المشاهد نت

التعليم في” اليمن” بين الابتزاز وظروف الحرب

التعليم في" اليمن" بين الابتزاز وظروف الحرب

بات التعليم في اليمن في ظل الحرب عبء يلتهم موازنات ضخمة من مقدرات الأسر الساعية إلى الحاق ابنائها في قطاع التعليم الحكومي والخاص على حد سواء.

مع بدء عام دراسي جديد تواجه الأسر اليمنية وخصوصاُ الفقيرة أزمة خانقة في قدرتها على الحاق ابنائها في المدارس والجامعات بظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي  يعانيها اليمنيين مع الحرب التي تدور راحها منذ ما يقرب من عامين .

ومثلت ظروف الحرب فرصة ثمينة لكثير من المؤسسات التعليمية التي لا تزال ابوابها مفتوحة بظل الحرب،  لاستغلال  الطلاب الراغبين في الالتحاق بالتعليم فيها وذلك من خلال المبالغة في رفع تكاليف الرسوم كما هو حاصل في المدارس والجامعات الخاصة ، في حين تعمد المدارس الحكومية الى اغلاق ابواب التسجيل فيها أمام كثير من الطلاب بحجة محدودية قدرتها الاستيعابية. فيما تنتهج الجامعات الحكومية سياسية توسيع قطاع التعليم الموازي وتضييق القبول في التعليم النظامي بهداف تحقيق الربح من العملية التعليمية الحكومية وهو ما جعلها لا تختلف كثيرا عن التعليم في القطاع الخاص.

طلاب خارج المدرسة

غازي عبد العزيز لديه اربعة ابناء يسعى إلى الحاقهم في المدارس الخاصة لكنه بسبب ارتفاع تكاليف الرسوم لا يستطيع الانفاق حتى على اثنين منهم.

غازي يروى معاناته في عدم قدرته على ضمان توفير فرصة تعليم جيد لا بناءه قائلاً:” جاءت الحرب ونحن نعاني من ظروف معيشية صعبة وكان بالكاد نستطيع تحمل تكاليفنا المعيشية من مصاريف يومية وتعليم ابناءنا، لكن الأن تحول واقعنا إلى حالة كارثية، لم يعد لدينا القدرة على تحمل تكاليف المعيشة أو تكاليف تعليم الابناء”.

غازي منذ انطلاق الحرب توقف عن تعليم ابناءه الاربعة في المدارس الخاصة لا سباب تتعلق بتدني دخله وصعوبة واقعه المعيشي فضلاً عن ارتفاع تكاليف الرسوم في المدارس الخاصة، وهو بالكاد تمكن من تسجيل ابناءه  في المدارس الحكومية كما يقول في حديث لـ ” المشاهد”

وتواجه كثير من المدارس الحكومية خصوصاً في المناطق التي تشهد هدوءاً امنياً نسبياً كمدينة صنعاء، اقبالاً طلابياً كثيفاً بظل عجز الأهالي عن تعليم اطفالهم في المؤسسات التعليمية الخاصة وتزايد نسب الاسر النازحة في تلك المناطق هو ما دفع بكثير من المدارس الحكومية إلى اغلاق ابوابها أمام كثير من الطلاب الراغبين في الالتحاق فيها معلنة عن بلوغ الحد الأقصى من قدرتها الاستيعابية.

( ج . ع ) مديرة مدرسة رقية للبنات الواقعة شمال صنعاء تقول في حديث لـ “لمشاهد “أن اقبال الطلاب الراغبين في الدراسة في مدرستها تزايد اكثر من 100% وأن المدرسة لا تستطيع استيعاب هذا العدد الكبير من الطلاب مما اضطر ادارة المدرسة إلى إغلاق ابواب التسجيل امام مئات الطلاب وحرمانهم من الالتحاق فيها

العودة الى المدرسة  - تصوير احمد الباشا

استغلال وفساد بلا رقيب

وبظل ظروف الحرب تبالغ كثير من المدارس والجامعات الخاصة في رفع قيمة رسوم الالتحاق فيها إلى ارقام خيالية.

وتستغل الجامعات والمدارس  الخاصة القادرة على العمل بظروف الحرب كثافة الاقبال الطلابي عليها خصوصاً مع حالات التوقف والاغلاق لكثير من المدارس والكليات الحكومية،  مستغلة ذلك برفع قيمة رسوم التسجيل فيها وهو ما فرض على كثير من الآباء التوقف عن الحاق ابنائهم في العملية التعليمية لعدم قدرتهم على دفع تكاليف الرسوم كما هو حال السيد عبدالله الشرعبي الذي توقف ثلاثة من ابناءه عن مواصلة تعليمهم الجامعي بسبب عجزهم عن دفع الرسوم الجامعية.

إقرأ أيضاً  بعد مرور عام من الوساطة الصينية بين السُّعُودية و إيران، أين يسير اليمن؟

عبدالله الشرعبي  يقول في حديث لـ ” المشاهد ” أن ابناءه الثلاثة “غادة وياسر وهشام “فاقت معدلاتهم في الثانوية العامة عن 90% وعندما حاول تسجيلهم في الجامعات الحكومية لم يستطع، فالجامعات تعلن عن 50 مقعداً في كلية الطب مثلاً ويتقدم اكثر من 9آلاف طالب للتنافس على هذه المقاعد المحدودة وفي نفس الوقت تعلن عن 250 مقعداً في نفس القسم للطلاب الموازي “هذا الفساد بعينة!” ويتساءل عبدالله “كيف تتحجج هذه الجامعات بعدم قدرتها على استيعاب أكثر من (50) طالب نظامي في حين تفتح الباب لتسجيل مئات الطلاب الدارسين بنظام الموازي؟ انها تريد الاتجار بالعملية التعليمية الحكومية بنفس الطريقة التي تنتهجها المؤسسات التعليمية الخاصة.

ويواصل الشرعبي قائلاً “لا استطيع دفع تكاليف التعليم الموازي في الجامعات الحكومية الذي يصل الى 1500$ للطالب الواحد ولا تكاليف التعليم الجامعي الخاص الذي يتراوح بين 2000و3000$ في قسم الهندسة والطب “. تواجه الجامعات الحكومية والخاصة انتقادات شديدة من قبل كثير من المراقبين للعملية التعليمية في اليمن وتعد من ابرز الانتقادات المهنية لهذه الجامعات انتهاجها لسياسات المرابحة والاتجار في العملية التعليمية  فضلاً عن ضعفها المؤسسي وضعف برامجها التعليمية وتدني مستويات مخرجاتها ناهيك عن تغلل الفساد في قطاعاتها المختلفة.

عام دارسي جديد بظل اوضاع كارثية

تستقبل العملية التعليمية في اليمن عام دارسي جديد بظل أوضاع كارثية  فوفقاً لأحدث تقرير لمنظمة اليونيسف فإن 2,108 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن لم تعد صالحة للاستخدام نظراً لكونها باتت مدمرة أو متضررة أو أنها باتت مساكن لنازحين أو يتم استخدامها لأغراض عسكرية.

وفي سياق متصل يقول تقرير لـ” مركز الدراسات والإعلام التربوي وجمعية بناء الخيرية في تعز أن أكثر من مليون و300 ألف طفل يمني حرموا من التعليم بسبب إغلاق 1600 مدرسة في عموم البلاد منذُ اندلاع الحرب. ويشير المركز أن الأطفال الذين حرموا من التعليم تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام و17 عاماً. وقال التقرير أن الحرب التي تشهدها اليمن تسببت في حرمان 1.3 مليون وثلاثمائة طفل في سن التعليم العام من مواصلة تعليمهم. ويفيد أن تلميذاً واحداً من بين كل خمسة تلاميذ لم يتمكن من مواصلة تعليمه، ما يشكل ذلك نسبته 22%، بينما أكثر من 800 ألف طفل نزحوا مع أسرهم إلى مناطق أكثر أمناً داخل البلاد، حيث يتلقون تعليمهم في مدار بديلة تفتقر إلى الحد الأدنى من البيئة المدرسية.

 

 

مقالات مشابهة