المشاهد نت

لماذا عادت الاغتيالات إلى حضرموت؟

تعز – أحمد عبدالله:

تشهد محافظة حضرموت (شرقي اليمن)، من وقت لآخر، عمليات اغتيال مختلفة، كان آخرها مقتل الحارس الشخصي لمدير أمن الوادي، الذي أطلق عليه النار مجهولون، ولقي حتفه على الفور.
سبق تلك الحادثة عمليات اغتيال عديدة خلال النصف الثاني من العام الجاري، تعرض لها قيادات أمنية وأعضاء وقيادات من حزب التجمع اليمني للإصلاح، وقائد التحالف العربي العقيد الركن بندر العتيبي، أثناء تفكيكه عبوة ناسفة.
تزامنت حادثة اغتيال الحارس الشخصي لمدير الأمن، مع توافد عدد من الوزراء في الحكومة اليمنية، خلال الشهر الجاري، إلى حضرموت، في ظل التوتر السائد بين السلطة ودولة الإمارات العربية المتحدة.
جعل ذلك كثيراً من المراقبين يعتقدون أن الاغتيالات هناك، والتي تُقيد ضد مجهول، تهدف إلى إرباك عمل الحكومة التي تحاول تكثيف وجودها في بعض المحافظات التي استعادت السيطرة عليها، خصوصاً مع تكرار ذلك السيناريو في مناطق أخرى.

تطبيع الحياة

بدت واضحة تحركات الحكومة اليمنية في حضرموت مؤخراً، وذلك بتوجيه الرئيس عبدربه منصور هادي، محافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، بسرعة استكمال الترتيبات النهائية لإعادة افتتاح مطار الريان الدولي، الذي تم إغلاقه مطلع العام 2015.
ومؤخراً، كثف وزراء في الحكومة تواجدهم في سيئون، بينهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني، سبقهما 6 وزراء آخرون.
وكان الميسري أكد، خلال اجتماعه مع أعضاء المكتب التنفيذي بوادي حضرموت، أنه لن يغادر سيئون، حتى يتم تقديم الخدمات اللازمة، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات المتعلقة بالجانب الأمني.
وأدى استقرار المحافظة وبُعدها عن الصراع في اليمن، إلى نزوح الكثير من اليمنيين إليها، خصوصاً في المديريات الساحلية كالمكلا.

توظيف القاعدة

وبالنظر إلى طبيعة عمليات الاغتيال التي تبنى تنظيم القاعدة كثيراً منها، والذي قامت الإمارات والحكومة سابقاً بمحاربته في حضرموت، يعتقد المحلل السياسي نبيل الشرجبي، أن ظاهرة الإرهاب لم يتم القضاء عليها في اليمن، بسبب القصور المتعمد من قبل الأطراف في التعامل معها، وعدم وجود استراتيجية موحده لذلك، فضلاً عن تعدد الأطراف الذين يتدخلون في مواجهتها.
وحذر الشرجبي، في حديثه مع “المشاهد”، من لجوء كثير من الأطراف إلى استخدام تلك المجاميع الإرهابية في مجالات صراعها مع الجهات الأخرى، لتحسن وضعها، أو لابتزاز آخرين، وهو ما يعني عدم وجود الرغبة الحقيقية في القضاء على تلك الظاهرة.
وبحسب الشرجبي، فإن اختفاء أو عودة تلك المجاميع الإرهابية، يرتبط بصراع الأطراف السياسية الأخرى، والتي توظفها لصالح أهدافها. مشيراً إلى وجود نشاطات سياسية في الفترة الحالية، قد تُغيِّر من النمط السياسي السائد، ما يعني أن هناك أطرافاً لن تشارك في صناعة الحدث القادم، أو أنه حدث يثقل من دورها في المستقبل، أو يُغيِّر الموازين السابقة، ما يجعل البعض يستغلون ذلك الملف لتحقيق مكاسب.
وفي اعتقاده، لن تُغير مثل تلك المحاولات ما ستُقدم عليه الأطراف اليمنية، وستتم إعادة توزيع المناصب والمغانم، بحسب ما تم الاتفاق عليه في الرياض أو جدة. مستدركاً: “لكن السلوك الذي ظهر فيه بعض مسؤولي الرئيس هادي، تجاه الاتفاق أو الأطراف الأخرى من مجمل العملية السياسية، جعل منهم  هدفاً لا بد من القضاء عليه، بخاصة أنه سيكون له الجزء الأهم من إدارة ملف ما بعد الاتفاق الذي ترعاه السعودية”.

إقرأ أيضاً  التغلب على النزوح من خلال حياكة المعاوز

إرباك للحكومة

بينما يبدو الهدف من عودة عمليات الاغتيالات بالتزامن حضور الحكومة، بالنسبة للصحفي هشام المحيا، توجيه رسالة من قِبل الأطراف “المعادية لها” للمجتمع الدولي ولأنصارهم، مفادها أنه أينما وجدت الشرعية وجد الإرهاب.
ولفت المحيا، في تصريحه لـ”المشاهد”، إلى ارتباط عمليات الاغتيالات، خلال السنوات الأخيرة، مع كل محاولة للحكومة لتثبيت حضور الدولة، كما حدث في عدن وغيرها، في المقابل غيابها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو المجلس الانتقالي الجنوبي.
وجدد تأكيده بالقول إن: “الأطراف المعادية للحكومة (لم يسمها)، تريد من خلال هذه الأعمال،  التأكيد لأنصارها وللعالم أن الإرهاب صفة للشرعية، بينما الصحيح هو العكس”.

رسائل للسلطة

أما الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد، فيربط بين تلك العمليات وعودة بعض أعضاء الحكومة إلى حضرموت لممارسة مهامهم، وانسحاب الإمارات من المحافظات الجنوبية، وتسليم الملف الأمني للسعودية، وإن كان شكلياً حتى الآن، مع بقاء أذرعها العسكرية، وفق تعبيره.
ورأى، في سياق تصريحه لـ”المشاهد”، أن محافظة حضرموت تشبه شبوة من حيث عجز الإمارات وأدواتها، عن استثمار الوضع بشكل صارخ، مثلما جرى الحال في عدن (في إشارة إلى تنفيذ “الانتقالي” التابع لها انقلاباً على السلطة هناك).
ولذلك فهو لا يستبعد أن عمليات الاغتيال في هذا التوقيت، هي مجرد رسائل تحذير للحكومة بأن لا مكان لها في المحافظة أو غيرها، إلا بالقبول بشروط “الانتقالي”، ومن خلفه الإمارات.
وحول استحضار “القاعدة” في عمليات الاغتيال، قال شاكر إن الإمارات تولت طرد عناصره من المكلا، لكن التقارير كشفت أن ذلك تم ضمن اتفاق مسبق بين الطرفين بانسحاب التنظيم بأسلحته وقوته وأمواله.
وخلص، من ذلك، إلى أن “أية عودة لعناصر التنظيم في مثل هذه العمليات، هي مشكوكة لجهة أنها ذات دوافع سياسية ومجرد أداة من أدوات الاستخبارات الإماراتية”، على حد تعبيره.
وشهدت المحافظات التي استعادتها الحكومة اليمنية، عمليات اغتيال كثيرة، خصوصاً العاصمة المؤقتة عدن، حيث تم استهداف قيادات في الأحزاب وخطباء مساجد وعسكريين ومسؤولين وغيرهم.

مقالات مشابهة