المشاهد نت

الريال الإلكتروني… نظام فاشل في بيئة غير مهيأة

صنعاء – حسان محمد:

وسط حرب اقتصادية، يجد التاجر محمد الحطامي نفسه حائراً بين قرارات بنكي صنعاء وعدن، التي تشعره بقلق من إشهار إفلاسه مع كثير من التجار، بسبب السياسة المالية الحالية، وغياب البيئة الملائمة للاستثمار والعمل.
ويعد الريال الإلكتروني الذي يطلب بنك صنعاء من التجار التعامل به، بعد سحب العملة الجديدة من السوق، بحجة عدم قانونيتها، إحدى المشاكل التي تواجه التجار وقطاع المصارف بشكل عام.
يقول الحطامي لـ”المشاهد”: “لا يمكن أن يوافق التجار على التعامل بالريال الإلكتروني، ما لم يكن هناك نظام وقواعد تضمن الحفاظ على حقوقنا وممتلكاتنا المالية، ولا يمكن أن نقبل السير بأنفسنا نحو الإفلاس”.
وفي حين أصدر البنك المركزي بصنعاء تعميماً بسحب العملة الجديدة وتعويض المواطنين بالعملة القديمة أو بالريال الإلكتروني للمبالغ الكبيرة، خلال شهر يبدأ في 19 ديسمبر الماضي، حذر مركزي عدن من التعامل بالريال الإلكتروني، ومن أية وسائل دفع غير مرخصة قانونياً تستهدف الاقتصاد الوطني وسلب مدخرات المواطنين، بحسب بيانه الصحفي.

ما هو الريال الإلكتروني؟

ويعد الريال الإلكتروني خدمة مالية يتم تنسيق العمل بها مع شركات مصرفية وخدمية، بحيث يتحول رقم هاتف المشترك إلى رقم حساب يتم استخدامه عبر الموبايل الشخصي في إدارة عدد من العمليات المالية، ولهذا يرى البعض أن الريال الإلكتروني يعد حلاً مثالياً لأزمة السيولة وتدهور سعر العملة المحلية، ويمكن تطبيق التعامل به على أرض الواقع.
وهذا ما يؤيده مصدر مسؤول في الغرفة التجارية بأمانة العاصمة، مبرراً أن الناس في معظم بلدان العالم لا يحملون النقود الورقية، ويتعاملون بالنقد الإلكتروني.
ويؤكد المصدر -الذي فضل عدم ذكر اسمه- لـ”المشاهد” أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بصنعاء، ليست ارتجالية، وجاءت بطلب من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين شددا على ضرورة وضع إجراءات لتدهور القيمة السعرية للعملة الوطنية وارتفاع الأسعار.
وبحسب المصدر، فإن البنك المركزي بصنعاء سيكون الحامل لتداول العملة الإلكترونية، بعد وضع آليات للتنسيق مع التجار والبنوك، وستمثل العملة الجديدة التي تم سحبها من السوق، الكتلة المالية التي سيسير عليها البنك عملية التعامل بالعملة الإلكترونية، لكنها لن تصل إلى أيدي المستفيدين.
إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور طه الفسيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، يرى أن نظام الريال الإلكتروني لا بد أن يقوم على قواعد وأصول معينة، وليس على قرارات عشوائية، ويحتاج إلى بنية إلكترونية بين البنوك والمصارف.
ويقول الفسيل لـ”المشاهد”: محاولة التعامل بالريال الإلكتروني بدأت من عدة سنوات، ولم يستطيعوا تطبيقها في الأوضاع الطبيعية، نظراً لعدم وجود البنية التحتية، ومن الصعب تطبيقها في الوضع الراهن، خصوصاً أن القطاع المصرفي متخلف كثيراً في البنية الإلكترونية، والبيانات غير متاحة حالياً، بالإضافة إلى تدهور البنية المالية.
وبحسب محللين اقتصاديين، ستظهر عدة مشاكل لو نجح التعامل بالعملة الإلكترونية، منها قلة ما تسمى نقاط البيع، وبالتالي سيكون الشراء ملزماً من مراكز وسلع محدودة، وبأسعار مرتفعة عن القيمة الحقيقية، بالإضافة إلى أن ارتباط الخدمة برقم هاتف، وليس بنظام حساب بنكي، يعرض المشترك لضياع نقوده في حالة حدوث مشكلة فنية، ويجعل أمنه المالي في مهب الريح.

إقرأ أيضاً  عادات وتقاليد العيد في المحويت

مخاوف المودعين

ويعد الريال الإلكتروني أقرب إلى العملات الرقمية التي تصبح بلا قيمة بسبب عمليات الغش أو الاختراق، ونظراً للتعامل خارج قواعد التعامل الرسمية، فلا يوجد أي سند أو وثائق للمودع في حال خسر ثروته، كما يؤكد تقرير بنك التسويات الدولي BIS في سويسرا أو ما يسمى البنك المركزي العالمي للبنوك المركزية الوطنية.
وأشار التقرير الصادر في يونيو 2018، إلى أن الثقة يمكن أن تتبخر نتيجة هشاشة عملية التدقيق، واحتمالية عدم إتمام المعاملة لأي سبب يعني خسارة المتداول بالعملات الافتراضية للثروة، منوهاً إلى أن سرعة التعامل بالعملات الافتراضية بعيداً عن الأنظمة المالية الرسمية، تقل نتيجة التدقيق، فكلما ارتفع عدد العملات المتداولة، زاد الوقت المطلوب للتداول، وصولاً إلى عدة ساعات، مقارنة مع شركتي بطاقات الائتمان فيزا وماستر كارد، اللتين تنتهيان 5600 عملية في الثانية.
وعلى الرغم من منح حكومة صنعاء تعويضات بالريال الإلكتروني لمن سحبت منهم الأوراق النقدية الجديدة، إلا أنه إلى الآن لم يتم الإعلان عن الشركة الراعية للمشروع، وماتزال الأوعية الإيرادية الحكومية ترفض التعامل بالنقد الإلكتروني.
وبحسب الدكتور الفسيل، فإن رفض قبول مصلحة الجمارك ومصلحة الضرائب التعامل مع التجار بالريال الإلكتروني، يهز ثقة الناس ورجال الأعمال بقرار الحكومة، ويضع حوله العديد من علامات الاستفهام.
ويؤكد الفسيل أن النظام البنكي حالياً خارج الإطار المحدد، والقرارات التي تتخذ بين المراكز المالية لا تتم دراستها عملياً وموضوعياً، وتكون عبارة عن ردود أفعال، مما يجعل البنوك والتجار في إشكالية كبيرة.

مقالات مشابهة