المشاهد نت

آمال معلقة على مفاوضات الأردن لإنهاء معاناة عمرها 7 سنوات من حصار تعز

صورة أرشيفية

تعز – هبة التبعي

آمال كبيرة يعلقها اليمنيون على الاجتماعات المنعقدة في العاصمة الأردنية عمان، بين ممثلي الحكومة وجماعة الحوثي، برعاية الأمم المتحدة، لنقاش رفع الحصار عن مدينة تعز، وفتح معابرها الرئيسية مع ضواحيها، وطرقها الواصلة بالمحافظات الأخرى، استكمالًا لتنفيذ بنود اتفاق الهدنة الأممية.
الهدنة التي تسري في البلاد لمدة شهرين منذ مطلع أبريل الماضي، يتضمن اتفاقها حزمة إجراءات، نفذت في غالبيتها، كالسماح بتدفق المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وتشغيل مطار صنعاء، فيما تعثر فتح طرق ومعابر تعز مع حلول موعد نهاية الهدنة التي تعلق الآمال على تمديدها.
غير أن مسار المفاوضات على ما يبدو أخذ منحى متنافرًا بين الطرفين، حد تلويح رئيس الفريق المفاوض عن الحكومة، عبدالكريم شيبان، بالانسحاب لعدم جدية الحوثيين في التفاوض حول فتح المعابر ورفع حصار تعز وفتح المعابر المغلقة منذ 2015.
وقال شيبان إن الحوثيين اقترحوا فتح معبر جبلي وعر كانت تمر منه الحمير قبل الحرب، ولن تتمكن أن تمر فيه سيارة، ويبعد عن المدينة 30 كيلومترًا، ولا يمكن أن يرفع 10% من معاناة السكان.
وأضاف أن الحوثيين يعتبرون هذا المقترح “هدية” لأبناء تعز بعدما حصلوا على ما يريدونه من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، واعتماد جوازات سفرهم غير الشرعية.
وأكد أن هناك تعنتًا واضحًا ومماطلة وعدم جدية وعدم استجابة لرفع معاناة 5 ملايين مواطن، ومطالب المتظاهرين في تعز، ملوحًا بأن الفريق الحكومي سيضطر للتوقف عن النقاش ومكاشفة الرأي العام بتعمد الحوثيين استمرار معاناة المواطنين في حال عدم استجابة الحوثيين لفتح الطرقات الرسمية المعروفة التي كانت مفتوحة قبل الحرب.
وبدأ ممثلو الحكومة وأنصار الله، الأربعاء الماضي، مفاوضات في العاصمة الأردنية عمّان، برعاية الأمم المتحدة، للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات، بعد تأخير دام أسابيع لتأخر قائمة مفاوضي الحوثيين في الاجتماع.
وتحدث المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بنبرة طغى عليها التفاؤل، واستدعاء الخطاب العاطفي الإنساني إسهامًا في تحفيز المتفاوضين على تحقيق اختراق في جدار الحصار المستمر منذ سبع سنوات.
وقال غروندبيرغ، في بيان صحفي: “لقد عانى اليمنيون لفترة طويلة من أثر إغلاق الطرق. ويعد فتح الطرق في تعز وغيرها من المناطق عنصرًا جوهريًا من الهدنة، إذ سيسمح ذلك بلمّ شمل العائلات التي فرقتها جبهات النزاع، وللأطفال أن يذهبوا إلى المدارس، وللمدنيين أن يصلوا إلى أماكن عملهم والمستشفيات، ولاستعادة حركة التجارة الحيوية”.
وأضاف: “يحقق الأطراف التزامهم بموجب الهدنة بالعمل على اتفاقية تخفف من معاناة اليمنيين في تعز والمحافظات الأخرى. نجاح هذا الاجتماع لفتح الطرق سيكون نجاحًا جماعيًا لليمن”. ودعا الأطراف “للتفاوض بحسن نية للتوصل بشكل عاجل إلى اتفاق يُسَهِّل حرية التنقل، ويؤدي إلى تحسين ظروف المدنيين”.

تمديد الهدنة

ويسعى المبعوث الأممي لتجديد الهدنة لشهرين إضافيين اعتبارًا من يونيو المقبل، مشددًا على ضرورة تمديدها وتعزيزها للشعب اليمني، تمهيدًا للدخول في مفاوضات أكثر شمولية حول القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية وتبادل الأسرى، وتخصيص الإيرادات لدفع المرتبات، ودعم تسوية سياسية شاملة للصراع.
ولأول مرة منذ اندلاع الحرب مطلع 2015، تنجح الأمم المتحدة في انتزاع موافقة الحكومة اليمنية والتحالف، والحوثيين، على الهدنة، التي أظهرت نجاحًا وصمودًا كبيرين مع بلوغ نهاية مدتها الأولى، رغم ما يشوبها من خروقات مستمرة يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها.
وتدفقت على مدى شهرين الإمدادات النفطية إلى ميناء الحديدة، فيما دشنت رحلتان أسبوعيًا إلى مطار عمان، وبانتظار جدولة وتسيير رحلات أخرى إلى العاصمة الأردنية عمان.

فك الحصار.. لإعادة الثقة

وتدفع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بكل الثقل الدبلوماسي لتمديد الهدنة التي حظيت بدعم دولي واسع. وقال المحلل السياسي معتز الشرجبي لـ”المشاهد” إن “أبرز أسباب استمرار النزاع والصراع في اليمن هو عدم ثقة الأطراف ببعضها سواء على المستوى القيادي أو حتى المجتمعي والشعبي”.
وأضاف الشرجبي: “كل طرف يتهم الطرف الآخر بتعمد تطويل واستمرار الصراع والتنصل من إظهار حسن النية والسعي نحو إيجاد مخرج من الحرب وإحلال السلام”.
وأشار الشرجبي، وهو مدرب في بناء السلام والنوع الاجتماعي، إلى أن فتح المنافذ بشكل كامل سيكون فرصة ذهبية ولن تتكرر، ستسهم بشكل جوهري في إعادة الثقة بين الأطراف ولو بشكل بسيط.
وبين أن هذا الأمر سيعمل على حلحلة باقي المشاكل وزيادة فرص تمديد الهدنة ونجاحها واستكمال مسارات التفاوض والخروج بحل نهائي ينهي سبع سنوات من الحرب في اليمن.

إقرأ أيضاً  وسيلة النساء لتحسين ميزانية الأسرة في رمضان 

مظاهرات تطالب بفتح الطرق

وللأسبوع الثاني على التوالي، تشهد مدينة تعز مظاهرات ووقفات احتجاجية بمشاركة الآلاف، للمطالبة بفتح كافة الطرق المؤدية إلى تعز، خصوصًا مع قرب انتهاء مدة الهدنة.
وقال الصحفي والناشط الاجتماعي نائف الوافي لـ”المشاهد” إن دعوته جاءت مع بقية النشطاء الصحفيين والحقوقيين للخروج في فعاليات احتجاجية تزامنًا مع الهدنة الأممية الإنسانية التي تم فيها فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، باعتباره الوقت المناسب للمطالبة برفع الحصار عن تعز التي تعاني من كارثة إنسانية مستمرة منذ ثماني سنوات.
ويضيف الوافي أن الطرق البديلة التي يسلكها أبناء تعز إلى المناطق الأخرى المرتبطة بالمدينة، وعرة جدًا، مما أسفر عن حوادث كارثية تؤدي إلى الموت في كثير من الأحيان.
وأطلق نشطاء وحقوقيون حملة إلكترونية واسعة للمطالبة برفع الحصار عن المدينة، باعتبار فتح الطرق والمعابر وكسر الحصار “أسهل من فتح مطار صنعاء”، وكلاهما قضايا إنسانية ذات أولوية أيضًا.
وتظاهر العشرات من أبناء الجاليات اليمنية في الدول الأوروبية وتركيا، للمطالبة بإنهاء الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تعز.

حصار تعز يخلف كارثة إنسانية

وقال الصحفي آدم الحريبي، لـ”المشاهد” إن حصار مدينة تعز يرتبط بشكل وثيق بشتى نواحي حياة المواطن في المدينة، ويؤثر عليه اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا.
وأضاف الحريبي أن رفع الحصار وفتح الطرق سينعكس إيجابيًا على سعر السلع التي ارتفعت بفعل دفع الضرائب أضعافًا مرورًا بالطرق البديلة والوعرة.
وأشار إلى أن “عودة الحركة في منافذ تعز الرئيسية المغلقة عودة لحركة الشارع والتجارة، ما قد يسهم بشكل مباشر في تحسين المستوى المادي لدى الأسر، وهو انتهاء لمعاناة السفر إلى الطرف الآخر من المدينة عبر الطريق الذي يستغرق حوالي 8 ساعات، ويخفف معاناة نحو 4 ملايين مواطن يسكنون المحافظة في جميع الاتجاهات”.
وأكد أن فتح المعابر يشكل فائدة للجميع سواء سكان تعز أو من يعيشون في ضواحيها وفي المحافظات الأخرى.

حصار التعزيين خارج المحافظة

من جانبه، يقول أديب السامعي الذي يسكن صنعاء، لـ”المشاهد”: “يصعب علينا العودة بسبب الحصار الذي تشهده تعز، والذي تسبب بمعاناة كبيرة للمواطن داخل المدينة وخارجها”.
ويضيف السامعي، وهو ناشط إعلامي، أن “قطع الطرقات وارتفاع الأسعار وعدم توفر سبل المعيشة اضطر بعض أبناء المحافظة للبحث عن سبل المعيشة في محافظات أخرى لإعالة أسرهم بعيدًا عنهم، ولم يتمكنوا من زيارتهم بسبب قطع الطرقات وصعوبة الطرق البديلة وارتفاع تكاليف أجرتها، وأنا واحد منهم”.
ويشير إلى أن رفع الحصار “سيخفف المعاناة التي نعيشها، وسوف نتمكن من الحركة بحرية بين المحافظات، ونتمكن من زيارة أقاربنا وأسرنا، وتنتهي الغربة التي نعيشها على أرض الوطن”.
ويناشد الأمم المتحدة التي ترعى الاجتماع، طرح ملف قضية حصار تعز كقضية إنسانية ذات أولوية، وإلزام الأطراف المتصارعة بالموافقة على فك الحصار لحل الكارثة الإنسانية التي نعيشها.

مقالات مشابهة