المشاهد نت

حنان.. تكافح “بعربة الكشري”

عدن – كيان شجون

ثمة نجاح يولد من رحم المعاناة, هذا ما فعلته حنان عبده البديجي التي استطاعت أن تغيّر مجرى حياتها من ربة للمنزل إلى صاحبة عربة “ملك الكشري لبيع المأكولات السفري”.

ثلاثينية العمر من مواليد عدن, وهي أم لولدين وبنت. تحمل دبلومًا تجاريًا متوسطًا, وهو ما ساعدها في إدارة مشاريعها. جراء الظروف الاقتصادية التي تمر التي تمر بها اليمن, انخرطتْ بعدد من الدورات لتعلم صناعة البخور والخياطة والكمبيوتر والكهرباء والتسويق واكتسبت بعض الخبرة للعمل.

تقول حنان: “قبل الحرب بفترة وجيزة كنت أقوم بصناعة البخور والعطور وأبيعها لبعض المحلات وبعض الزبائن الذين يأتون إلى منزلي”, لمساعدة زوجها الذي كان يعمل طباخًا في أحد مطاعم بكريتر/صيرة قبل أن يفقد عمله جراء الحرب.

تضيف لـ”صوت إنسان”: “إلى جانب بيع البخور, عملت بالخياطة. كنت أخيط الجلابيات والمقارم [أردية نسائية لتغطية الجسد والرأس] وأبيعها. استمررت في العمل إلى أن جاءت الحرب التي غيّرت حياة الكثير من الناس وأنا واحدة منهم”, موضحة “خرج زوجي من العمل بعد إغلاق المطعم الذي كان يعمل به”.

كثرة مصاريف المنزل

بدأتْ البديجي تفكر في عمل مشروع جديد لإدرار دخل أكثر من بيع البخور والعطور “لأن مصاريف المنزل بدأت تزداد نتيجة الغلاء وارتفاع الأسعار, وما أحصل عليه من بيع البخور والعطور لم يعد يكفي”, لتذهب إلى الاقتراض تمهيدًا للعمل المشترك مع زوجها هذه المرة.

يقاطعنا زبون دائم المواظبة على شراء لـ”الكشري” من عربتها, كما أخبرتني, تواصل: “الحمد لله توفقت في أخذ 900 ألف ريال (قرابة 2500 دولارًا أمريكيًا حينها) كقرض أبيض [دون فوائد] من منظمة جسور في عدن عام 2017″, وهو ما مكنها من بدء المشروع الذي أسمته “ملك الكشري أبو عمر”, لتبدأ بـ”بيع العتر, ثم أضفت المعكرونة الإيطالية إلى جانب البطاط بالكاري الحار والبطاط بالحُمَر”, أي البطاطس المطبوخة بالتوابل والتمر الهندي حلو المذاق حامضه, وهي أكلات شعبية مرغوبة في عدن ومحافظات جنوبية مجاورة.

“الوجبة الأساسية” في عربة حنان هي “الكشري” التي تعد من أشهر الأكلات الشعبية في مصر وتتكون من المعكرونة والأرز والعدس الأسود والبصل المقلي وصلصة الطماطم الحارة.

تقول: “كنت في بداية مشروعي أبيع في محل [حانوت صغير] وأدفع إيجارًا شهريًا 60 ألف ريال [تزيد قليلًا عن 160 دولارًا أمريكيًا حينها] بالإضافة إلى استئجار مطبخ في مكان آخر مقابل 25 ألف ريال في الشهر, وكان المشروع ناجحًا” قبل ارتفاع أسعار الإيجارات جراء انهيار قيمة العملة المحلية, “طلب مني المؤجر مبلغ 500 ريال سعودي مما اضطرني  للخروج منه وإيقاف البيع حتى أجد محلًا اخر بإيجار معقول, لكني لم أجد ما يتناسب ودخل المشروع”.

إقرأ أيضاً  الأسر المنتجة تسعد الفقراء في العيد

“لم أشعر بالنقص مجتمعيًا”

توضح “أوقفتُ المشروع ما يقارب السنة, لكنني لم أستسلم. ساندني زوجي وأهلي إضافة إلى زبائني, جميعهم شجعوني على الاستمرار, فقررت أن أبيع في عربة زجاجية في الشارع”, تتساءل: “إذا بقيت وزوجي بدون عمل فمَن سيصرف على أسرتي؟”

اختارت حنان شارع الهُرَيش [الملك سليمان سابقًا] مكانًا للبيع بالقرب من المتحف الحربي “الحمد لله عدت بشكل أفضل عما قبل. كان هناك إقبال كبير على العربة وحصلت على احترام الناس لي ولم أشعر بالنقص مجتمعيًا كوني امرأة وأبيع في الشارع”.

وجاء كورونا…

مع تسجيل أولى الحالات بفيروس كورونا في عدن, نهاية أبريل/نيسان 2020, تأثرت معظم المصالح التجارية في المدينة وفي المقدمة أصحاب المشاريع الصغيرة “في فترة الوباء ونتيجة الحظر الذي فُرض على البلد, كان الشغل قليل جدًا لكني استمررت هذه المرة أيضًا, حمدًا لله, في رمضان وما بعده [ما بين أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2020]“, ومع أن عملها تأثر سلبًا كغيرها لكنها سعت جاهدة لعدم التوقف “حرصت على الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع عدد من الزبائن وهو ما مكنني من دفع إيجار المكان الذي أقوم بالطبخ فيه”, مشيرة إلى أنها عادت للعمل بعد انحسار المرحلة الأولى من الوباء “وعوضت تلك الخسارة”.

وجبات جديدة.. كشك صغير

تكمل حديثها وسط ضجيج السيارات التي تملأ الشارع وحركات المارة: “أريد تطوير المشروع بإضافة وجبات جديدة مثل الشاورما والبرجر, لكن قبل ذلك أريد أن أجد مكانًا مناسبًا لبيع هذه الوجبات وأن أحصّل مبلغًا مناسبًا لشراء أدوات الطبخ هذه”.

تتمنى حنان أن تجد منظمة داعمة أو جهة مهتمة بتمكين النساء ذوات المشاريع الصغيرة, وهي منهن, للحصول على مكان مناسب للعمل ككشك صغير, بغض النظر عما إذا كان مصنوعًا من الخشب أو الألمنيوم, كما قالت.

آمل بمطعم بدل العربة

“أصررت أن أغيّر حياتي لأكون شخصية عاملة وفاعلة في المجتمع,  والحمد لله بدأت أحقق هدفي وكسبت الكثير من الزبائن كما زادت طلبيات المناسبات مثل الأعراس وغيرها”, وهو ما سيجعل عزيمة حنان وإصرارها “أقوى من ذي قبل؛ لتكملة المشروع الذي بدأت به”, كما تقول, متمنية “أن يكون لدي مطعم كبير بدلًا من عربة صغيرة في الشارع”.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ”صوت إنسان” “وفقا لإتفاق بين “المشاهد” والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة