المشاهد نت

اليمن في 2019… الحصاد المأساوي المتجدد كل عام

القاهرة – عبدالله الدهمشي:

تستمر المأساة اليمنية وسط دوامة ثلاثية تتكرر بالجمود السياسي والعجز العسكري والفساد الأممي، بحيث لا تتقدم أطراف الصراع ولا تتأخر كثيراً عن واقع تتسيده المأساة المتجددة كل عام.

المسار العسكري:


شهد العام 2019، تحركات عسكرية أظهرت براعة حوثية في المناورة والقدرة على تعزيز معنوياتهم بأكثر من طريقة متقنة، بينما تعرضت جبهة الحكومة لعدد من الصراعات التي ضاعفت تفكك تحالفاتها، وزادت من حدة صراعاتها.


1- مناورات الحوثيين:


اغتنم الحوثيون فرصة الهدنة التي أتاحها لهم المبعوث الأممي مارتن غريفيث، باتفاق ستوكهولم الذي أنقذهم من خسارة عسكرية في الحديدة تستكمل خسارتهم لمعظم الساحل الغربي لليمن، فشنوا عملية عسكرية على قبائل حجور بمحافظة حجة، في الـ10 من يناير 2019، وعلى مدى شهرين تكبدوا فيها خسائر فادحة، تمكنوا من إخضاع حجور في الـ10 من مارس 2019.
في الـ10 من يناير 2019، استهدف الحوثيون عرضاً عسكرياً بقاعدة العند في محافظة لحج، بطائرة مسيرة، حيث قتل في الهجوم نائب رئيس هيئة الأركان في جيش الحكومة، اللواء صالح الزنداني، ورئيس الاستخبارات العسكرية اللواء محمد صالح طماح، ولم تتأكد صلتهم بعملية اغتيال أبي اليمامة في عدن، وعملية “أرامكو” في “بقيق” السعودية.
وفي مايو 2019، تقدم الحوثيون نحو الضالع، في معارك أظهرت تقدماً لهم في قعطبة ومناطق أخرى، لكن المقاومة الجنوبية تمكنت من دحر الحوثيين، وتكبيدهم خسائر فادحة في الأفراد والمعدات. واتهمت قوات الحزام الأمني الحوثيين بالهجوم الذي استهدف عرضاً عسكرياً بالضالع، في 29/12/2019، وأسفر عنه مقتل 8 جنود وجرح آخرين.
وكانت أشهر عملية أعلنها الحوثيون في 2019، هي ما سموه عملية “نصر من الله”، التي قالوا إنها أسفرت عنها السيطرة على 3 ألوية عسكرية تابعة للحكومة وفصيل سعودي، مطلع سبتمبر 2019. وعلى الرغم من هذه العمليات التي أظهرت قدراً من قدرة الحوثيين على المبادرة، إلا أنها ظلت في إطار المناورة التي تخدم رفع معنويات الحوثيين، ولا تتحرك نحو تقدم استراتيجي في جبهات المواجهة.


2- صراعات الحكومة :


استمر تفكك تحالف الحكومة وصراعاته في العام 2019، حيث تواصلت الصراعات في تعز بين حزب الإصلاح وسلفيي أبي العباس، وامتدت إلى “الحجرية”، غير أن أكبر وأخطر صراع بين مكونات تحالف الحكومة، كان الصراع الذي شهدته المحافظات الجنوبية في أغسطس وسبتمبر من العام 2019.
في الفاتح من أغسطس 2019، أعلن الحوثيون عن هجوم بطائرة مسيرة “قاصف k2” وصاروخ باليستي متوسط المدى لم يكشف عنه سابقاً، وأسفر عن الهجوم على عرض عسكري بمعسكر الجلاء في عدن، مقتل عدد من العسكريين، بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد، منير محمود أحمد المشالي، الملقب بأبي اليمامة اليافعي، وكان الحادث مقدمة لتوترات متزايدة في عدن قادت إلى صراعات مسلحة مباشرة.

من 7 إلى 11 أغسطس الماضي ، عاشت عدن أياماً من الموت المتناثر في الشوارع والأرصفة في مواجهات بين قوات الأحزمة الأمنية المدعومة إماراتياً والقوات الحكومية ، انتهت الاشتباكات بسيطرة قوات المجلس الانتقالي على محافظة عدن.


من 7 إلى 11 أغسطس الماضي ، عاشت عدن أياماً من الموت المتناثر في الشوارع والأرصفة في مواجهات بين قوات الأحزمة الأمنية المدعومة إماراتياً والقوات الحكومية ، انتهت الاشتباكات بسيطرة قوات المجلس الانتقالي على محافظة عدن.
امتدت المعارك إلى محافظة أبين، التي انتهت يوم 20 أغسطس، بسيطرة المجلس الانتقالي على المحافظة، وتحركه نحو محافظة شبوة، في معارك امتدت يومين، وأسفر عنها اندحار قوات “الانتقالي”، وتمكن القوات الحكومية من السيطرة على عتق، ومن ثم التقدم نحو محافظة أبين، والوصول إلى مشارف عدن، يوم 28 أغسطس، غير أن طيران الإمارات قصف تجمعاتها العسكرية عند نقطة العلم، وأسفر عن القصف مقتل 300 جندي.
بدأت السعودية التدخل في هذا الصراع من شبوة، ودعت أطراف الصراع لوقف الفتنة وتوحيد الصف في مواجهة الحوثي، والذهاب إلى الحوار في جدة، برعاية الأمير خالد بن سلمان، بينما أعرب مجلس الأمن عن قلقه البالغ من التطورات الأخيرة جنوب اليمن، ومحاولات الاستيلاء على مؤسسات الدولة باستخدام العنف، مجدداً تأكيده والتزامه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

“تحالف دعم الشرعية”:


في الـ8 من يوليو 2019، تحدثت مصادر في أبوظبي، عن عزم الإمارات الانسحاب من معظم مناطق وجودها العسكري في اليمن، وذلك عبر استراتيجية جديدة تعمل فيها الإمارات على تحقيق الحل السياسي للأزمة اليمنية، والبدء في عملية سلام شاملة من خلال إعادة الانتشار العسكري، ابتداءً من مأرب، حيث سحبت الإمارات بطاريات باتريوت.
لكن الانسحاب العملي كان من قاعدة العند، وعدن، في 9/10/2019، مع القوات السودانية المرابطة هناك، وبدا عملياً أن الإمارات تسلم دورها للقيادة السعودية التي تسلمت المهام عملياً في المهرة وشبوة، ومن ثم في عدن، قبل وبعد اتفاق الرياض.

المسار السياسي:


تعثر تنفيذ اتفاق ستوكهولم الذي عده المبعوث الأممي مارتن غريفيث، اتفاقاً طوعياً بين الحوثيين والحكومة، يهدف إلى تأمين الملاحة في موانئ الحديدة، وتبادل الأسرى، وإنجاز تفاهمات حول محافظة تعز، حيث مر العام دون إنجاز أي تقدم في الملفات الثلاثة.
أثار امتداح غريفيث للانسحاب الأحادي من موانئ الحديدة من قبل الحوثيين، في إحاطته لمجلس الأمن، في 23/5/2019، غضب الحكومة التي طلب برلمانها منها وقف التعامل مع المبعوث الأممي، وبعث الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسالة أبلغه فيها عدم قبوله بقاء غريفيث في مهامه إلا بتوفير الضمانات الكافية من قبل غوتيريش شخصياً، بما يتضمن مراجعة تجاوزات غريفيث، وتجنب تكرارها.
قال الرئيس هادي إن غريفيث يتصرف خارج إطار القرار الأممي 2216 الذي حدد الطرفين الأساسيين فقط، وهما الحكومة وجماعة الحوثي كطرف لا يمتلك أية صفة حكومية. وتحدث هادي عن توقف المبعوث الأممي عن التعاطي مع ملف الأسرى والمعتقلين، وذلك بسبب تجزئة غريفيث لاتفاق ستوكهولم، معتبراً أن تجاوزاته تعتبر بمثابة تهديد لفرض الحل السياسي.

شهد العام 2019، عدداً من صفقات تبادل الأسرى بين الحوثيين وكل من السعودية والمجلس الانتقالي والسلطة المحلية بتعز، مع فشل الجهود المبذولة في فك الحصار عن مدينة تعز وفتح ممرات آمنة.


ولم يشهد العام 2019، أي تحرك سياسي بين أطراف الأزمة سوى الحوار الذي رعاه الأمير خالد بن سلمان، في جدة، وأسفر عنه اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي ذي النزعة الانفصالية، وهو الاتفاق الذي يتعثر تنفيذه والالتزام ببنوده، سوى ما فرضته السعودية قبل الحوار وأثناءه وبعده، من هدنة عسكرية.
وفي أطر غير رسمية، شهد العام 2019، عدداً من صفقات تبادل الأسرى بين الحوثيين وكل من السعودية والمجلس الانتقالي والسلطة المحلية بتعز، مع فشل الجهود المبذولة في فك الحصار عن مدينة تعز وفتح ممرات آمنة.
غير أن مسؤولاً سعودياً رفيع المستوى، كشف عن قنوات اتصال مفتوحة بين المملكة والحوثيين، منذ نهاية العام 2016، وهي الاتصالات التي ترعاها واشنطن، ويجري جزء منها في سلطنة عمان التي زارها الأمير خالد بن سلمان، عقب التوقيع على اتفاق الرياض، في 5 نوفمبر 2019، لبحث المخاوف العمانية من الانتشار العسكري على الحدود الغربية للسلطنة في محافظة المهرة اليمنية، وأدت إلى توجه عماني عُرف بخلية مسقط للتنسيق بين السلطنة وقطر وإيران في مواجهة السعودية والإمارات.
على المسار السياسي حقق الحوثيون اختراقاً كبيراً في جدار العزلة الدولية، عبر طهران التي فتحت لهم سفارة اليمن، ورعت اتصالات للحوثيين مع سفراء الدول الـ5 والسفير السويسري في إيران، بالإضافة إلى نجاح نشطاء الحوثيين في اختراق منظمات دولية تعنى بالمجال الإنساني وحقوق الإنسان.

فساد أممي:


تناولت تقارير إعلامية وثائق ومستندات تكشف وقائع فساد صاحبت أداء المنظمات الأممية العاملة في اليمن، منذ اندلاع الحرب، عام 2015م، منها التواطؤ مع الحوثيين في نقل وتخزين المساعدات الإنسانية، واستخدام قيادات حوثية للسيارات الأممية، وإبرام عقود مشبوهة دون مستندات، وتوظيف غير المؤهلين، والتلاعب بأرصدة بالملايين، وفقدان أطنان من الأدوية والمتاجرة بها.

مقالات مشابهة