المشاهد نت

هاني بن بريك… من “أشيد” الاشتراكي إلى اللعب في جدلية التطرف

عدن – وضاح الجليل:

يعد هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، من أكثر الأسماء التي ارتبط ظهورها بالتطرف الديني، بعد تحوله من “أشيد” الحزب الاشتراكي اليمني، قبل الوحدة اليمنية، إلى قيادي سلفي تابع للشيخ السلفي السعودي ربيع المدخلي، بعد الوحدة.
وعقب أحداث عدن الأخيرة؛ التي ظهور فيها بن بريك داعياُ إلى النفير العام، في خطاب “النصر” كما سماه، ونسب الفيديو لموقع “الحرة” الأمريكية، ونشر في اليوتيوب فقط، وسرد سيرة ذاتية للرجل، مليئة بمعلومات مغلوطة، ومجهولة المصدر، ومنها أنه ذهب إلى أفغانستان للجهاد بعد عامين من نهاية الاستقطاب الجهادي.


من هو هاني بن بريك، إذن؟


ولد هاني بن بريك، أواخر العام 1973، في عدن، لأبوين من مدينة الشحر بمحافظة حضرموت (شرق اليمن). كان الأب مغترباً في دولة الإمارات العربية المتحدة، لفترة طويلة، وأسرته كانت تعيش في مدينة عدن.
أدخلته العائلة، روضة “الأمل” الوحيدة في حي خور مكسر وسط مدينة عدن (جنوب اليمن)، مثل غالبية أطفال الحي، والتحق بعد ذلك بمدرسة الفقيد هاشم عبدالله الابتدائية هناك.
وبعد احتراق منزل عائلة بن بريك، في خور مكسر، في أحداث يناير 1986، نقلتهم الدولة على نفقتها إلى حي عبدالعزيز في مديرية المنصورة بمدينة عدن، وهناك أكمل دراسة الثانوية العامة.
أثناء دراسته الابتدائية والثانوية التي لم يكملها، التحق بن بريك بطلائع علي عنتر، ثم باتحاد شباب اليمن الديمقراطي “أشيد”، حين أصبح في الثانوية، وهي تنظيمات طلابية وشبابية خلال فترة حكم الحزب الاشتراكي للجنوب؛ ويصفه زملاؤه وأصدقاؤه بالذكاء والاجتهاد والحيوية والمرح، كما اشتهر بهواياته الرياضية؛ خاصة في كرة القدم، وكان يقود فريقاً كروياً في حي عبدالعزيز، ويتكفل والده بإرسال الملابس الرياضية له وأعضاء فريقه من الإمارات.

التأثر بسلفية السعودي ربيع المدخلي

بدأ توجه بن بريك الديني عقب قيام الوحدة اليمنية، العام 1990، حيث وقع تحت تأثير الدعاية الدينية التي استهدفت شباب المحافظات الجنوبية، إذ واظب على الدروس الدينية والاعتكاف في الجامع، متخلياً عن أنشطته الشبابية والطلابية والرياضية.
بعد ذلك، فضل هاني، التوجه إلى محافظة صعدة، للالتحاق بدار الحديث في “دماج”، التي قضى فيها ما يقارب 3 أعوام، قبل أن ينتقل إلى السعودية؛ حيث ارتبط اسمه هناك بمدارس ربيع المدخلي، أحد شيوخ السلفية بالسعودية، وعمل في تعليم الأفارقة والآسيويين مناسك الحج في مكة، قبل أن يدرس فقه السنة، ليصبح شيخاً له حضور في أكثر من مكان، ويتناقل الناس فتاواه وخطبه عبر مختلف الوسائل التي يتبعها السلفيون والجماعات الدينية، ومن بينها الإنترنت.
كان بن بريك أحد أعضاء “لجان المناصحة” التي تتولى الحوار مع المتطرفين لإقناعهم بالتراجع عن أفكارهم، وكان غالباً ما يشارك في تلك اللجان في مناطق حدودية مع اليمن، حيث تعقد جلسات المناصحة مع جهاديي تنظيم القاعدة.
استمرت إقامة بن بريك في السعودية حتى العام 2013، حيث عاد من هناك لمؤازرة زملائه ومشائخه الذين تم تهجيرهم من “دماج”، وخلال السنوات السابقة كان يزور عدن وصنعاء ودماج، باستمرار.
وبعد عودته من السعودية، بنى منزلاً له في حي المنصورة، ثم صعد اسمه بقوة أكثر خلال اقتحام الحوثيين عدن، وتحريرها منهم، العام 2016.
تطور حضور هاني بن بريك، في عدن، عقب تحريرها، وبرزت علاقة وثيقة بينه وبين الضابطين الإماراتيين أبو عبدالله الطنيجي، وسعيد النبادي، اللذين كانا يديران العمليات العسكرية والأمنية في عدن.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

الإشراف على قوات الحزام الأمني

قاتل هاني بن بريك، جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التي اجتاحت عدن، في 2015، كنوع من الانتقام لجماعته التي اتُّهمت بالإرهاب، وطُردت من قرية دماج في صعدة، العام 2014.
وخلال السنوات الماضية، أشرف بن بريك على قوات الحزام الأمني، التي تزعم أنها تواجه الإرهاب والإرهابيين. لكن هذه القوات التي يشرف عليها الرجل، كانت تعزز من نفوذها في المحافظات الجنوبية، على حساب سلطة الرئيس هادي.
وفي العام 2016، تم تعيين بن بريك في منصب وزير دولة بحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، لكن سرعان ما خسر هذا المنصب، ليكون أول وزير يمني يُحال إلى التحقيق وفق قرار جمهوري، لم ينفذ، وإن كان القرار لم يوضح الحيثيات والأسباب التي أحيل بها الرجل إلى التحقيق. لكن هذه الإقالة جاءت عقب أحداث مطار عدن، واحتجاز القائد في الحماية الرئاسية، العميد مهران القباطي، كانت قوات الحزام الأمني المدعوم إماراتياً طرفاً فيها.
وغرّد هاني بن بريك على “تويتر”، حينها، أنه رجل مقاومة قبل أن يتولى الوزارة وبعدها، وأنه سيعود للجبهات، وسيكون على نقاط التفتيش في المدن والمنشآت، في إشارة إلى أن لديه نفوذاً يسيطر به على الشارع.
وبعد عام، عاد بن بريك لتحدي قرار آخر للرئيس هادي بإحالة قائدين في قوات الحزام الأمني، هما: منير اليافعي، المعروف بـ”أبو اليمامة”، وناصر البعوة المكنى بـ”أبو همام”، إلى التحقيق، بسبب هجوم اتهمت بتنفيذه على حفل تخرج طلبة كليات عسكرية، حيث غرد بن بريك على موقع “تويتر”، قائلاً: “كلنا أبو اليمامة. كلنا أبو همام. إحالة شعب الجنوب للمحاكمة! سنرى مَن سيحاكم مَن؟”.

خلافات منهجية واغتيالات

وُجهت لهاني بن بريك الكثير من التهم باستهداف خصومه السياسيين من قيادات في التجمع اليمني للإصلاح إلى قيادات سلفية وأئمة جوامع ودعاة ينتمي بعضهم إلى تجمع الإصلاح؛ في حين يمارس آخرون الدعوة بمناهج تتقارب وتتطابق مع منهج بن بريك السلفي، ومن ذلك الشيخ ياسين الحوشبي العدني الذي كانت تجمعه علاقة ود بهاني بن بريك، وكان مقرباً من “الحزام الأمني”، واستقطب الكثير من الشباب للانضمام إلى الحزام الأمني، وقبل ذلك القتال ضد الحوثيين، لكن خلافاً بين الرجلين دفع العدني إلى إرسال “مناصحة” لبن بريك، يحذره فيها من الانحراف عن نهج السلفية، ويعلن التوقف عن تأييد الحزام الأمني، وكان رفقة مشائخ آخرين أصدروا بياناً حذروا فيه بن بريك من الخروج على الحاكم، قبل أن يتم اغتيال العدني في الـ10 من أكتوبر 2017، ويعدّ بن بريك أحد المتهمين بالوقوف وراء تلك الاغتيالات، وفق محاضر تحقيق النيابة العامة في عدن.
وكان بن بريك يكتب على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، تهديدات صريحة بمواجهة من يصفهم بالإرهابيين وحزب الشيطان والخوارج، ويتعهد بمواجهتهم.
مرة أخرى، يعود بن بريك لإثارة الجدل في خطابه التالي لسيطرة المجلس الانتقالي وقوات الحزام الأمني على عدن؛ متحدياً موقف المملكة العربية السعودية، وساخراً من بيانها بشأن الأحداث الأخيرة، حين أعلن اعتزامه الصمود 5 سنوات، مثل الحوثي، وطالب أتباعه بالاستعداد لحصار يمتد لـ5 سنوات.

مقالات مشابهة