المشاهد نت

مشاورات جنيف: هل يتحقق حلم الأمهات بالإفراج عن المعتقلين؟

عدن – وفاء غالب

بدأت، مطلع الأسبوع الجاري، المشاورات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، في جنيف السويسرية، بشأن ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسراً، بعد فشل تحقيق إحراز تقدم حقيقي فيه منذ بداية الحرب عام 2015 وحتى اليوم.

وتم فتح هذا الملف الإنساني مراراً، سواء في إطار مشاورات السلام بجولاتها المختلفة، أو بشكل منفرد مثلما حدث مؤخراً في الأردن الذي عُقد فيه عدة اجتماعات بين الحكومة والحوثيين، هدفت إلى إحراز تقدم، لكن كالعادة كانت النتيجة هي الفشل.

ويتزامن ذلك، مع تحركات مكثفة يقوم بها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي بدأ مؤخراً مشاورات جديدة حول مسودة معدلة تشمل وقف إطلاق النار وترتيبات اقتصادية، والذهاب إلى مشاورات السلام المتعثرة، والتي باتت أكثر تعقيداً من ذي قبل.

وطالبت رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً، في رسالة وجهتها لوفدي الحكومة والحوثيين المشاركين بالمشاورات، برد الاعتبار والتعويض للضحايا، وإغلاق السجون غير الرسمية والسرية، مؤكدة أن إطلاق سراح المعتقلين التزام أخلاقي وواجب قانوني، لبناء الثقة والمضي نحو سلام عادل وشامل.

وكالعادة، تتبادل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي الاتهامات بشأن سبب الإخفاق في التوصل لحل هذا الملف، إذ تقول الأولى إن الثانية تقوم بإعطائهم كشوفات تتضمن أسماء غير موجودة أصلاً في سجونها.

ورغم نجاح الوساطات المحلية بشكل أكبر في الإفراج عن بعض الأسرى من الجنود، وتمت صفقات تبادل عديدة، خلال السنوات الماضية، بين الحوثيين وجهات تتبع الحكومة، من بينها تلك التي حدثت بعد تفشي فيروس كورونا في اليمن، إلا أنها لم تشمل شخصيات بارزة يراهن الحوثيون عليها، ويحرصون على بقائها في يدهم، مثل السياسي والقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، ووزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي.

الأسرى: ورقة ضغط تحرمهم الحرية

يعود الحراك مجدداً في ملف الأسرى والمعتقلين، بالتزامن مع اشتداد المعارك بين الحكومة ومعها التحالف الذين يقاتلون ضد الحوثيين في جبهة مأرب (شرق البلاد)، والتي تشكل نقطة تحول في المعارك الحالية، بخاصة أنها تحدث بعد تغييرات بارزة تكشف عن بعض ملامح اليمن مستقبلاً.

عن سر تمسك جماعة الحوثي بهذا الملف دوماً، يقول المحلل السياسي عادل الأحمدي، إنها تعتقد أن المعتقلين ورقة ضغط يمكن أن يدفع بعض الأطراف اليمنية أو الحكومة ككل للرضوخ لابتزازها.

وبخصوص الجدوى من ذلك وفيما إذا حقق لها نجاحاً، أكد الأحمدي لـ”المشاهد”، قائلاً: “خلال الفترة السابقة، أثبتت الأيام أنهم فشلوا في تحقيق ما يسعون إليه، لكن ذلك لم يمنع الجماعة من الإمعان في ارتكاب جريمة احتجاز الآلاف من اليمنيين بتهم باطلة”.

ويشعر الأحمدي بالأسف لقبول الحكومة التشاور مع جماعة الحوثي في هذا التوقيت، قائلاً: “كيف تعطي للحوثي شرف التفاوض معك على ملف ما، وهو يقوم بحصار مأرب وقصف أهلها بالصواريخ؟”.

ويعاني آلاف المعتقلين والمخفيين في سجون الحوثيين والحكومة، منذ سنوات. ففي عام 2019 فقط، ذكرت رابطة المختطفين أن جماعة الحوثي اعتقلت واختطفت 1326 مدنياً، تعرض منهم 704 للتعذيب وسوء المعاملة، فيما أحالت 75 للمحاكمة، وأصدرت حكماً بالإعدام على 47 مدنياً على خلفية الحرب، أما الحكومة فاعتقلت 14 مدنياً.

إقرأ أيضاً  التغلب على النزوح من خلال حياكة المعاوز

ويتهم الأحمدي الجانب الحكومي والأطراف في اليمن بأنهم لا يعطون هذا الملف حقه، ويقول: “لا يفترض الذهاب إلى طاولات المفاوضات الأممية التي لم تحقق إلى الآن أي تقدم، وبالتالي يجب البحث في كافة الخيارات لتحرير المختطفين، بما في ذلك العمل على تحرير المدن الأسيرة في قبضة الحوثي”.

ويتفق مع ذلك الناشط الحقوقي ورئيس المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عبدالرحمن برمان، الذي ينتقد الجانب الحكومي لانعدام روح المسؤولية الوطنية لديهم، وعدم إسراعهم في حل هذا الملف الإنساني.

وحتى اليوم لاتزال مختلف الاتفاقات التي تم التوصل لها سابقاً، مجمدة سواء التي وقعتها الحكومة اليمنية مع الحوثيين أو ما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”.

ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، في سبتمبر 2014، اعتقلت الجماعة الآلاف من المناوئين لها، وبعضهم دون أي سبب، فقط لابتزاز أهاليهم مادياً، وفق حقوقيين، ومارست بحقهم التعذيب الذي أدى إلى وفاة أكثر من 100 شخص، وفق تقارير حقوقية تابعة لرابطة أمهات المختطفين، والتي أكدت وجود عشرات النساء في معتقلاتهم.

فرص ضئيلة لنجاح المشاورات

وحتى الآن لم تظهر نتائج المشاورات في جنيف بوضوح، لكن مصادر مقربة من الاجتماعات كشفت لـ”المشاهد” أنه كان مقرراً تسليم الطرفين كشوفات بأسماء المعتقلين الذين يتوقع الإفراج عنهم خلال الأيام القادمة.

ولاحقاً، تداولت وسائل إعلام مختلفة أنباء بشأن وجود توافق مبدئي بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين، على إطلاق سراح شقيق الرئيس اليمني، اللواء ناصر منصور هادي.

ومن خلال مراجعته لنتائج المشاورات السابقة بشأن الأسرى، يذكر برمان أنها لم تنفذ، لكنه يحاول أن يكون متفائلاً هذه المرة، أملاً بأن ينتهي هذا الملف الإنساني بأسرع وقت، مؤكداً وجود ضغط دولي في هذا الجانب، وآخر حقوقي، وذلك بعد توقف لفترة بسبب تداعيات كورونا وإيقاف السفر وغيره.

وبرر سبب تفاؤله في حديثه لـ”المشاهد”، بوجود ضغط دولي في هذا الجانب، إضافة إلى أن الحوثيين الذين يتهمهم بعرقلة هذا الملف على الدوام، لديهم هذه المرة أعداد كبيرة من الأسرى في الحرب الأخيرة على مأرب، وسيكون هذا دافعاً لهم للمضي قدماً في عملية التبادل.

ومن خلال عمله كحقوقي ومتابعته لهذا الملف، يعتقد برمان أنه لا يمكن حله، وأن يتم التبادل بالشكل المطلوب، إلا في حال تم فصل ملف المعتقلين والمخفيين عن العملية السياسية برمتها، والتعامل مع الملف كحقوقي إنساني، باعتبار أن الحق بالحرية والسلامة لجميع المواطنين هو حق أصيل، لا يمكن أن يربط بعملية سلام؛ فإذا اتفق المتحاربون يُفرج عنهم، وإذا فشلوا يظلوا في المعتقلات، متسطرداً: “هذا أمر غير أخلاقي وغير إنساني، ويجب أن يفصل ملف المعتقلين، ويتم التعامل معه وفق القوانين والقيم الإنسانية”.

واستنتج في معرض حديثه، أن جماعة الحوثي تحاول أن تظهر كالمتحكم بأية عملية حرب أو سلام وغيره، وهذا ما يجعلها تحرك ملف المعتقلين متى ما شاءت، وتغلقه متى ما تريد، وهو تكتيك تلجأ له، لتظهر أنها المتحكم أمام خصومها، على أن لديها الثقل، والحل بيدها، وتقبل أو ترفض.

مقالات مشابهة