المشاهد نت

نقاط الحوثي و”الانتقالي”… استفزازات تعيق حركة المسافرين

عدن – بديع سلطان:

لم يستطع الناشط العدني الثلاثيني أيمن الحداد، إخفاء صدمته حين تعرض للابتزاز والتحرش الجنسي من قبل جندي في نقطة أمنية تابعةٍ لجماعة الحوثي، على مشارف محافظة تعز (جنوبي غرب اليمن، قبل أن يتوقف الباص نوع “هايس”، الذي كان يقله برفقة مجموعة من شباب عدن -معظمهم من الطلاب- في نقطة ورزان، القريبة من منطقتي الدمنة والراهدة (جنوب مدينة تعز)، لدى عودته، الجمعة قبل الماضية، إلى مدينته عدن، بعد زيارة عمل خاصة إلى صنعاء،

ايمن الحداد : “بعد تفتيش هاتفي، ورغم أنه لم يجد ما يستدعي الريبة، تفاجأت بأن ذلك الجندي قام بإنزالي من الباص، وقادني إلى حجرة صغيرة، واتهمني بتهمٍ لم يسمها لي، واستمر بتهديدي بالسجن، ويبتزني ويقول لي: اشترِ نفسك”.


تعرض كل من في الباص للاستجواب الدقيق، وتفتيش هواتفهم المحمولة، حتى المتعلقات الشخصية، وصور العائلات المحفوظة في الجوالات، التي اطلع عليها أحد جنود النقطة، وكان الحداد آخر من تم تفتيش هاتفه من قبل ذلك الجندي.
ويقول أيمن لـ”المشاهد”: “بعد تفتيش هاتفي، ورغم أنه لم يجد ما يستدعي الريبة، تفاجأت بأن ذلك الجندي قام بإنزالي من الباص، وقادني إلى حجرة صغيرة، واتهمني بتهمٍ لم يسمها لي، واستمر بتهديدي بالسجن، ويبتزني ويقول لي: اشترِ نفسك”.
وأشار إلى أنه طالب ذلك الشخص بالإفصاح عن التهمة الموجهة إليه، لكنه مضى في الابتزاز دون أن يسمي التهمة التي أنزله من الباص بسببها.

ممارسات استفزازية

أكد أيمن أنه تعرض للتحرش الجنسي من قبل ذلك العنصر الأمني، فبعد جلوسه على إحدى الأحجار الموجودة في الغرفة، جلس ذلك الجندي بجانبه، ووضع يده على فخذ أيمن، وبدأ يحركها بطريقةٍ تحمل إيحاءاتٍ جنسية، حد وصفه.
وأضاف: “كان يقول لي بلهجته الدارجة: “ما بلا تشتري روحك، وإلا عنسجنك ونسوي بك ما اشتينا يا صاحب عدن”، ثم طالب بدفع 100 ألف ريال للإفراج عني”.
ورغم تأكيدات الحداد بأنه لا يملك هذا المبلغ، إلا أن الجندي أصر على إنزال حقائبه الخاصة من الباص، كما ألحَّ على الناشط أن يتصل بأهله في عدن حتى يحولوا له المبلغ الذي يريده، ويطلق سراحه.
وحاول الحصول على هواتفه؛ للاتصال بأي شخص معروف يأتي لضمانته، إذا كان يشتبه به، إلا أن الجندي احتجز الهواتف، وقال: “حتى لو جاء السيد عبدالملك من صعدة بنفسه، لن تخرج، إلا لو اشتريت نفسك”، في استمرارٍ واضح لعملية الابتزاز.
ويضيف الحداد: “عندها أيقنت أني لن أنجو إلا إذا دفعت المال، فطلبت منه الذهاب إلى الباص، وأخرجت له من حقائبي 50 ألف ريال يمني، أقنعته أنها كل ما أملك، فأعطاني هواتفي، وسمح لي بالصعود إلى الباص”.
“لم يكتفِ بذلك.. بل حاول ذلك الجندي إيهام كل من في الباص أنه ضبطني بجريمة جنسية “فظيعة”، وأنه عفا عني، رغم تلفيقه تهمةً لم أعرفها حتى الآن”؛ يقول أيمن ساخراً.
ووصل الحداد إلى عدن بعد معاناة نفسية وجسدية كبيرة، نظراً للممارسات غير الأخلاقية التي تعرض لها في النقطة الأمنية التابعة لجماعة الحوثي، مؤكداً أنه يحتفظ بصفات دقيقةٍ لشكل جندي الأمن الذي احتجزه وقام بابتزازه والتحرش به، بالإضافة لوصفٍ دقيق لملابسه، والمكان الذي تقع فيه النقطة الأمنية.
واستغرب من تلك التصرفات التي تسيء للمواطنين، وتوحي بأن المواطن العادي أصبح بلا كرامة، في ظل وجود عناصر غير أخلاقية يتم منحها سلطات غير قادرة على تحملها.
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها، حيث رصدت منظمات حقوقية وإنسانية تصرفاتٍ مماثلة استهدفت ناشطين، ومواطنين، وحتى عائلات، من المسافرين على الطرق بين المحافظات اليمنية.
حيث يتعرض المواطنون لعدد من تلك الممارسات التي تتكرر في مختلف النقاط الأمنية، والذين يقوم عناصرها بابتزاز المواطنين المسافرين مالياً ونفسياً، كما طالت ممارساتهم الاستفزازية عائلات المسافرين دون مراعاة أية حرمات.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

مصادرة حوثية للنقود الجديدة

آخر تلك الممارسات ما وجهت به جماعة الحوثي، مطلع أكتوبر الجاري، حيث عممت على كل نقاط التفتيش التابعة لها، بمصادرة الفئات النقدية من العملة الوطنية بطبعتها الجديدة الصادرة عن البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، على المواطنين والمسافرين، وفق تأكيد مصادر محلية.

هناك من ممارسات مناطقية ضد المواطنين الشماليين، من خلال منعهم من الدخول إلى المحافظات الجنوبية، ويتم التعامل معهم بدونية، وبتمييز عنصري مشين، بحسب مواطنين.


وأكدت المصادر لـ”المشاهد”، أن مسلحي الجماعة نهبوا مبلغ 400 ألف ريال من أحد تجار الأسماك، بعد تفتيش سيارته في إحدى النقاط الرابطة بين صنعاء والحديدة.

استفزازات النقاط الأمنية الجنوبية

ولم تقتصر تلك الممارسات على النقاط الأمنية التابعة لجماعة الحوثي، بل يتعدى ذلك إلى النقاط الأمنية الموالية لقوات الحزام الأمني وقوات النخب الأمنية الجنوبية المدعومة إماراتياً، حيث يشتكي كثير من المواطنين المنتمين للمحافظات الشمالية، من ممارسات مناطقية ضد المواطنين الشماليين، من خلال منعهم من الدخول إلى المحافظات الجنوبية، ويتم التعامل معهم بدونية، وبتمييز عنصري مشين، بحسب مواطنين.
وكانت الهيئة العامة للنقل البري في عدن، تلقت العديد من الشكاوى من الشركات العاملة في مجال النقل البري، عن قيام النقاط الأمنية التابعة لجماعة الحوثي، أو تلك التابعة لقوات الحزام الأمني في الجنوب، على مداخل المحافظات الجنوبية.
وأشارت الشكاوى، التي اطلع عليها “المشاهد”، إلى قيام عناصر النقاط الأمنية من كلا الطرفين، بإنزال الركاب من على متن الحافلات، ومنعهم من الدخول إلى المدن التي يقصدونها، وإرجاعهم من حيث جاؤوا، مما تسبب في وفاة العديد من المرضى.
وأوضحت الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري -وهي هيئة مدنية معنية بتنفيذ قانون النقل البري- أنه ينبغي تسهيل عمل الهيئة المتمثل في تسهيل خدمات تنقل المواطنين ونقل احتياجاتهم.
وأشارت الهيئة إلى أنها لم تألُ جهداً في تقديم خدماتها بصورة مستمرة لجميع المواطنين، وبما يضمن حرية التنقل والحركة الآمنة، وبسعر يتناسب والظروف العامة التي تمر بها البلاد.
وأدانت، في أكثر من بيان، رصدها “المشاهد”، الأعمال التعسفية التي تمارسها النقاط الأمنية التابعة لأطراف النزاع في اليمن، بمداخل المحافظات الجنوبية، وما تمارسه تلك النقاط من إجراءات تعسفية لمنع المسافرين من العبور، وابتزازهم، وما يتعرضون له من أشكال الابتزاز والتعسف “المناطقي”، وإعاقة حرية حركتهم وتنقلاتهم عبر حافلات النقل البري العاملة في البلاد، إلى مقاصدهم، مضيفة، في بياناتها، أن مثل هذه الأعمال تمثل انتهاكاً صارخاً لحرية المواطنة، وتتنافى مع القيم والأخلاقيات والأعراف التي تقوم عليها تركيبة المجتمع الثقافية، وتتعارض مع حرية التنقل والحركة للمواطنين من وإلى وبين المحافظات.

من يتحمل المسؤولية؟

وحمّلت العديد من المنظمات مسؤولية تلك التصرفات لأطراف النزاع والحرب الدائرة في اليمن، حيث تعمد تلك الأطراف على وضع عناصر بلا خبرة ولا دراية أمنية لتسيير عمل النقاط الأمنية، وهو ما يتسبب بكثير من المضايقات للمواطنين المسافرين.
ودعت الهيئة العامة للنقل البري في عدن، منظمات المجتمع المحلية والدولية والمنظمات الحقوقية، للضغط على الجماعة الحوثية والتشكيلات الأمنية الجنوبية، للنأي بخدمات النقل العامة ومصالح المواطنين اليمنيين وحرية تنقلاتهم، عن هذه التصرفات العنصرية والمناطقية المبتذلة التي يلجأ إليها بعض العاملين في النقاط الأمنية، في التعبير عما يحملونه من مشاريع تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي وبث روح الحقد والكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

مقالات مشابهة