المشاهد نت

التصعيد في الجنوب… هل هو مؤشر للتنصل من اتفاق الرياض؟

تعز – أحمد عبدالله:

تزداد وتيرة التصعيد في جنوب اليمن، بشكل كبير، ما ينذر بإمكانية انفجار الوضع هناك، واندلاع حرب جديدة بين قوات الجيش التابع للحكومة اليمنية، وما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات العربية المتحدة.
وتعيش العاصمة المؤقتة عدن، على صفيح ساخن، مع زيادة حدة التوتر بين الحكومة و”الانتقالي”، وإرسال الأولى قواتها من شبوة إلى أطراف مديرية أحور بأبين، وتوجيه المجلس قيادات الحزام الأمني برفع الجاهزية القتالية للمرحلة القصوى هناك.
وأدت سيطرة القوات الحكومية القادمة من شبوة، على مدينة أحور، شرقي أبين، عقب مناوشات محدودة بين الجانبين، إلى مقتل القيادي في قوات “الانتقالي” سالم السامحي.
لكن الوضع عاد للهدوء في أبين القريبة من عدن، بعد مغادرة قائد قوات الحزام الأمني التابع لـ”الانتقالي” في أبين عبداللطيف السيد، البلاد، بالتزامن مع تداول برقية مُسربة -لم يتنسَ لـ”المشاهد” التأكد من صحتها- موجهة إلى عمليات الرئاسة، تهدد بضرب قوات الحماية الرئاسية في حال عدم انسحابها من شقرة بأبين.

محاولات لوأد الاتفاق

وبرغم مرور أكثر من شهر على توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة و”الانتقالي”، إلا أنه لم يتم تنفيذ بنوده حتى الآن، والالتزام بالتزمين المحدد فيه، فإضافة إلى التصعيد الحاصل من قِبل الأخير، واستمراره بضم قوات جديدة إلى صفوفه، فقد علق المجلس كذلك عمل لجنته العسكرية المشتركة في تنفيذ الملحقين الأمني والعسكري المذكورين باتفاق الرياض.
وفي الوقت الذي يتهم فيه “الانتقالي” الحكومة بالتحشيد المستمر باتجاه الجنوب، إلا أن المتحدث باسم الحكومة راجح بادي، نفى ذلك، وحمَّل المجلس مسؤولية التصعيد، موضحاً أن تلك القوات التي قدمت إلى أبين، هي سرية تابعة للواء الأول حماية رئاسية، الذي نص الاتفاق على عودته بالكامل.
ويشكك وزير النقل صالح الجبواني، في تغريدة له بحسابه على “تويتر”، بدور المملكة العربية السعودية في الجنوب، مع استمرار ممارسات “الانتقالي” التصعيدية، آخرها الدفع بقواته باتجاه زنجبار بأبين، مطالباً الرياض بتحديد خياراتها بوضوح، “قبل أن تغرق في رمال عدن المتحركة”.

تعزيز دور “الانتقالي”

وعن مستقبل اتفاق الرياض، والنتائج المتوقعة من استمرار التصعيد في الجنوب، يقول أستاذ إدارة الأزمات في جامعة الحديدة، الدكتور نبيل الشرجبي، إن الاتفاق في الأساس كوّن المكونات الأولى لقوة “الانتقالي”؛ حيث نصت أغلب مواده أن تتولى القوات التي كانت تتبعه تحت أي مسمى، مسؤولية حماية كل الجنوب، مع إخراج أية قوة أخرى من خارجه، ووجود إشراف على تلك القوات من قيادات جنوبية.
ويعزز ذلك، وفق الشرجبي الذي تحدث لـ”المشاهد”، ذهاب المجلس الانتقالي في مشروع التمرد على الدولة، لأبعد مدى.
وبحسب الشرجبي، فإن اتفاق الرياض لم يمنع أو يحد من أي تصرف يقوم به “الانتقالي” في ذلك الاتجاه، كما أن قيادات المجلس الحالية باتت تشعر أنها أصبحت المسيطرة على الواقع السياسي في الجنوب، وأي تراجع عن مشروع الانفصال قد يكلفهم خسارة الشارع الجنوبي، والسماح لقوى جنوبيه أخرى أن تتصدر المشهد، مشيراً إلى عدم تأييد الجميع هناك للانفصال.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

شرعنة الانقلاب

يقترب من تلك المقاربة رئيس تحرير موقع “رأي اليمن”، خليل العمري، الذي أفاد في حديثه لـ” المشاهد” أن المجلس الانتقالي لا يريد حكومة في عدن، بل حكومة لشرعنة انقلابه، وصرف الرواتب لعناصره وأفراده، وتقاسم السلطة. لافتاً إلى عدم قدرة الحكومة والمؤسسات التابعة للسلطة وأجهزتها على ممارسة أعمالهم هناك، بسبب ممارسات المجلس بحقهم.

خليل العمري : لم يتغير شيء على الأرض منذ توقيع اتفاق الرياض، فمايزال المجلس يتحكم بكل شيء، وتحت يافطات انفصالية، فاليمن التي ذكرت بالاتفاق لا توجد لدى ذلك المجلس الذي لديه أجندة وأيديولوجيات انفصالية يعمل من أجلها.


وفي تقييمه لما يجري في الجنوب، أكد العمري أنه لم يتغير شيء على الأرض منذ توقيع اتفاق الرياض، فمايزال المجلس يتحكم بكل شيء، وتحت يافطات انفصالية، فاليمن التي ذكرت بالاتفاق لا توجد لدى ذلك المجلس الذي لديه أجندة وأيديولوجيات انفصالية يعمل من أجلها.
وماتزال هناك ضغوط من التحالف العربي، ومحاولات لإنجاح الاتفاق الذي يتعرض لعقبات كبيرة جداً من جانب “الانتقالي”، بحسب العمري.

فرص فشل الاتفاق

وهناك جدل كبير حول بنود الاتفاق التي تفسرها الحكومة و”الانتقالي” كل بشكل آخر، ولذلك ينتقد الدكتور الشرجبي ذلك الاتفاق الذي لم يعالج المشاكل الحقيقية، ما يجعل فرص فشله كبيرة.
كما يعني تخلي “الانتقالي” عن مشروعه الانفصالي خطابياً، دخولهم في دوامة الصراعات الداخلية في ما بينهم، إذ لا يوجد أي هدف يوحدهم إلا رفع شعار التمسك بالانفصال، على حد قول الشرجبي، الذي بدا له استمرار حصول “الانتقالي” على دعم واضح من قبل طرف ما (في إشارة إلى الإمارات) للاستمرار في مطالبه، وهو أيضاً سبب إضافي لعدم صمود اتفاق الرياض طويلاً، أو التأسيس عليه لبناء أو للانتقال لمرحلة أخرى.
ويضيف: “وإن صحت الأخبار المتداولة بشأن الوصول لاتفاق نهائي لحرب اليمن، فإن هذه فرصة لـ”الانتقالي” لأن يعلي من سقف طموحاته قبيل الدخول في أية مرحلة تفاوضية، خصوصاً أن اتفاق الرياض ساوى بين الشرعية وبينهم في تقرير المسائل للحل النهائي”.
يُذكر أن وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، ذكر مؤخراً لقناة “العربية” أن هناك إمكانية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين الذين سيكون لهم دور في مستقبل اليمن، ومن ثم بحث مسألة التسوية السياسية التي ستنهي الحرب في البلاد.
جاءت تصريحات الجبير عقب محادثات غير مباشرة تمت بين الرياض وجماعة الحوثي، جرى أغلبها في مسقط.

مقالات مشابهة