة محافظات وهو ما يطرح تساؤلات عن الطرف المسؤول عنها.

وضبطت السلطات المحلية في محافظة الحديدة (غربي البلاد) الأسبوع الماضي، كميات كبيرة من المساعدات الغذائية المنتهية الصلاحية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في اليمن، وهي في طريقها إلى مراكز توزيع الإغاثة في مديرية المغلاف.

وسبق أن اعترف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في مايو 2017، بإدخال شحنة مساعدات غذائية تالفه إلى اليمن، بعد اتهامات للمنظمة الأممية بإرسال مساعدات فاسدة تقدر بنحو اثنين وثلاثين ألف طن من القمح.

وأعاد برنامج الأغذية العالمي في يوليو 2016، تصدير شحنة من المساعدات، زنتها ثلاثة آلاف وثلاثمائة طن متري من الدقيق الأبيض، من ميناء الحديدة غرب اليمن إلى بلد المنشأ في الأردن، بعد أن كشفت هيئة المواصفات والمقاييس، أن الشحنة منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستخدام الآدمي.

إقرأ أيضاً  «أنيس».. أقدام مرتعشة على طريق محفوف بالمخاطر

وفي وقت سابق، حذر مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من خطورة استمرار برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة باستيراد قمح تالف لليمن.

وقال نصر إن برنامج الغذاء العالمي يحرص على استيراد القمح في صفقات تبدو مشبوهة أو مكلفة، ولذلك تتكرر مسألة استيراد كميات من القمح غير صالحة للاستخدام الآدمي ودون أدنى معايير الحفظ والسلامة.

مواجهة خطر الموت

الناس وحدهم من يدفعون فاتورة استغلال وجشع التجار إما من جيوبهم الخاوية أو من أرواحهم، مؤكداً بأن هذه السلع المغشوشة تلاقي رواجاً كبيراً بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، بحسب الراجحي، محذراً من خطورة وانعكاسات تداول البضائع الفاسدة على الإنسان في ظل غياب ثقافة الاستهلاك، لأن غالبية السكان لا يسألون عند اقتناء السلع عن مصدرها ونوعيتها وتاريخ صلاحيتها ويركزون فقط على سعرها.

بدوره، وصف الناشط غالب الفقيه المشهد الاستهلاكي في حجة بـ”الخطير” في ظل هذا الفساد الكبير الذي قد يعرض نحو نصف مليون نازح في مديرية عبس و مائة وخمسين ألفاً من سكان المديرية لخطر الموت.

وقال في حديثه لـ”المشاهد” إن آلاف السكان قد يضطرون لشراء هذه السلع المغشوشة أو المشكوك بسلامتها، نتيجة الفقر والظروف الاقتصادية السيئة، لأن دخولهم لا تمكنهم من شراء منتجات جيدة عالية الثمن، مضيفاً أن الأسواق تعيش فوضى عارمة نتيجة غياب الرقابة واستغلال التجار احتياجات المواطنين خلال شهر رمضان عبر بيع مساعدات غذائية تالفة، قد تتسبب بنتائج سلبية على صحة المواطن.

واتهم الفقيه المنظمات الدولية بالمتاجرة بأوجاع اليمنيين وأقواتهم مطالباً باتخاذ إجراء فوري للتصدي للتلاعب في المساعدات الغذائية، والتأكد من صلاحيتها قبل أن تصل إلى ملايين الأشخاص الذين يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة.

مطالب بالكشف عن أموال المساعدات

وواجهت المنظمات الإغاثية مؤخراً هجوماً غير مسبوق من قبل ناشطين يمنيين أطلقوا حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة مصير مليارات الدولارات المقدمة لمساعدة اليمنيين، واتهموا من خلالها عشرات المنظمات الدولية والمحلية بالفساد وعدم الشفافية.

وطالب الناشطون في الحملة التي أطلقوها تحت هاشتاج “أين الفلوس”، هذه المنظمات، بتقديم بيانات مالية تثبت أوجه إنفاق الأموال التي حصلت عليها، في حين اتهموا الحكومة اليمنية أيضاً بالتقصير في الرقابة على أداء وعمل المنظمات.

ويعاني اليمن من أزمة إنسانية حادة نتيجة الحرب، ويحتاج نحو أربعة وعشرين مليوناً وأربعمائة ألف شخص في اليمن إلى المساعدة من أجل البقاء بحسب خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة الصادرة في فبراير/شباط 2019.

مقالات مشابهة