المشاهد نت

العقيق اليماني سلعة اقتصادية مهملة

صنعاء – فارس قاسم:

يعد العقيق اليماني واحداً من أهم ما يميز هذا البلد العربي العريق على مستوى العالم، إذ تقول المصادر إن “أرسطو” أشار إلى أن أجود الأحجار ما يجلب من اليمن، وأحسنه ما اشتدت حمرته، غير أن عوامل كثيرة، من ضمنها غياب اهتمام الدولة، أسهمت في عدم الاستفادة من هذا القطاع بالشكل الأمثل. وفوق ذلك والأهم، فإن الحرب المستمرة في البلاد منذ 5 سنوات، دفنت عقيق اليمن الذي يعد كنزاً لا يستفاد منه كما ينبغي.
والعقيق اليماني هو تلك الفصوص الملونة التي تزين خواتم الملوك والرؤساء ومواطنيهم من الرجال والنساء على حد سواء، وربط الإنسان قديماً وحديثاً الأحجار ببعض الفوائد، وظن أن لبس العقيق يسر الخاطر ويجلب الخير ويطرد الأرواح الشريرة، وأن الفيروز يجلب النصر، وأن بعض أنواع العقيق له قدرة على امتصاص السم، أو توقيف النزيف.
وحول هذا يقول عبدالكريم سالم، وهو أحد الحرفيين في المركز الوطني لتطوير الحرف اليدوية بصنعاء القديمة، إن شهرة العقيق اليماني لم تأتِ من فراغ، وإن الاعتقادات المتداولة، هي أسرار الأحجار الكريمة.
لكن الوضع الحالي أدى إلى تراجع عملية البيع والشراء، نظراً لما يعيشه الناس من ظروف اقتصادية وأمنية وسياسية، بحسب علي الشرهان، وهو عامل في محل لبيع العقيق بصنعاء القديمة، مؤكداً لـ”المشاهد”، بالقول: “العقيق أنواع، منها الأحمر، ومنها المزهر والمصور. هذا العقيق مصور فيه علم الجمهورية اليمنية…”، وعرض فصاً من مجموعته.

العقيق اليماني سلعة اقتصادية مهملة

مراحل إنتاج العقيق

ويمر العقيق بمراحل إنتاجية عديدة، قبل أن تصل فصوصه إلى ألوانها الزاهية من الأحمر إلى البنفسجي والمزهر، بدءاً بعمليات استخراجها من مناجمها الشهيرة في محافظة ذمار، وفقاً للحرفي سالم، الذي يضيف: “نبدأ بأخذه من مناطق تواجده في المناجم، ثم نقوم بتنظيفه من الصخور الملتصقة به، ثم يمر بمرحلة التقطيع، ثم القص والتلميع، ثم مرحلة التجمير، حتى يأخذ لونه الطبيعي، ويكون زاهياً بعد الصقل، حتى يصل إلى هذه المرحلة”.
وعن أوضاع العاملين في تقنية وصناعة العقيق اليماني، يتحدث الحرفي عبدالقاهر عبدالعزيز، قائلاً: “هذه الأيام ما بش عمل، من قبل كان هناك إقبال وبيع وشراء مع توافد حركة السياح، أما الآن فلا يوجد سياح. الآن البضائع كلها راكدة”.
ومازال استخراج وإنتاج العقيق في اليمن، يتم بالطرق البدائية التي استخدمها اليمنيون قبل آلاف السنين، بحسب الحرفي علي محمد صدقة، الذي يعمل في العقيق والفضة منذ أكثر من 35 عاماً، وقال إن طريقة الخرم التي استخدمها اليمنيون منذ آلاف السنين، لازالت قائمة ومعمولاً بها حتى اللحظة، وأنهم يجدون في بعض المناطق والمناجم بقايا الأحجار التي استخرج منها اليمنيون القدامى فصوص العقيق.

العقيق اليماني سلعة اقتصادية مهملة

أماكن تواجده

إقرأ أيضاً  شراء الملابس المستعملة للاحتفال بالعيد

ويتواجد العقيق في عديد المناطق اليمنية، خصوصاً في محافظات صنعاء وذمار وحضرموت ولحج.
يقول إبراهيم شرهان، وهو مدير مملكة العقيق اليماني في صنعاء القديمة: “العقيق اليماني له شهرة عظيمة من قديم الزمان، من أيام الحميريين، وهو أرقى أنواع العقيق في العالم. يوجد في كافة جبال اليمن على شكل عروق، وما يتم استخراجه من جبال آنس بمحافظة ذمار، هو الأرقى، تليها عنس في المحافظة نفسها”.
ويضيف شرهان لـ”المشاهد”: “العقيق الأحمر والرماني هما الأجود والأفضل والأرقى، إضافة إلى العقيق المصور، أي الذي توجد عليه أشكال، لها رونق خاص، مثل لفظ الجلالة، سبحان الله، وبعض الفصوص تأتي مرسوماً عليها مركبات كالطائرات والسيارات، أو سيف، وصور شخصيات، يأتي أحياناً على أشجار الطبيعة مع غروب شمس، أو خيل”.

العقيق اليماني سلعة اقتصادية مهملة

من يقتني العقيق اليماني؟

يتنافس المتنافسون على اقتناء هذه الأحجار الكريمة، لكنّ للطائفة الشيعية تحديداً شغفاً لا يضاهى بأحجار العقيق، كما يقول سالم، ويضيف: “85% من إنتاج العقيق في اليمن يباع لأفراد الطائفة الشيعية، وتحديداً في إيران والكويت والبحرين، و15% تتوزع بين مختلف دول العالم. أما ما يقتنيه اليمنيون فلا يتجاوز 1%”.
لكن استيراد العقيق إلى البلاد من دول كالصين والبرازيل وغيرهما، إحدى الإشكالات التي تواجهها صناعة العقيق في اليمن، وأهم الصعوبات التي يشكو منها الحرفيون والعاملون، الذين ترك معظمهم هذه المهنة لصالح مهن أخرى، بحسب الحرفي وبائع العقيق، محمد علي معصار، الذي يضيف: “الصين تحطم العقيق اليمني، بإنتاجها الكبير والأرخص سعراً، حيث تنتج كثيراً من المسابح والأفصاص والقلائد وغيرها، يقولون إنه عقيق، والله أعلم، لأنه كله مضغوط ليزر”.
ويقول الحرفي علي صدقة: “كثير من التجار يستوردون خامات خارجية من البرازيل والصين وجنوب أفريقيا… ويشتغلونها في اليمن على أساس أنها منتج يمني أصلي، وهذا غش واضح، ويؤثر سلباً على العقيق اليماني”.

قطاع اقتصادي واعد

من جهته، طالب تاجر العقيق محمد شامية، الحكومة اليمنية، بعدم النظر إلى هذا القطاع بنظرة قاصرة، مؤكداً ضرورة الاهتمام به بالشكل المطلوب باعتباره قطاعاً اقتصادياً واعداً، وقال إن زيادة إنتاج العقيق اليماني والتسويق داخلياً وخارجياً، وفق أسس حديثة، وإنشاء مكتب خاص لبيع المنتجات اليمنية في الخارج، وفتح باب الاستثمار وفق رؤية واضحة وسليمة، سيوفر آلاف فرص العمل للعاطلين، فضلاً عن إيرادات بالعملة الصعبة للخزينة العامة للدولة.
كما يطالب معصار، الحكومة، بتسهيل وتنظيم عملية استخراج العقيق، بحيث لا يتم بطريقة عشوائية، وحظر استيراد العقيق من الخارج.

مقالات مشابهة